ب اوهو

الثانوية العامة ٣ثانوي. /عقوبة من قتل نفسه؟/ وصف الجنة والحور العين /المدونة التعليمبة الثانية أسماء صلاح ٣.ثانوي عام/ الفتن ونهاية العالم /المقحمات ا.قانون الحق الإلهي اا /القرانيون الفئة الضالة اوه /قواعد وثوابت قرانية / مسائل صحيح مسلم وشروح النووي الخاطئة عليها اوهو /المسائل الفقهية في النكاح والطلاق والمتعة والرجعة /مدونة الصفحات المقتوحة /الخوف من الله الواحد؟ /قانون ثبات سنة الله في الخلق /اللهم ارحم أبي وأمي والصالحين /السيرة النبوية /مدونة {استكمال} مدونة قانون الحق الإلهي /مدونة الحائرين /الجنة ومتاعها والنار وسوء جحيمها عياذا بالله الواحد. /لابثين فيها أحقابا /المدونة المفتوحة /نفحات من سورة الزمر /أُمَّاهُ عافاكِ الله ووالدي ورضي عنكما ورحمكما/ ترجمة معان القران /مصنفات اللغة العربية /كتاب الفتن علامات القيامة لابن كثير /قانون العدل الإلهي /الفهرست /جامعة المصاحف /قانون الحق الإلهي /تخريجات أحاديث الطلاق متنا وسندا /تعلم للتفوق بالثانوية العامة /مدونات لاشين /الرافضة /قانون الحق الألهي ٣ /قانون الحق الإلهي٤. /حدود التعاملات العقائدية بين المسلمين /المقحمات اا. /منصة الصلاة اا /مدونة تخفيف

الاثنين، 7 يونيو 2021

ك2.. كتاب : الشريعة للآجري المؤلف : الآجري

 ك2.. كتاب : الشريعة للآجري المؤلف : الآجري

باب ذكر ما أخبر الله تعالى أنه أرسل الشياطين على الكافرين

يضلونهم ولا يضلون إلا من سبق في علمه أنه لا يؤمن ولا يضرون أحدا إلا بإذن الله وكذلك السحرة لا يضرون أحدا إلا بإذن الله . قال الله تعالى في سورة البقرة : واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا (1) إلى قوله : فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله وقال تعالى : في سورة مريم : ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا (2) وقال تعالى في سورة والصافات : فإنكم وما تعبدون ، ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم (3)

__________

(1) سورة : البقرة آية رقم : 102

(2) سورة : مريم آية رقم : 83

(3) سورة : الصافات آية رقم : 161

326 - قال : أخبرنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي قال حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن خالد الحذاء ، عن الحسن في قول الله تعالى : ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم (1) قال : الشياطين لا يفتنون بضلالتهم إلا من أوجب الله تعالى له أن يصلى الجحيم

__________

(1) سورة : الصافات آية رقم : 162

327 - وأخبرنا الفريابي قال : نا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن عمر بن ذر قال : قال عمر بن عبد العزيز :

لو أراد الله تعالى أن لا يعصى ما خلق إبليس

، وهو رأس الخطيئة ، وإن في ذلك لعلما من كتاب الله جهله من جهله ، وعرفه من عرفه ثم قرأ : فإنكم وما تعبدون ، ما أنتم عليه بفاتنين ، إلا من هو صال الجحيم (1) قال محمد بن الحسين : وقال تعالى : وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم وحق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين (2) وقال تعالى في سورة الزخرف : ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين وإنهم ليصدونهم عن السبيل ، ويحسبون أنهم مهتدون (3) قال محمد بن الحسين : قد أخبركم الله تعالى يا مسلمون أنه يرسل الشياطين على من لم يجر له في مقدوره أنه مؤمن ، فيضلهم بالشياطين ، فيزينون لهم قبيح ما هم عليه ، وقد أخبرنا الله تعالى أنه هو الذي فتن قوم موسى ، حتى عبدوا العجل بما قبض لهم السامري ، فأضلهم بما عمل لهم من العجل ، ألم تسمعوا إلى قوله لموسى عليه السلام : فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري (4) وقال تعالى : في سورة الأنبياء : ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون (5) وقال تعالى : في سورة حم المؤمن : وكذلك زين لفرعون سوء عمله ، وصد عن السبيل (6)

__________

(1) سورة : الصافات آية رقم : 161

(2) سورة : فصلت آية رقم : 25

(3) سورة : الزخرف آية رقم : 36

(4) سورة : طه آية رقم : 85

(5) سورة : الأنبياء آية رقم : 35

(6) سورة : غافر آية رقم : 37

باب ذكر ما أخبر الله تعالى أن مشيئة الخلق تبع لمشيئة

الله سبحانه وتعالى فمن شاء الله له أن يهتدي اهتدى ، ومن شاء أن يضل لم يهتد أبدا ، قال الله تعالى في سورة البقرة : كان الناس أمة واحدة ، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين ، وأنزل معهم الكتاب بالحق ، ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ، وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات ، بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم (1) وقال تعالى فيها : ولو شاء الله ما اقتتلوا ، ولكن الله يفعل ما يريد (2) وقال تعالى في سورة الأنعام : وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتأتيهم بآية ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين (3) وقال تعالى في هذه السورة : والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم وقال تعالى : اتبع ما أوحي إليك من ربك ، لا إله إلا هو ، وأعرض عن المشركين ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل (4) وقال تعالى : ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة ، وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ، ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون (5) وقال تعالى في سورة هود : ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين (6)

__________

(1) سورة : البقرة آية رقم : 213

(2) سورة : البقرة آية رقم : 253

(3) سورة : الأنعام آية رقم : 35

(4) سورة : الأنعام آية رقم : 106

(5) سورة : الأنعام آية رقم : 111

(6) سورة : هود آية رقم : 118

328 - أخبرنا الفريابي قال : نا أبو بكر بن أبي شيبة قال : نا إسماعيل بن علية ، عن منصور بن عبد الرحمن قال : قلت للحسن : قوله تعالى : ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم (1) قال : ومن رحم ربك غير مختلفين وقلت : ولذلك خلقهم ؟ قال : نعم ، خلق هؤلاء للجنة ، وخلق هؤلاء للنار ، وخلق هؤلاء للرحمة ، وخلق هؤلاء للعذاب

__________

(1) سورة : هود آية رقم : 118

329 - وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن خالد الحذاء قال : قدم علينا رجل من أهل الكوفة ، وكان مجانبا للحسن ، لما كان يبلغه عنه في القدر ، حتى لقيه ، فسأله الرجل أو سئل ، عن هذه الآية ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم (1) قال : لا يختلف أهل رحمة الله ، قال : ولذلك خلقهم (2) ؟ قال : خلق الله تعالى أهل الجنة للجنة ، وأهل النار للنار قال : فكان الرجل بعد ذلك يكذب عن الحسن وقال تعالى في سورة إبراهيم عليه السلام : وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ، ويهدي من يشاء ، وهو العزيز الحكيم (3) وقال تعالى في سورة النور : لقد أنزلنا آيات مبينات والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم (4) وقال تعالى في سورة القصص لنبيه عليه الصلاة والسلام : إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ، وهو أعلم بالمهتدين (5) وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم في سورة الملائكة : إن الله يسمع من يشاء ، وما أنت بمسمع من في القبور ، إن أنت إلا نذير (6) وقال تعالى في سورة حم عسق : ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة ولكن يدخل من يشاء في رحمته (7) وقال في سورة المدثر : كلا إنه تذكرة فمن شاء ذكره ، وما يذكرون إلا أن يشاء الله ، هو أهل التقوى وأهل المغفرة (8) وقال تعالى في سورة : هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا (9) بعد أن حذر من النار ، وشوق إلى الجنات مما أعد فيها لأوليائه ، فقال بعد ذلك : إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا (10) ثم قال : وما تشاءون إلا أن يشاء الله ، إن الله كان عليما حكيما يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما (11) وقال تعالى في سورة إذا الشمس كورت : لمن شاء منكم أن يستقيم ، وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين (12)

__________

(1) سورة : هود آية رقم : 118

(2) سورة : هود آية رقم : 119

(3) سورة : إبراهيم آية رقم : 4

(4) سورة : النور آية رقم : 46

(5) سورة : القصص آية رقم : 56

(6) سورة : فاطر آية رقم : 22

(7) سورة : الشورى آية رقم : 8

(8) سورة : المدثر آية رقم : 54

(9) سورة : الإنسان آية رقم : 1

(10) سورة : الإنسان آية رقم : 29

(11) سورة : الإنسان آية رقم : 30

(12) سورة : التكوير آية رقم : 28

330 - أخبرنا الفريابي قال : حدثنا أبو أنس مالك بن سليمان قال : نا بقية بن الوليد ، عن عمر بن محمد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبي هريرة قال :

لما أنزل الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم

: لمن شاء منكم أن يستقيم (1) قالوا : الأمر إلينا ، إن شئنا استقمنا ، وإن شئنا لم نستقم ، فأنزل الله عز وجل : وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين (2) قال محمد بن الحسين : اعتبروا يا مسلمون ، هل لقدري في جميع ما تلوته حجة ؟ إلا خذلانا وشقوة

__________

(1) سورة : التكوير آية رقم : 28

(2) سورة : التكوير آية رقم : 29

331 - أخبرنا الفريابي قال : حدثنا محمد بن إسماعيل قال : حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي قال : قال مالك بن أنس :

ما أضل من كذب بالقدر لو لم يكن عليهم فيه

حجة إلا قوله تعالى : هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن (1) لكفى بها حجة

__________

(1) سورة : التغابن آية رقم : 2

332 - وأخبرنا الفريابي قال : نا أبو أنس مالك بن سليمان قال : حدثنا بقية ، يعني ابن الوليد ، عن مبشر بن عبيد ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس : وفي قول الله تعالى :

كما بدأكم تعودون ، فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة

(1) « وكذلك خلقهم حين خلقهم ، فجعلهم مؤمنا وكافرا ، وسعيدا وشقيا ، وكذلك يعودون يوم القيامة مهتدين وضلالا »

__________

(1) سورة : الأعراف آية رقم : 29

333 - وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان يعني الثوري ، عن سالم بن أبي حفصة ، عن محمد بن كعب القرظي : في قول الله تعالى : ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر (1) قال : نزلت تعييرا لأهل القدر

__________

(1) سورة : القمر آية رقم : 48

334 - وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا أنس بن عياض ، عن أبي حازم قال : قال الله تعالى : فألهمها فجورها وتقواها (1) قال : فالتقي ألهمه التقوى ، والفاجر ألهمه الفجور

__________

(1) سورة : الشمس آية رقم : 8

335 - قال محمد بن الحسين : وقد قال زيد بن أسلم :

والله ما قالت القدرية كما قال الله تعالى ، ولا

كما قالت الملائكة ، ولا كما قال النبيون ، ولا كما قال أهل الجنة ، ولا كما قال أهل النار ، ولا كما قال أخوهم إبليس ، قال الله تعالى : وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين (1) وقالت الملائكة : سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا (2) وقال النبيون منهم شعيب عليه السلام : وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا (3) وقال أهل الجنة : الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله (4) وقال أهل النار : ربنا غلبت علينا شقوتنا (5) وقال أخوهم إبليس رب بما أغويتني (6) . أخبرنا الفريابي بذلك قال : حدثنا خلف بن محمد الواسطي المعروف بكردوس قال : حدثنا يعقوب بن محمد قال حدثنا الزبير بن خبيب ، عن زيد بن أسلم أنه قال هذا قال محمد بن الحسين : وصدق زيد بن أسلم ، ونحن نزيد على ما قاله زيد بن أسلم ، مما قالته الأنبياء ، مما هو حجة على أهل القدر ، ومما قاله أهل النار بعضهم لبعض ، مما فيه حجة على أهل القدرية فأول ما أبدأ بذكره هاهنا بعد ذكرنا لما مضى زيادة على ما قال زيد بن أسلم ذكرنا عن الله تعالى ما قاله ، مما يفتضح به أهل القدر ، ونذكر ما قالته الأنبياء مما هو رد على أهل القدر ، الذين زيغ بهم عن طريق الحق ، والذي قد لعب بهم الشيطان واستحوذ عليهم ، وخالفوا سبيل المؤمنين ، قال الله تعالى في قوم أشقاهم وأضلهم عن طريق الحق ، فقال جل ذكره : ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون (7) قال محمد بن الحسين : هكذا القدري يقال له : قال الله كذا ، وقال : كذا وقال النبي صلى الله عليه وسلم : كذا وقال : كذا ، وقالت الأنبياء : كذا ، وقالت صحابة نبينا : كذا ، وقالت أئمة المسلمين : كذا ، فلا يسمع ولا يعقل إلا ما هو عليه من مذهبه الخبيث ، أعاذنا الله وإياكم من سوء مذهبهم ، ورزقنا وإياكم التمسك بالحق ، وثبت قلوبنا على شريعة الحق ، إنه ذو فضل عظيم ، وأعاذنا من زيغ القلوب ، فإن المؤمنين قد علموا أن قلوبهم بيد الله ، يزيغها إذا شاء عن الحق ، ويهديها إذا شاء إلى الحق ، من لم يؤمن بهذا كفر قال الله تعالى فيما أرشد أنبياءه إليه والمؤمنين من الدعاء ، أرشدهم في كتابه أن يقولوا : ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ، وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب (8)

__________

(1) سورة : التكوير آية رقم : 29

(2) سورة : البقرة آية رقم : 32

(3) سورة : الأعراف آية رقم : 89

(4) سورة : الأعراف آية رقم : 43

(5) سورة : المؤمنون آية رقم : 106

(6) سورة : الحجر آية رقم : 39

(7) سورة : الأنعام آية رقم : 111

(8) سورة : آل عمران آية رقم : 8

336 - أخبرنا أبو زكريا يحيى بن محمد الحنائي قال : حدثنا محمد بن عبيد بن حساب قال : حدثنا حماد بن زيد قال : حدثنا يونس ، وهشام ، والمعلى بن زياد ، عن الحسن قال : قالت عائشة رضي الله عنها : دعوة كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يدعو بها : « يا مقلب القلوب ، ثبت قلبي على دينك قالت : قلت فقلت : يا رسول الله ، ما دعوة أسمعك تكثر أن تدعو بها ؟ فقال : »

إنه ليس من أحد إلا وقلبه بين إصبعين من أصابع

الله تعالى إن شاء أن يقيمه أقامه ، وإن شاء أن يزيغه (1) أزاغه (2) « قال محمد بن الحسين رحمه الله : ثم نذكر ما قالته الأنبياء عليهم السلام خلاف ما قالته القدرية قال نوح عليه السلام لقومه لما قالوا : يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون (3) وقال شعيب لقومه : قال الله تعالى : قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أو لو كنا كارهين قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شيء علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا الآية وقال شعيب أيضا لقومه : وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت ، وما توفيقي إلا بالله ، عليه توكلت وإليه أنيب (4) وقال تعالى في قصة يوسف عليه السلام : ولقد همت به ، وهم بها ، لولا أن رأى برهان ربه ، كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء ، إنه من عبادنا المخلصين (5) وقال يوسف عليه السلام : رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه ، وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن ، وأكن من الجاهلين (6) قال الله عز وجل : فاستجاب له ربه ، فصرف عنه كيدهن ، إنه هو السميع العليم (7) وقال إبراهيم عليه السلام : رب اجعل هذا البلد آمنا ، واجنبني وبني أن نعبد الأصنام (8) وقال موسى عليه السلام لما دعا على قومه فقال : ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ، ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم ، واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما (9) وقال تعالى فيما أخبر عن أهل النار : وبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء قالوا لو هدانا الله لهديناكم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص (10) قال محمد بن الحسين : فقد أقر أهل النار أن الهداية من الله لا من أنفسهم قال محمد بن الحسين : اعتبروا رحمكم الله قول الأنبياء عليهم السلام وقول أهل النار ، كل ذلك حجة على القدرية ، واعلموا رحمكم الله أن الله عز وجل بعث رسله ، وأمرهم بالبلاغ ، حجة على من أرسلوا إليهم ، فلم يجبهم إلى الإيمان إلا من سبقت له من الله تعالى الهداية ، ومن لم يسبق له من الله الهداية ، وفي مقدوره أنه شقي من أهل النار لم يجبهم ، وثبت على كفره ، وقد أخبركم الله تعالى يا مسلمون بذلك ، نعم ، وقد حرص نبينا صلى الله عليه وسلم ، والأنبياء من قبله ، على هداية أممهم ، فما يقع حرصهم ، إذا كان في مقدور الله أنهم لا يؤمنون ، فإن قال قائل : بين لنا هذا الفصل من كتاب الله تعالى ، فإنا نحتاج إلى معرفته ، قيل له : قال الله تعالى في سورة النحل : ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ، ومنهم من حقت عليه الضلالة ، فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين (11) ثم قال لنبيه صلى الله عليه وسلم : إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل ، وما لهم من ناصرين (12) ثم قال لنبيه صلى الله عليه وسلم ، وقد أحب هداية بعض من يحبه ، فأنزل الله تعالى : إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين (13) وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم أيضا : قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا ، إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير ، وما مسني السوء ، إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون (14) وقال تعالى : وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ، ليبين لهم ، فيضل الله من يشاء ، ويهدي من يشاء ، وهو العزيز الحكيم (15) قال محمد بن الحسين رحمه الله : كل هذا بين لكم الرب تعالى به أن الأنبياء إنما بعثوا مبشرين ومنذرين ، وحجة على الخلق ، فمن شاء الله تعالى له الإيمان آمن ، ومن لم يشأ له الإيمان لم يؤمن ، قد فرغ الله تعالى من كل شيء ، قد كتب الطاعة لقوم ، وكتب المعصية على قوم ، ويرحم أقواما بعد معصيتهم إياه ، ويتوب عليهم ، وقوم لا يرحمهم ، ولا يتوب عليهم : لا يسأل عما يفعل وهم يسألون (16)

__________

(1) يزيغه : يميله عن الحق

(2) أزاغ : أمال عن الحق

(3) سورة :

(4) سورة : هود آية رقم : 88

(5) سورة : يوسف آية رقم : 24

(6) سورة : يوسف آية رقم : 33

(7) سورة : يوسف آية رقم : 34

(8) سورة : إبراهيم آية رقم : 35

(9) سورة : يونس آية رقم : 88

(10) سورة : إبراهيم آية رقم : 21

(11) سورة : النحل آية رقم : 36

(12) سورة : النحل آية رقم : 37

(13) سورة : القصص آية رقم : 56

(14) سورة : الأعراف آية رقم : 188

(15) سورة : إبراهيم آية رقم : 4

(16) سورة : الأنبياء آية رقم : 23

337 - أخبرنا الفريابي قال : نا أبو بكر بن أبي شيبة قال : نا وكيع ، عن سفيان ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عمن سمع عبيد بن عمير قال :

قال آدم عليه السلام : يا رب أرأيت ما ابتدعته

: من قبل نفسي أو شيء قدرته علي قبل أن تخلقني ؟ قال : لا ، بل شيء قدرته عليك قبل أن أخلقك قال : فذلك قوله تعالى : فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم (1)

__________

(1) سورة : البقرة آية رقم : 37

338 - وحدثني أبو حفص عمر بن محمد بن بكار القافلائي قال : حدثنا الحسن بن يحيى الجرجاني قال : حدثنا عبد الرزاق قال : أنبأ الثوري ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن عبيد بن عمير قال : «

قال آدم عليه السلام لربه تعالى وذكر خطيئته : يا

رب ، أرأيت معصيتي التي عصيتك : أشيء كتبته علي قبل أن تخلقني أو شيء ابتدعته من نفسي قال : بل شيء كتبته عليك قبل أن أخلقك قال : فكما كتبته علي فاغفر لي قال : فذلك قول الله تعالى : فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه (1) قال محمد بن الحسين : قد ذكرنا الحجة من كتاب الله تعالى فيما ابتدأنا بذكره من أمر القدر ، ثم نذكر الحجة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأن الحجة إذا كانت من كتاب الله تعالى ، ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فليس لمخالف حجة ، ونحن نزيد المسألة فنقول : ومن سنة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والتابعين لهم بإحسان ، وقول أئمة المسلمين من التابعين وغيرهم ، قال محمد بن الحسين : لقد شقي من خالف هذه الطريقة ، وهم القدرية ، فإن قال قائل : هم عندك أشقياء ؟ قلت : نعم فإن قال قائل : بم ذا ؟ قلت : كذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسماهم مجوس هذه الأمة ، وقال : » إن مرضوا ، فلا تعودوهم ، وإن ماتوا فلا تشهدوهم « وسنذكر هذا في بابه إن شاء الله تعالى قال محمد بن الحسين رحمه الله : ويقال لمن خالف هذا المذهب الذي بيناه في إثبات القدر من كتاب الله تعالى : اعلم يا شقي أنا لسنا أصحاب كلام ، والكلام على غير أصل لا تثبت به حجة ، وحجتنا كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ذكرنا ما حضرنا ذكره من كتاب الله تعالى ، وقد قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم : لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون (2) فقد بين صلى الله عليه وسلم لأمته ما فرضه الله تعالى عليهم ، من أداء فرائضه ، واجتناب محارمه ، ولم يدعهم سدى لا يعلمون ، بل بين لهم شرائع دينهم ، فكان مما بينه لهم : إثبات القدر على نحو مما تقدم ذكرنا له ، وهي سنن كثيرة سنذكرها أبوابا ، لا تخفى عند العلماء قديما ولا حديثا ، ولا ينكرها عالم ، بل إذا نظر فيها العالم إن شاء الله تعالى زادته إيمانا وتصديقا ، وإذ نظر فيها جاهل بالعلم ، أو بعض من قد سمع من قدري جاهل بكتاب الله عز وجل ، وسنن رسوله صلى الله عليه وسلم ، وسنن أصحابه ومن تبعهم بإحسان وسائر علماء المسلمين رضي الله عنهم ، فإن أراد الله عز وجل به خيرا كان سماعه لها سببا لرجوعه عن باطله ، وإن تكن الأخرى فأبعده الله وأسحقه

__________

(1) سورة : البقرة آية رقم : 37

(2) سورة : النحل آية رقم : 44

باب ذكر السنن والآثار المبينة بأن الله عز وجل خلق خلقه

، من شاء خلقه للجنة ، ومن شاء خلقه للنار ، في علم قد سبق

339 - أخبرنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد ، عن مالك بن أنس ، عن زيد بن أبي أنيسة أن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب رضي الله عنه أخبره عن مسلم بن يسار الجهني ، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سئل عن هذه الآية : وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين (1) فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عنها : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «

إن الله عز وجل لما خلق آدم عليه السلام

، مسح على ظهره بيمينه ، فاستخرج منه ذريته ، فقال : خلقت هؤلاء للجنة ، وبعمل أهل الجنة يعملون ، ثم مسح ظهره ، فاستخرج منه ذريته فقال : هؤلاء للنار ، وبعمل أهل النار يعملون فقام رجل ، فقال : يا رسول الله ، ففيم العمل ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : » إن الله عز وجل إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة ، حتى يموت على عمل أهل الجنة ، وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار ، حتى يموت وهو على عمل أهل النار فيدخله به النار «

__________

(1) سورة : الأعراف آية رقم : 172

340 - وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا هشام بن عمار الدمشقي قال : حدثنا أنس بن عياض قال : حدثنا الأوزاعي ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب أنه سمع أبا هريرة يقول : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : يا رسول الله ، أنعمل في شيء نأتنفه (1) ، أو في شيء فرغ منه ؟ قال : « بل في شيء قد فرغ منه » قال : ففيم العمل ؟ قال : « يا عمر ، لا يدرك ذلك إلا بالعمل » قال : إذا نجتهد يا رسول الله

__________

(1) نأتنفه : نستحدثه والمراد مستأنف لم يسبق به القضاء

341 - وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا شبابة بن سوار قال : حدثنا شعبة ، عن عاصم بن عبيد الله ، عن سالم بن عبد الله ، عن أبيه ، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : يا رسول الله

أرأيت ما نعمل فيه : أمر قد فرغ منه ، أو

في أمر مبتدع ، أو مبتدأ ؟ قال : « بل في أمر قد فرغ منه » ، فقال عمر : أفلا نتكل (1) ؟ فقال « اعمل يا ابن الخطاب ، فكل ميسر لما خلق له ، أما من كان من أهل السعادة فإنه يعمل للسعادة ، وأما من كان من أهل الشقاء ، فإنه يعمل للشقاء » ولحديث عمر رضي الله عنه طرق كثيرة اكتفينا منها بهذه

__________

(1) نتكل : نعتمد على ما كتب لنا في الأزل ونترك العمل

342 - وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا جرير يعني ابن عبد الحميد ، عن منصور ، عن سعد بن عبيدة ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : كنا في جنازة في بقيع الغرقد قال : فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقعد وقعدنا حوله ، ومعه مخصرة (1) فنكس (2) رأسه ، وجعل ينكت بمخصرته ثم قال : «

ما منكم من نفس منفوسة ، إلا وقد كتب مكانها

من الجنة أو النار ، وإلا قد كتبت شقية أو سعيدة ، فقال رجل : يا رسول الله ، أفلا نتكل على كتابنا ، وندع العمل ؟ فمن كان منا من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة ومن كان منا من أهل الشقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة فقال : » اعملوا ، فكل ميسر ، أما أهل السعادة فميسرون لعمل أهل السعادة ، وأما أهل الشقاوة فميسرون لعمل أهل الشقاوة « ، ثم قرأ : فأما من أعطى واتقى ، وصدق بالحسنى ، فسنيسره لليسرى ، وأما من بخل واستغنى ، وكذب بالحسنى ، فسنيسره للعسرى (3)

__________

(1) المخصرة : ما يَختصره الإنسان بيده فيُمسِكه من عصا أو عُكَّازةٍ أو مِقْرَعَةٍ أو قضيب وقد يتكئ عليه

(2) نكس : خفض رأسه

(3) سورة : الليل آية رقم : 5

343 - وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا منجاب بن الحارث ، وأبو بكر بن أبي شيبة قال منجاب : أخبرنا وقال أبو بكر : حدثنا أبو الأحوص ، عن منصور ، عن سعد بن عبيدة ، عن أبي عبد الرحمن ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة ، فلما انتهينا إلى بقيع الغرقد فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقعدنا حوله ، فأخذ عودا فنكت به الأرض ، ثم رفع رأسه فقال : «

ما منكم من أحد من نفس منفوسة إلا قد علم

مكانها من الجنة والنار ، وشقية أم سعيدة » فقال رجل من القوم : يا رسول الله ، أفلا ندع العمل ونقبل على كتابنا ، فمن كان منا من أهل السعادة صار إلى السعادة ، ومن كان منا من أهل الشقوة صار إلى الشقوة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اعملوا ، فكل ميسر ، فمن كان من أهل الشقوة ، يسر لعملها ، ومن كان من أهل السعادة يسر لعملها » ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأما من أعطى واتقى ، وصدق بالحسنى ، فسنيسره لليسرى ، وأما من بخل واستغنى ، وكذب بالحسنى ، فسنيسره للعسرى (1) وأخبرنا الفريابي قال : نا منجاب بن الحارث قال : نا ابن مسهر ، عن الأعمش ، عن سعد بن عبيدة ، عن أبي عبد الرحمن ، عن علي بن أبي طالب قال : بينا نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث نحوا منه ولحديث علي طرق جماعة ، اكتفينا منها بما ذكرناه

__________

(1) سورة : الليل آية رقم : 5

344 - وأخبرنا الفريابي قال : نا عمرو بن عثمان بن كثير بن دينار الحمصي قال : نا بقية يعني ابن الوليد قال : حدثنا الزبيدي قال : نا راشد بن سعد ، عن عبد الرحمن بن قتادة النصري ، عن هشام بن حكيم أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال يا رسول الله ، أتبتدأ الأعمال ، أم قضي القضاء ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «

إن الله تعالى أخذ ذرية آدم عليه السلام من ظهورهم

وأشهدهم على أنفسهم ، ثم أفاض بهم في كفه ، فقال : هؤلاء للجنة وهؤلاء للنار ، فأهل الجنة ميسرون لعمل أهل الجنة ، وأهل النار ميسرون لعمل أهل النار » ولهذا الحديث طرق

345 - وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا محمد بن مصفى قال : نا بقية بن الوليد قال : حدثني مبشر بن عبيد ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «

لما خلق الله آدم عليه السلام ضرب بيده على شق

آدم الأيمن ، فأخرج منه ذروا كالذر ، فقال : يا آدم ، هؤلاء ذريتك من أهل الجنة قال : ثم ضرب بيده على شق آدم الأيسر ، فأخرج منه ذرية كالذر (1) ، ثم قال : هؤلاء ذريتك من أهل النار »

__________

(1) الذر : ما يظهر في شعاع الشمس الداخل من النافذة

346 - وأخبرنا الفريابي قال : نا عبد الأعلى بن حماد قال : نا روح بن المسيب أبو رجاء الكلبي قال : سمعت يزيد الرقاشي قال : سمعت غنيم بن قيس قال : كان أبو موسى يعلمنا القرآن في هذا المسجد ، وهو قائم على رجليه ، يعلمنا آية آية ، فقال أبو موسى : قال النبي صلى الله عليه وسلم : «

إن الله تعالى يوم خلق آدم عليه السلام قبض من

صلبه (1) قبضتين ، فرفع كل طيب بيمينه ، وكل خبيث بشماله قال فقال : هؤلاء أصحاب اليمين ولا أبالي هؤلاء أصحاب الجنة ، وهؤلاء أصحاب الشمال ولا أبالي هؤلاء أصحاب النار قال : ثم أعادهم في صلب آدم ، فهم يتناسلون على ذلك إلى الآن »

__________

(1) الصلب : ظهر الإنسان

347 - أخبرنا الفريابي قال : نا قتيبة بن سعيد قال : نا الليث بن سعد ، عن أبي قبيل ، عن شفي بن ماتع ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي يده كتابان ، فقال : « أتدرون ما هذان الكتابان ؟ » قالوا : لا يا رسول الله ، إلا أن تخبرنا ، فقال للذي في يده اليمنى : « هذا كتاب من رب العالمين ، فيه أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم ، ثم أجمل على آخرهم ، فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبدا ، وقال للذي في شماله : هذا كتاب أهل النار بأسمائهم وأسماء آبائهم وقبائلهم ، ثم أجمل على آخرهم ، فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبدا » ، فقال أصحابه : ففيم العمل يا رسول الله إن كان قد فرغ منه ؟ فقال : «

سددوا وقاربوا ، فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل

الجنة ، وإن عمل أي عمل ، وإن صاحب النار يختم له بعمل أهل النار ، وإن عمل أي عمل » ثم قال بيده فنبذها ثم قال : « قد فرغ ربكم من العباد ، فريق في الجنة وفريق في السعير (1) »

__________

(1) سورة : الشورى آية رقم : 7

348 - وأخبرنا الفريابي قال : نا قتيبة بن سعيد قال : نا بكر بن مضر ، عن أبي قبيل ، عن شفي ، عن عبد الله بن عمرو قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : « هذا كتاب كتبه رب العالمين ، فيه تسمية أهل الجنة ، وتسمية آبائهم ، ثم أجمل على آخرهم ، فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم ، وهذا كتاب كتبه رب العالمين ، فيه تسمية أهل النار ، وتسمية آبائهم ، ثم أجمل على آخرهم ، فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم » ، قالوا : ففيم العمل يا رسول الله ؟ قال : «

إن عامل الجنة يختم له بعمل أهل الجنة ، وإن

عمل أي عمل ، وإن عامل النار يختم له بعمل أهل النار ، وإن عمل أي عمل ، فرغ الله تعالى من خلقه » ثم قرأ : فريق في الجنة وفريق في السعير (1)

__________

(1) سورة : الشورى آية رقم : 7

349 - وأخبرنا الفريابي قال : نا أبو بكر بن أبي شيبة قال : نا علي بن هاشم ، عن ابن أبي ليلى ، عن أبي الزبير عن جابر قال : قام سراقة بن جعشم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، أخبرنا عن أعمالنا كأنا خلقنا الساعة : أشيء ثبت به الكتاب ، وجرت به المقادير أم شيء نستأنفه ؟ قال : لا بل شيء ثبت به الكتاب وجرت به المقادير « قال : يا رسول الله ، ففيم العمل ؟ فقال : »

اعملوا فكل ميسر لعمله

«

350 - وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا إسحاق بن راهويه قال : نا إسماعيل بن إبراهيم قال : نا يزيد الرشك ، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير ، عن عمران بن حصين أن رجلا قال : يا رسول الله ، أعلم أهل الجنة من أهل النار ؟ قال : « نعم » قال : ففيم يعمل العاملون ؟ فقال : « اعملوا فكل ميسر » أو كما قال

351 - وأخبرنا الفريابي قال : نا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي قال : نا الوليد بن مسلم قال : نا الأوزاعي قال : حدثني ربيعة بن يزيد ، عن عبد الله بن الديلمي ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «

إن الله تعالى خلق خلقه في ظلمة ، وألقى عليهم

من نوره ، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى به ، ومن أخطأه ضل » قال عبد الله بن عمرو : ولذلك أقول : جف القلم بما هو كائن

352 - وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني ، عن عبد الله بن الديلمي قال : سمعت عبد الله بن عمرو يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «

إن الله خلق خلقه في ظلمة ، فألقى عليهم من

نوره ، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى ، ومن أخطأه ضل » ولذلك أقول : جف القلم على علم الله تعالى

353 - أخبرنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : حدثنا الحسين بن علي الحلواني قال : نا أبو توبة الربيع بن نافع ، عن بقية بن الوليد قال : حدثنا أرطاة بن المنذر ، عن مجاهد ، عن ابن عمر قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم «

أول شيء خلقه الله عز وجل القلم ، فأخذه بيمينه

، وكلتا يديه يمين ، فكتب الدنيا وما يكون فيها من عمل معمول ، بر أو فجور رطب أو يابس ، فأمضاه عنده في الذكر ، » ثم قال : « اقرءوا إن شئتم : هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون (1) فهل يكون النسخة إلا من شيء قد فرغ منه »

__________

(1) سورة : الجاثية آية رقم : 29

354 - أخبرنا الفريابي قال : نا أبو أنس مالك بن سليمان الألهاني الحمصي قال : حدثنا بقية بن الوليد ، عن أرطاة بن المنذر ، عن مجاهد بن جبر أنه بلغه عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «

إن أول شيء خلقه الله تعالى القلم ، فأخذه بيمينه

، وكلتا يديه يمين قال : فكتب الدنيا وما يكون فيها من عمل معمول ، بر أو فجور ، رطب أو يابس ، فأحصاه عنده في الذكر » ثم قال : « اقرءوا إن شئتم : هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق ، إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون (1) فهل يكون النسخة إلا من أمر قد فرغ منه ؟

__________

(1) سورة : الجاثية آية رقم : 29

باب الإيمان بأن الله تعالى قدر المقادير على العباد قبل أن

يخلق السموات والأرض

355 - أخبرنا الفريابي قال : نا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي قال : نا عبد الله بن وهب قال : نا أبو هانئ عن أبي عبد الرحمن الحبلي عبد الله بن يزيد ، عن عبد الله بن عمرو قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «

فرغ الله تعالى من مقادير الخلق ، قبل أن يخلق

السموات والأرض بخمسين ألف سنة ، وكان عرشه على الماء »

356 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري قال : نا يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرنا عبد الله بن وهب قال : أخبرني أبو هانئ الخولاني ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : «

كتب ربكم تعالى مقادير الخلائق كلها قبل أن يخلق السموات

والأرض بخمسين ألف سنة » قال : « وكان عرشه على الماء »

357 - وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا صفوان بن صالح قال : نا الوليد بن مسلم قال : نا ابن لهيعة ، عن أبي هانئ ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «

كتب الله تعالى مقادير الخلائق ، وعرشه على الماء

، قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة »

358 - وأخبرنا الفريابي قال : نا أبو مروان عبد الملك بن حبيب قال : حدثنا أبو إسحاق الفزاري ، عن الأعمش ، عن جامع بن شداد ، عن صفوان بن محرز ، عن عمران بن حصين قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه نفر من أهل اليمن فقالوا : أتيناك يا رسول الله لنتفقه في الدين ، نسألك عن أول هذا الأمر كيف كان ؟ فقال : «

كان الله تعالى ، ولم يكن شيء ، وكان عرشه

على الماء ، ثم كتب في الذكر كل شيء قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة »

باب الإيمان بما جرى به القلم مما يكون أبدا

359 - أخبرنا الفريابي قال : نا أبو مروان هشام بن خالد الأزرق الدمشقي قال : نا الحسن بن يحيى الخشني ، عن الحسين أبي عبد الله ، مولى بني أمية ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «

إن أول شيء خلقه الله القلم ، ثم خلق النون

، وهي الدواة ، ثم قال : اكتب قال : وما أكتب ؟ قال : اكتب ما يكون وما هو كائن من عمل أو أثر ، أو رزق أو أجل ، فكتب ما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة ، فذلك قوله عز وجل : ن والقلم وما يسطرون (1) ثم ختم على القلم فلم ينطق ، ولا ينطق إلى يوم القيامة »

__________

(1) سورة : القلم آية رقم : 1

360 - وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا زيد بن الحباب قال : حدثنا معاوية بن صالح قال : حدثني أيوب أبو زيد الحمصي ، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت ، عن أبيه ، أنه دخل على عبادة وهو مريض يرى فيه الموت ، فقال : يا أبة أوصني واجتهد ، قال : اجلس ، ثم قال : إنك لن تجد طعم الإيمان ولن تبلغ حقيقة الإيمان حتى تؤمن بالقدر ، خيره وشره ، قلت : وكيف لي أن أعلم خيره وشره ؟ قال : تعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك ، وإن ما أصابك لم يكن ليخطئك ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «

أول شيء خلقه الله القلم ، فقال له : اجر

، فجرى تلك الساعة إلى يوم القيامة بما هو كائن ، فإن مت وأنت على غير ذلك دخلت النار »

361 - وحدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن شاهين قال : حدثنا عبد الله بن عمر الكوفي قال : حدثنا إسحاق بن سليمان ، عن معاوية بن يحيى ، عن الزهري ، عن محمد بن عبادة بن الصامت قال : دخلت على أبي فقال : أي بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «

إن أول شيء خلقه الله عز وجل القلم فقال :

اكتب قال : وما أكتب قال : اكتب القدر ، فجرى تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة »

362 - أخبرنا أبو عبيد علي بن الحسين بن حرب القاضي قال : حدثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام العجلي قال : حدثنا المعتمر بن سليمان قال : حدثنا عصمة أبو عاصم ، عن عطاء بن السائب ، عن مقسم ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : «

إن أول ما خلق الله عز وجل من شيء القلم

، فخلقه من هجاء ، فقال : قلم ؟ فتصور قلما من نور ، ظله ما بين السماء والأرض ، فقال : اجر في اللوح المحفوظ قال : يا رب ، بماذا ؟ قال : بما يكون إلى يوم القيامة ، فلما خلق الله عز وجل الخلق ، وكل بالخلق حفظة يحفظون عليهم أعمالهم ، فإذا كان يوم القيامة : عرضت عليهم أعمالهم ، فقيل : هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون (1) أي من اللوح المحفوظ قال : فعورض بين الكتابين ، فإذا هما سواء »

__________

(1) سورة : الجاثية آية رقم : 29

363 - وحدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن شاهين قال : حدثنا أبو هشام الرفاعي قال : حدثنا محمد بن فضيل قال : حدثنا عطاء ، عن أبي الضحى ، عن ابن عباس قال : «

أول ما خلق الله عز وجل القلم ، فقال :

اكتب قال : وما أكتب ؟ قال : اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة ، ثم خلق النون ، وكبس على ظهره الأرض ، فذلك قوله عز وجل : ن ، والقلم وما يسطرون (1) »

__________

(1) سورة : القلم آية رقم : 1

364 - أخبرنا الفريابي قال : حدثنا منجاب بن الحارث قال : أخبرنا ابن مسهر ، عن الأعمش ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس قال : «

إن أول ما خلق الله عز وجل القلم فقال :

اكتب قال : رب ، وما أكتب ؟ قال : اكتب القدر ، فجرى بما يكون في ذلك إلى أن تقوم الساعة ، وكان عرشه على الماء ، ثم رفع بخار الماء ففتقت منه السموات ، ثم خلق النون ، فدحيت الأرض على ظهر النون ، فتحرك النون فمادت الأرض ، فأثبتت بالجبال ، وإنها لتفخر عليها »

365 - أخبرنا الفريابي قال : حدثنا أبو مروان عبد الملك بن حبيب المصيصي قال : حدثنا أبو إسحاق الفزاري ، عن سفيان يعني الثوري ، عن أبي هاشم ، عن مجاهد قال : قيل لابن عباس رضي الله عنهما : إن هاهنا قوما يقولون في القدر ، فقال : إنهم يكذبون بكتاب الله عز وجل ، لآخذن بشعر أحدهم فلأنصونه ،

إن الله عز وجل كان عرشه على الماء قبل أن يخلق

شيئا ، ثم خلق ، فكان أول ما خلق القلم ثم أمره فقال : اكتب ، فكتب ما هو كائن إلى قيام الساعة ، وإنما تجري الناس على أمر قد فرغ منه

باب الإيمان بأن الله عز وجل قدر على آدم عليه السلام

المعصية قبل أن يخلقه

366 - حدثنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن الصقر السكري قال : حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي قال : حدثنا عبد الله بن وهب قال : حدثنا هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «

إن موسى عليه السلام قال : يا رب ، أرنا

أبانا آدم الذي أخرجنا ونفسه من الجنة ، فأراه الله عز وجل آدم ، فقال له : أنت آدم ؟ قال : نعم ، فقال : أنت الذي نفخ الله فيك من روحه ، وعلمك الأسماء كلها ، ثم أمر ملائكته فسجدوا لك ؟ قال : نعم قال : فما حملك على أن أخرجتنا ونفسك من الجنة ؟ قال له آدم : ومن أنت ؟ قال : أنا موسى ، قال : نبي بني إسرائيل ؟ أنت الذي كلمك الله عز وجل من وراء حجاب ، لم يجعل بينك وبينه رسولا من خلقه ؟ قال : نعم قال : فهل وجدت في كتاب الله عز وجل أن ذلك كائن قبل أن أخلق ؟ قال : نعم قال : فلم تلومني في شيء قد سبق من الله عز وجل فيه القضاء قبل أن أخلق ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فحج آدم موسى » عليهما السلام

367 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن أبي داود قال : حدثنا أحمد بن صالح المصري ، وأبو الطاهر أحمد بن عمرو قالا : أخبرنا عبد الله بن وهب قال : أخبرني هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «

إن موسى عليه السلام قال : يا رب ، أرنا

آدم الذي أخرجنا من الجنة ، فأراه الله تعالى فقال : أنت أبونا آدم ؟ قال له آدم : نعم ؟ قال : أنت الذي نفخ الله عز وجل فيك من روحه ، وعلمك الأسماء كلها ، وأمر ملائكته فسجدوا لك ؟ قال : نعم قال : فما حملك على أن أخرجتنا ونفسك من الجنة ؟ قال له آدم : ومن أنت ؟ قال : أنا موسى قال : أنت نبي بني إسرائيل ؟ الذي كلمك الله من وراء الحجاب ولم يجعل بينك وبينه رسولا من خلقه ؟ قال : نعم قال : فما وجدت في كتاب الله تعالى أن ذلك كان في كتاب الله قبل أن أخلق ؟ قال : نعم ، قال : فلم تلومني في شيء قد سبق من الله فيه القضاء قبلي ؟ » قال : النبي صلى الله عليه وسلم : « فحج آدم موسى ، عليهما السلام »

368 - حدثنا الفريابي قال : نا أبو مسعود أحمد بن الفرات قال : أنبأنا موسى بن إسماعيل قال : نا حماد بن سلمة ، عن حميد ، عن الحسن ، عن جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «

احتج آدم وموسى عليهما السلام ، فقال موسى : يا

آدم ، أنت الذي خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه ، وأسجد لك ملائكته ، وأسكنك جنته ، وفعلت ما فعلت فأخرجت ولدك من الجنة ؟ فقال آدم ؟ أنت موسى الذي بعثك الله تعالى برسالاته ، وكلمك وآتاك التوراة وقربك نجيا ؟ أنا أقدم أم الذكر ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فحج آدم موسى »

369 - وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد ، عن مالك بن أنس ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «

تحاج آدم وموسى ، فحج آدم موسى ، فقال له

: أنت الذي أغويت الناس وأخرجتهم من الجنة ؟ فقال آدم : أنت موسى الذي أعطاك الله علم كل شيء ، واصطفاك على الناس برسالاته ؟ قال : نعم قال : فلم تلومني على أمر قدر علي قبل أن أخلق ؟ »

370 - وأخبرنا أبو بكر بن أبي بكر قال : نا أحمد بن صالح قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو ، عن طاوس أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «

احتج آدم موسى ، فقال موسى : أنت آدم أبونا

، أخرجتنا من الجنة وأشقيتنا ؟ قال له آدم : وأنت موسى اصطفاك الله بكلامه ، وخط لك يعني التوراة بيده ، أتلومني على أمر قد قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة ؟ فحج آدم موسى ، فحج آدم موسى ، فحج آدم موسى » قال عمرو : قال لنا طاوس : أخروا معبدا الجهني ، فإنه كان قدريا

371 - وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا عبد العزيز بن محمد ، عن عمرو بن أبي عمرو ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «

أحتج آدم وموسى ، فقال له موسى : يا آدم

، خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه ، ثم أمر الملائكة فسجدوا لك ، وأمرك أن تسكن الجنة ، فتأكل منها رغدا (1) حيث شئت ، ونهاك عن شجرة واحدة ، فعصيت ربك فأكلت منها ؟ فقال : يا موسى ، ألم تعلم أن الله تعالى قدر ذلك علي قبل أن يخلقني ؟ » فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لقد حج آدم موسى ، لقد حج آدم موسى » قال محمد بن الحسين : ولحديث أبي هريرة طرق كثيرة ، اكتفينا منها بهذا

__________

(1) الرغد : الهنيء الذي لا عناء فيه

باب الإيمان بأن السعيد والشقي من كتب في بطن أمه

372 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : أخبرنا محمد بن الصباح الدولابي قال : أخبرنا إسماعيل بن زكريا ، عن الأعمش ، عن زيد بن وهب عن عبد الله بن مسعود قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق : «

إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين ليلة

، ثم يكون علقة (1) مثل ذلك ، ثم يكون مضغة (2) مثل ذلك ، ثم يبعث الله تعالى إليه ملكا فيؤمر بأربع كلمات ، فيكتب عمله وأجله ورزقه وشقي أم سعيد ، ثم ينفخ فيه الروح ، فإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة ، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار ، فيدخل النار ، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار ، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب ، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها »

__________

(1) العلقة : القطعة من الدم الغليظ الجامد

(2) المضغة : القطعة من اللحم

373 - وأخبرنا الفريابي قال : أخبرنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : أخبرنا وكيع قال : حدثنا الأعمش ، عن زيد بن وهب ، عن عبد الله قال : أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق : «

إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين ليلة

، ثم يكون علقة (1) مثل ذلك ، ثم يكون مضغة (2) مثل ذلك ، ثم يبعث الله إليه الملك ، ويؤمر بأربع كلمات ، فيكتب عمله ورزقه وأجله وشقي أم سعيد ، ثم ينفخ فيه الروح » فذكر الحديث إلى آخره قال محمد بن الحسين : ولحديث ابن مسعود طرق جماعة

__________

(1) العلقة : القطعة من الدم الغليظ الجامد

(2) المضغة : القطعة من اللحم

374 - وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو وهو ابن دينار عن أبي الطفيل ، عن حذيفة بن أسيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يدخل الملك على النطفة (1) بعد ما تصير في الرحم بأربعين ، أو بخمس وأربعين ليلة ، فيقول : أي رب ، ما هذا : أشقي أم سعيد ؟ فيقول الله تعالى : اكتب ، فيكتب ثم يقول : أذكر أم أنثى ؟ فيقول الله تعالى : اكتب ، فيكتب ثم يكتب رزقه وعمله ومصيبته ، ثم تطوى الصحف فلا يزاد فيها ولا ينقص »

__________

(1) النطفة : المني

375 - وأخبرنا الفريابي قال : أخبرنا صفوان بن صالح قال : أخبرنا الوليد بن مسلم قال : أخبرنا ابن جريج ، عن أبي الزبير ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال : سمعت عبد الله بن مسعود يقول : الشقي من شقي في بطن أمه ، والسعيد من وعظ بغيره ، فقلت : خزيا للشيطان ، يسعد الإنسان ويشقى من قبل أن يعمل ؟ فأتيت حذيفة بن أسيد الغفاري ، فحدثته بما قال عبد الله بن مسعود ، فقال : ألا أحدثك بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ؟ فقلت : بلى قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إذا استقرت النطفة (1) في الرحم ، اثنين وأربعين صباحا ، أتى ملك الأرحام فخلق لحمها وعظمها وسمعها وبصرها ثم يقول : يا رب ، أشقي أم سعيد ؟ فيقضي ربك بما يشاء فيها ، ويكتب الملك ، ثم يقول : يا رب ، أذكر أم أنثى ؟ فيقضي ربك ما يشاء ، ويكتب الملك ، ثم يذكر رزقه وأجله وعمله بمثل هذه القصة ثم يخرج الملك بصحيفته ما زاد فيها ولا نقص »

__________

(1) النطفة : المني

376 - أخبرنا أبو عبيد علي بن الحسين بن حرب قال : أخبرنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام قال : حدثنا محمد بن أبي عدي ، عن ابن جريج قال : حدثني أبو الزبير ، عن أبي الطفيل قال : سمعت عبد الله بن مسعود يقول : الشقي من شقي في بطن أمه ، والسعيد من وعظ بغيره قال : قلت : خزيا للشيطان ، أيسعد الإنسان ويشقى قبل أن يعمل ؟ قال : فلقي حذيفة بن أسيد ، فأخبره بما قال ابن مسعود قال : أفلا أخبرك بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلت : بلى قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «

إذا استقرت النطفة في الرحم اثنين وأربعين صباحا ، نزل

ملك الأرحام ، فخلق عظمها ولحمها ، وسمعها وبصرها ، ثم قال : أي رب ، أشقي أم سعيد ؟ فيقضي ربك ما يشاء ، ويكتب الملك ، أي رب ، أذكر أم أنثى ؟ فيقضي ربك ما يشاء ، ويكتب الملك ، أي رب ، أجله ، فيقضي ربك ما يشاء ، ويكتب الملك ، فيخرج الملك بالصحيفة ما زاد فيها ولا نقص »

377 - وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا إسحاق بن سيار النصيبي قال : نا أبو صالح عبد الله بن صالح قال : حدثني الليث بن سعد قال : حدثني يونس ، عن ابن شهاب ، أن عبد الرحمن بن هنيدة ، مولى عمر بن الخطاب أخبره ، عن عبد الله بن عمر أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «

إذا خلق الله النسمة قال ملك الأرحام معترضا : أي

رب أذكر أم أنثى ؟ قال : فيقضي الله تعالى إليه أمره قال : ثم يقول : أي رب ، أشقي أم سعيد ؟ قال فيقضي الله إليه أمره ، ثم يكتب بين عينيه ما هو لاق حتى النكبة ينكبها »

378 - وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : نا يحيى بن آدم ، عن حماد بن زيد ، عن عبيد الله بن أبي بكر أن أنس بن مالك حدثه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «

إن الله تعالى قد وكل بالرحم ملكا فيقول : أي

رب ، أنطفة ؟ أي رب أعلقة ؟ أي رب ، أمضغة ؟ فإذا أراد الله تعالى أن يقضي خلقها قال : يقول الملك ؟ أذكر أم أنثى ، أشقي أم سعيد ؟ فما الأجل ؟ فما الرزق ؟ فيكتب ذلك في بطن أمه »

379 - أخبرنا أبو عبيد علي بن الحسين بن حرب القاضي قال : حدثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام قال : نا أبو عامر العقدي ، عن الزبير بن عبد الله قال : حدثني جعفر بن مصعب قال : سمعت عروة بن الزبير يحدث عن عائشة : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «

إن الله حين يريد أن يخلق الخلق يبعث ملكا فيدخل

الرحم فيقول : أي رب ، ماذا ؟ فيقول : غلام أم جارية أو ما شاء الله أن يخلق في الرحم ، فيقول : أي رب ، أشقي أم سعيد ؟ فيقول : أشقي أو سعيد ، فيقول : أي رب ما أجله ؟ فيقول : كذا وكذا ، فيقول : أي رب ما رزقه ؟ فيقول : كذا وكذا ، فيقول : ما خلقه ؟ ما خلائقه ؟ فيقول : كذا وكذا ، فما شيء إلا وهو يخلق معه في الرحم »

380 - وأخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ناجية قال : نا وهب بن بقية الواسطي قال : أنا خالد يعني ابن عبد الله الواسطي ، عن يحيى بن عبيد الله ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : «

الشقي : من شقي في بطن أمه ، والسعيد :

من سعد في بطنها »

381 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن زياد النيسابوري قال : نا يونس بن عبد الأعلى في كتاب القدر قال : نا عبد الله بن وهب قال : أخبرني سعيد بن عبد الرحمن ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد الساعدي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «

إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة ، فيما يبدو للناس

، وإنه لمن أهل النار وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار ، فيما يبدو للناس ، وإنه لمن أهل الجنة »

382 - وأخبرنا أبو عبيد علي بن الحسين بن حرب قال : نا الحسن بن محمد الزعفراني قال : نا يزيد بن هارون قال : أنا حميد ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «

لا عليكم أن لا تعجبوا بأحد حتى تنظروا بم يختم

له فإن العامل يعمل زمانا من عمره ، أو برهة من دهره ، يعمل عملا صالحا لو مات عليه دخل الجنة ، ثم يتحول فيعمل بعمل سيئ ، وإن العبد ليعمل زمانا من عمره بعمل سيئ لو مات عليه دخل النار ، ثم يتحول فيعمل بعمل صالح ، وإذا أراد الله بعبد خيرا استعمله » ، قالوا : يا رسول الله ، كيف يستعمله ؟ قال : « يوفقه لعمل صالح ، ثم يقبضه عليه »

383 - وأخبرنا أبو عبد الله أحمد بن الحسين بن عبد الجبار الصوفي قال : حدثنا محرز بن عون قال : نا حسان بن إبراهيم ، عن نصر أبي جزي ، عن قتادة ، عن أبي حسان ، عن ناجية بن كعب ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «

خلق الله عز وجل يحيى بن زكريا في بطن أمه

مؤمنا ، وخلق فرعون في بطن أمه كافرا »

384 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال : نا عبد الله بن أيوب المخرمي قال : نا عبد الرحيم بن هارون الغساني قال : نا نصر بن طريف ، عن قتادة ، عن أبي حسان ، عن ناجية بن كعب ، عن عبد الله بن مسعود : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «

خلق الله يحيى بن زكريا في بطن أمه مؤمنا

، وخلق الله عز وجل فرعون في بطن أمه كافرا »

باب الإيمان بأنه لا يصح لعبد الإيمان ، حتى يؤمن بالقدر

خيره وشره لا يصح له الإيمان إلا به

385 - أخبرنا الفريابي قال : حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي قال : حدثنا الوليد بن مسلم قال : حدثنا عثمان بن أبي العاتكة قال : نا سليمان بن حبيب ، عن الوليد بن عبادة ، أن أباه عبادة بن الصامت : لما احتضر سأله ابنه عبد الرحمن فقال : يا أبة أوصني قال : أجلسوني فلما أجلسوه قال : « يا بني ، اتق الله ، ولن تتقي الله حتى تؤمن بالله ،

ولن تؤمن بالله حتى تؤمن بالقدر خيره وشره ، وتعلم أن

ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وما أخطأك لم يكن ليصيبك » ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « القدر هذا ، من مات على غير هذا دخل النار »

386 - أخبرنا الفريابي قال : نا أبو بكر بن أبي شيبة قال : زيد بن الحباب قال : نا معاوية بن صالح قال : حدثني أيوب أبو زيد الحمصي ، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت ، عن أبيه أنه دخل على عبادة وهو مريض يرى فيه أثر الموت ، فقال : يا أبة ، أوصني واجتهد قال : اجلس ، إنك لن تجد طعم الإيمان ، ولن تبلغ حقيقة الإيمان ، حتى تؤمن بالقدر خيره وشره ، قلت : وكيف لي أن أعلم خيره وشره ؟ قال : تعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «

أول شيء خلق الله القلم ، فقال له : اجر

، فجرى تلك الساعة إلى يوم القيامة بما هو كائن ، فإن مت وأنت على غير ذلك دخلت النار »

387 - وأخبرنا الفريابي قال : حدثني ميمون بن الأصبغ النصيبي قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية بن صالح أن أبا الزاهرية حدثه ، عن كثير بن مرة ، عن ابن الديلمي ، أنه لقي زيد بن ثابت فقال له : إني شككت في بعض القدر فحدثني لعل الله أن يجعل لي عندك فرجا قال زيد : نعم يا ابن أخي ، إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : «

إن الله تعالى لو عذب أهل السماء وأهل الأرض عذبهم

وهو غير ظالم لهم ، ولو رحمهم كانت رحمته إياهم خيرا لهم من أعمالهم ، ولو أن لامرئ مثل أحد ذهبا ينفقه في سبيل الله حتى ينفده ، لا يؤمن بالقدر خيره وشره دخل النار »

388 - أخبرنا الفريابي قال : نا أبو بكر ، وعثمان ابنا أبي شيبة قالا : أنا أبو الأحوص ، عن منصور ، عن ربعي بن حراش ، عن رجل ، من بني أسد ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «

أربع لن يجد رجل طعم الإيمان حتى يؤمن بهن :

لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، بعثني بالحق ، وأنه ميت ، ومبعوث من بعد الموت ، ويؤمن بالقدر كله »

389 - حدثنا عمر بن أيوب قال : نا إبراهيم بن عبد الله الهروي قال : أنا شريك بن عبد الله قال : نا منصور ، عن ربعي بن حراش ، عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «

لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع : لا إله إلا

الله وحده لا شريك له ، وأني رسول الله بعثني بالحق ، وحتى يؤمن بالبعث بعد الموت ، حتى يؤمن بالقدر خيره وشره »

390 - وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : نا ابن لهيعة ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «

لا يؤمن عبد ، حتى يؤمن بالقدر خيره وشره

»

391 - أخبرنا الفريابي قال : نا قتيبة بن سعيد قال : نا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن أبي حازم ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «

لن يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره

»

392 - أخبرنا الفريابي قال : نا أبو عبد الله محمد بن أبي بكر المقدمي قال : نا معاذ بن معاذ قال : نا كهمس بن الحسن ، عن عبد الله بن بريدة ، عن يحيى بن يعمر قال : كان أول من تكلم بالقدر بالبصرة معبد الجهني ، فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن ، فلقينا عبد الله بن عمر فقلنا إنه قد ظهر قبلنا أناس يقرءون القرآن ويتبعون العلم ، ويزعمون أن لا قدر ، وأن الأمر أنف (1) قال : « فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني منهم برئ ، وهم مني برآء ، والذي يحلف به ابن عمر : لو أن لأحدهم أحدا ذهبا ، فأنفقه ما قبله الله تعالى ، حتى يؤمن بالقدر خيره وشره » ، ثم قال : حدثني أبي عمر رضي الله عنه قال : « بينا نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبته إلى ركبته ، ووضع كفيه على فخذيه » فقال : « يا محمد أخبرني عن الإسلام » ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « أن

تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله

، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا » قال : « صدقت » فعجبنا أنه يسأله ويصدقه قال : « فأخبرني عن الإيمان قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ، قال : صدقت قال : فأخبرني عن الإحسان ؟ » قال : « أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك » ، ثم انطلق ، فلبثنا مليا (2) ثم قال لي : « يا عمر تدري من السائل ؟ » قلت : الله ورسوله أعلم قال : « فإنه جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم » وحدثنا الفريابي إملاء قال : نا إسحاق بن راهويه قال : أنا النضر بن شميل قال : نا كهمس بن الحسن قال : نا عبد الله بن بريدة ، عن يحيى بن يعمر ، وذكر الحديث بطوله إلى قوله : قال « أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره » قال : صدقت ، وذكر باقي الحديث

__________

(1) أُنُف : أي مُسْتأنَفٌ اسْتئنافا من غير أن يكون سبق به سابق قضاء وتقدير، وإنما هو مقصور على اختيارك ودخولك فيه

(2) مليا : وقتا طويلا

393 - حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : نا يوسف بن سعيد المصيصي قال : نا خالد بن يزيد القسري البجلي قال : نا إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، عن جرير بن عبد الله قال : جاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم في صورة شاب فقال : يا محمد ، ما الإيمان ؟ قال : «

أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، والقدر

خيره وشره » قال : صدقت قال : فعجبوا من تصديقه النبي صلى الله عليه وسلم قال : فأخبرني ، ما الإسلام ؟ قال : « أن تقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتحج البيت ، وتصوم رمضان » قال : صدقت قال : فأخبرني عن الإحسان قال : « الإحسان : أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك » قال : صدقت وذكر الحديث إلى قوله : « هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم »

باب ما ذكر في المكذبين بالقدر

394 - حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني قال : نا إبراهيم بن عبد الله الهروي قال : نا زكريا بن منظور قال : حدثنا أبو حازم ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «

القدرية مجوس هذه الأمة ، فإن مرضوا فلا تعودوهم

، وإن ماتوا فلا تشهدوهم »

395 - وأخبرنا الفريابي قال : نا نصر بن عاصم الأنطاكي قال : نا زكريا بن منظور قال : حدثني أبو حازم ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «

لكل أمة مجوس ، والقدرية مجوس هذه الأمة ، فإن

مرضوا فلا تعودوهم ، وإن ماتوا فلا تشهدوهم »

396 - وأخبرنا الفريابي قال : نا أبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق قال : حدثني أبو مصعب قال : نا الحكم بن سعيد السعيدي ، من ولد سعيد بن العاص عن الجعيد بن عبد الرحمن عن نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «

إنه سيكون في آخر الزمان قوم يكذبون بالقدر ، ألا

، وأولئك مجوس هذه الأمة ، فإن مرضوا فلا تعودوهم ، وإن ماتوا فلا تشهدوهم »

397 - وأخبرنا الفريابي قال : نا محمد بن مصفى قال : نا بقية بن الوليد ، عن الأوزاعي ، عن ابن جريح ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : «

إن مجوس هذه الأمة المكذبون بأقدار الله فإن مرضوا فلا

تعودوهم ، وإن ماتوا فلا تشهدوهم »

398 - وأخبرنا الفريابي قال : نا عبد الأعلى بن حماد قال : نا معتمر بن سليمان قال : سمعت أبي يحدث ، عن مكحول ، عن أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «

لكل أمة مجوس ، وإن مجوس هذه الأمة القدرية

، فلا تعودوهم إذا مرضوا ، ولا تصلوا عليهم إذا ماتوا »

399 - وأخبرنا الفريابي قال : نا عبد الأعلى بن حماد قال : نا المعتمر بن سليمان قال : سمعت أبا الحسن قال : حدثني جعفر بن الحارث ، عن يزيد بن ميسرة الشامي ، عن عطاء الخرساني ، عن مكحول ، عن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : «

إن لكل أمة مجوسا ، وإن مجوس هذه الأمة القدرية

، فلا تعودوهم إذا مرضوا ، ولا تصلوا على جنازتهم إذا ماتوا »

400 - وأخبرنا الفريابي قال : نا صفوان بن صالح قال : نا محمد بن شعيب ، قال : أنا عمر بن يزيد الدمشقي قال : أخبرني عمرو بن مهاجر ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن يحيى بن القاسم ، عن أبيه ، عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «

ما هلكت أمة قط إلا بالإشراك بالله ، وما أشركت

أمة قط إلا كان بدء إشراكها التكذيب بالقدر »

401 - حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : نا العباس بن الوليد بن مزيد ، ببيروت قال : أنا محمد بن شعيب بن شابور قال : أخبرني عمر بن يزيد النصري وهو الدمشقي ، عن عمرو بن مهاجر ، صاحب حرس ابن عبد العزيز ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن يحيى بن القاسم ، عن أبيه ، عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص السهمي : عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «

ما هلكت أمة قط إلا بالشرك بالله ، وما أشركت

أمة حتى يكون بدء شركها التكذيب بالقدر »

402 - وأخبرنا الفريابي قال : نا أبو بكر سعيد بن يعقوب الطالقاني قال : نا المقرئ أبو عبد الرحمن قال : نا ابن لهيعة قال : نا عمرو بن شعيب قال : كنت جالسا عند سعيد بن المسيب فقال بعض القوم : يا أبا محمد ، إن قوما يقولون : قدر الله كل شيء إلا الأعمال ، قال : فوالله ما رأيت سعيدا غضب قط مثل ما غضب يومئذ ، حتى هم بالقيام ، ثم قال : فعلوها ؟ ويحهم لو يعلمون ، أما والله لقد سمعت فيهم حديثا ، كفاهم به شرا ، فقلت له : وما ذاك يا أبا محمد رحمك الله ؟ قال : حدثني رافع بن خديج قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : «

يكون في أمتي قوم يكفرون بالله ، وبالقرآن وهم لا

يشعرون » ، فقلت : جعلت فداك يا رسول الله ، يقولون كيف ؟ قال : « يقولون : الخير من الله ، والشر من إبليس ، ثم يقرءون على ذلك كتاب الله ، فيكفرون بالله وبالقرآن بعد الإيمان والمعرفة ، فما تلقى أمتي منهم من العداوة والبغضاء والجدال ، وفي زمانهم ظلم الأئمة ، فنالهم من ظلم وحيف وأثرة ، فيبعث الله عز وجل طاعونا ، فيفني عامتهم ، ثم يكون الخسف (1) ، فقل من ينجو منه والمؤمن يومئذ قليل فرحه ، شديد غمه ، ثم يكون المسخ ، فيمسخ الله تعالى عامة أولئك قردة وخنازير » ، ثم بكى النبي صلى الله عليه وسلم حتى بكينا لبكائه ، قيل : يا رسول الله ، ما هذا البكاء ؟ قال : « رحمة لهم الأشقياء ؛ لأن فيهم المتعبد ، وفيهم المجتهد أما إنهم ليسوا بأول من سبق إلى هذا القول ، وضاق بحمله ذرعا ، إن عامة من هلك من بني إسرائيل بالتكذيب بالقدر » ، قيل يا رسول الله ، فما الإيمان بالقدر ؟ قال : « أن تؤمن بالله وحده لا شريك له ، وتعلم أنه لا يملك معه أحد ضرا ولا نفعا ، وتؤمن بالجنة والنار ، وتعلم أن الله خلقهما قبل الخلق ، ثم خلق الخلق لهما ، وجعل من شاء منهم إلى النار ، عدلا منه ، فكل يعمل لما فرغ منه ، وصائر إلى ما خلق له » فقلت : صدق الله ورسوله وأخبرنا الفريابي قال : حدثني الحسن بن الصباح يعني البزار قال : نا عبد الله بن يزيد ، عن عطية قال : نا ابن لهيعة قال : نا عمرو بن شعيب قال : كنت جالسا عند سعيد بن المسيب « فذكر مثله وأخبرنا الفريابي قال : نا سويد بن سعيد قال : نا حسان بن إبراهيم ، عن عطية بن عطية ، عن عطاء بن أبي رباح قال : سمعت عمرو بن شعيب يقول : كنا عند سعيد بن المسيب فذكر نحوا من الحديث إلى آخره

__________

(1) الخسف : ذهاب الشيء في الأرض والغور به فيها

403 - أخبرنا الفريابي قال : نا عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا أبو أسامة ، ومحمد بن بشير قالا : أنا ابن نزار علي أو محمد ، عن أبيه ، عن عكرمة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «

صنفان من أمتي ليس لهما في الإسلام نصيب : المرجئة

، والقدرية »

404 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : نا سويد بن سعيد قال : نا شهاب بن خراش ، عن محمد بن زياد ، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «

ما بعث الله تعالى نبيا قبلي ، فاستجمعت له أمته

، إلا كان فيهم مرجئة وقدرية ، يشوشون أمر أمته من بعده ، ألا وإن الله تعالى لعن المرجئة والقدرية على لسان سبعين نبيا ، أنا آخرهم »

405 - أخبرنا الفريابي قال : نا إسحاق بن راهويه قال : أنا بشر بن عمر الزهراني قال : نا ابن لهيعة ، عن موسى بن وردان أنه سمع أبا هريرة يقول : قال النبي صلى الله عليه وسلم : «

لعن الله أهل القدر الذين يؤمنون بقدر ، ويكذبون بقدر

»

406 - وأخبرنا الفريابي قال : حدثني أبو أنس مالك بن سليمان قال : نا بقية بن الوليد ، عن يحيى بن مسلم ، عن بحر السقاء ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «

ما كانت زندقة إلا كان أصلها التكذيب بالقدر

»

باب الإيمان أن كل مولود يولد على الفطرة

407 - أخبرنا الفريابي قال : نا قتيبة بن سعيد ، عن مالك بن أنس ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه (1) ، وينصرانه قالوا : يا رسول الله ، أفرأيت من يموت وهو صغير ؟ قال : الله أعلم بما كانوا عاملين »

__________

(1) يُهَوِّدُ غيره : يجعله يدين بدين اليهود

408 - وأخبرنا الفريابي قال : نا إبراهيم بن الحجاج السامي قال : نا حماد بن سلمة ، عن قيس بن سعد ، عن طاوس ، ومجاهد ، عن أبي هريرة : « أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أطفال المشركين » ، فقال رجل : أين هم يا رسول الله ؟ قال : «

الله أعلم بما كانوا عاملين

»

409 - وأخبرنا الفريابي قال : نا إسحاق بن راهويه قال : أنا سفيان ، عن الزهري ، عن عطاء بن يزيد الليثي ، عن أبي هريرة قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين ؟ فقال : «

الله أعلم بما كانوا عاملين

»

410 - حدثنا أبو بكر القاسم بن زكريا المطرز قال : نا أبو كريب محمد بن العلاء قال : نا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : «

ما من مولود يولد إلا على الفطرة ، حتى تعبر

عنه لسانه ، فأبواه يهودانه (1) وينصرانه أو يشركانه » قالوا : يا رسول الله ، فكيف بمن كان قبل ذلك ؟ قال : « الله أعلم بما كانوا عاملين »

__________

(1) يُهَوِّدُ غيره : يجعله يدين بدين اليهود

411 - وحدثنا أيضا قاسم المطرز قال : نا يوسف بن موسى القطان ، وسفيان بن وكيع قالا : نا جرير يعنيان ابن عبد الحميد عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : «

ما من مولود إلا يولد على هذه الفطرة فأبواه يهودانه

وينصرانه ، ويشركانه » فقال رجل : يا رسول الله ، أرأيت إن مات قبل ذلك ؟ قال : « الله أعلم بما كانوا عاملين » ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه طرق كثيرة

412 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : نا محمد بن عاصم الثقفي قال : نا مؤمل قال : نا أبو عوانة ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين الكفار ، الذين لم يبلغوا الحلم يعني العقل ؟ قال : «

الله أعلم بما كانوا عاملين إذ خلقهم

»

413 - وأخبرنا الفريابي قال : نا سريج بن يونس قال : نا هشيم بن بشير ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ذراري (1) المشركين ؟ فقال : «

الله أعلم بما كانوا عاملين

»

__________

(1) الذُّرِّية : اسمٌ يَجْمعُ نَسل الإنسان من ذَكَرٍ وأنَثَى وقد تطلق على الزوجة

414 - وأخبرنا الفريابي قال : نا عبيد الله بن معاذ قال : ثنا أبي قال : نا شعبة ، عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشية عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن أولاد المشركين ؟ فقال : «

الله أعلم إذ خلقهم بما كانوا عاملين

»

415 - وأخبرنا الفريابي قال : نا محمد بن عبد الملك قال : نا أبو عوانة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن أولاد المشركين ؟ فقال : «

الله أعلم بما كانوا يعملون إذ خلقهم

»

416 - وأخبرنا الفريابي قال : نا إسحاق بن راهويه قال : أنا بقية بن الوليد قال : حدثني محمد بن زياد الألهاني قال : نا عبد الله بن أبي قيس قال : حدثتني عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، وسألتها عن ذراري (1) المشركين ؟ فقالت : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عنهم فقال : « هم مع آبائهم » فقالت : يا رسول الله ، بلا عمل ؟ فقال : «

الله أعلم بما كانوا عاملين

»

__________

(1) الذُّرِّية : اسمٌ يَجْمعُ نَسل الإنسان من ذَكَرٍ وأنَثَى وقد تطلق على الزوجة

417 - وأخبرنا الفريابي قال : نا أبو بكر بن أبي شيبة قال : نا وكيع ، عن طلحة بن يحيى ، عن عمته ، عائشة بنت طلحة ، عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : دعي النبي صلى الله عليه وسلم إلى جنازة صبي يصلي عليه ، فقلت : يا رسول الله طوبى له ، عصفور من عصافير الجنة ، ولم يعمل السوء ، ولم يدريه « فقال : » أو غير ذلك يا عائشة إن الله تعالى خلق للجنة أهلا ، وخلقهم لها ، وهم في أصلاب (1) آبائهم ، وخلق للنار أهلا ، وخلقهم لها ، وهم في أصلاب آبائهم «

__________

(1) الصلب : فقار الظهر

418 - حدثنا أبو الفضل جعفر بن محمد الصندلي قال : حدثنا الفضل بن زياد قال : قلت لأحمد بن حنبل قول النبي صلى الله عليه وسلم : « كل مولود يولد على الفطرة » ما يعني به ؟ قال : « الشقوة والسعادة » قال محمد بن الحسين رحمه الله : هذه السنن التي ذكرتها عن النبي صلى الله عليه وسلم تدل على معنى ما في كتاب الله عز وجل ، وتدل كل من عقل عن الله تعالى أن بعضها يصدق بعضا ، كما أن الذي ذكرناه من كتاب الله تعالى يصدق بعضه بعضا ، يدل الكتاب والسنة على معنى ما أعلمناك من مذهبنا في القدر وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته إذا خطب : « من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له » كذا روى عنه جماعة من أصحابه ، وكذا كان الصحابة يقولون في خطبهم ، إيمانا وتصديقا ويقينا ، لا يشك في ذلك أهل الإيمان

419 - أخبرنا الفريابي قال : نا حبان بن موسى قال : أنا ابن المبارك ، عن سفيان الثوري ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته : يحمد الله ، ويثني عليه بما هو أهله ثم يقول : «

من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا

هادي له ، أصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار »

420 - وحدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : حدثني محمد بن أشكاب قال : نا عبيد الله بن موسى ، عن سفيان يعني الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود قال : علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة الحاجة : «

إن الحمد لله ، نستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من

شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله » وذكر الحديث

421 - وأخبرنا الفريابي قال : نا قتيبة بن سعيد قال : نا عبثر بن القاسم أبو زبيد ، عن الأعمش ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله قال : « علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : التشهد في الحاجة :

إن الحمد لله نستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا

، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له » وذكر الحديث

422 - قال محمد بن الحسين : وقد روي عن البراء بن عازب قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق وهو يقول :

اللهم لولاك ما اهتدينا ولا صمنا ولا صلينا فأنزلن سكينة

علينا وثبت الأقدام إن لاقينا وذكر الحديث حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : نا أبو بكر زنجويه وأحمد بن سفيان قالا : نا محمد بن يوسف الفريابي قال : نا سفيان بن سعيد الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن البراء قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول وذكر الحديث ، قلت : وقد ذكر ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ما أوصاه به ، وما وعظه به مما يدل على ما قلناه

423 - أخبرنا الفريابي قال : حدثني أبو وهب الوليد بن عبد الملك الحراني قال : نا محمد بن سلمة ، عن أبي عبد الرحيم ، عن أبي عبد السلام السامي ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن حنش الصنعاني ، عن ابن عباس قال : أهدت فارس لرسول الله صلى الله عليه وسلم بغلة شهباء (1) ململمة (2) ، فكأنها أعجبت النبي صلى الله عليه وسلم ، فدعا بصوف وليف ، فنحلنا لها رسنا وعذارا ، ثم دعا بعباءة خلق فثناها ، ثم رفعها ثم وضعها عليها ، ثم ركب وقال : « اركب يا غلام » يعني ابن عباس فركبت خلفه ، فسرنا حتى حاذينا بقيع الغرقد ، فضرب بيده اليمنى على منكبي الأيسر ، وقال : « يا غلام ،

احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، ولا تسأل

غير الله ، ولا تحلف إلا بالله ، جفت الأقلام وطويت الصحف ، فوالذي نفسي بيده ، لو أن أهل السماء وأهل الأرض اجتمعوا على أن يضروك بغير ما كتب الله لك ما استطاعوا ، ولو أن أهل السماء وأهل الأرض اجتمعوا على أن ينفعوك بغير ما كتب الله لك ما استطاعوا ذلك » قلت : يا رسول الله ، كيف لي بمثل هذا من اليقين ، حتى أخرج من الدنيا ؟ قال : « تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك »

__________

(1) الشهباء : البيضاء التي يخالطها قليل سواد

(2) الململمة : المُسْتديرة سِمَناً، من اللَّمِّ وهو الضمُّ والجمع

424 - وأخبرنا الفريابي قال : نا إبراهيم بن عبد الله الهروي قال : نا عباد بن العوام قال : نا عبد الواحد بن سليم ، عن عطاء ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كنت رديف (1) النبي صلى الله عليه وسلم قال : فقال لي : «

احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا

سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، رفعت الأقلام وجفت الصحف ، والذي نفسي بيده لو جاءت الأمة لتنفعك بغير ما كتب الله عز وجل لك ما استطاعت ذلك ، ولو أرادوا أن يضروك بغير ما كتب الله لك ما استطاعوا ذلك أو قال : ما قدرت »

__________

(1) الرديف : الراكب خلف قائد الدابة

425 - حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : نا محمد بن الوليد الفحام قال : حدثنا يحيى بن ميمون بن عطاء أبو أيوب ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس : « يا غلام أو يا غليم ألا أعلمك شيئا ، لعل الله أن ينفعك به ؟

احفظ الله يحفظك ، احفظ الله يكن أمامك ، وإذا سألت

فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك عند الشدة ، جف القلم بما هو كائن ، فلو أن الناس اجتمعوا على أن يعطوك شيئا لم يعطك الله لم يقدروا عليه ، ولو أن الناس اجتمعوا جميعا على أن يمنعوك شيئا قدره الله لك وكتبه ما استطاعوا ، واعلم أن لكل شدة رخاء ، وأن مع العسر يسرا ، وأن مع العسر يسرا » قال محمد بن الحسين رحمه الله : حسبنا الله ونعم الوكيل ، والحمد لله على كل حال ، قد ذكرنا ما احتججنا به من كتاب الله ، ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرد على القدرية ، وأنا أذكر ما روي عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عن الصحابة أجمعين من ردهم على القدرية على معنى الكتاب والسنة ، ثم أذكر عن التابعين لهم بإحسان ، وعن أئمة المسلمين من ردهم على القدرية ، وتحذيرهم للمسلمين سوء مذاهبهم

باب ذكر ما تأدى إلينا عن أبي بكر وعمر رضي الله

عنهما من ردهما على القدرية ، وإنكارهما عليهم

426 - أخبرنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي قال : نا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عمن أخبره ، عن عبد الله بن شداد قال : قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : «

إن الله تعالى خلق الخلق ، فجعلهم نصفين ، فقال

لهؤلاء : ادخلوا الجنة ، وقال لهؤلاء : ادخلوا النار ولا أبالي » حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : نا داود بن رشيد قال : نا يحيى بن زكريا ، عن موسى بن عقبة ، عن أبي الزبير ، وعن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال

427 - وأخبرنا الفريابي قال : نا إبراهيم بن الحجاج السامي قال : نا عبد العزيز بن المختار قال : نا خالد الحذاء ، عن عبد الأعلى بن عبد الله ، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال : خطبنا عمر رضي الله عنه بالجابية ، والجاثليق ماثل بين يديه ، والترجمان يترجم فقال عمر : من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، فقال الجاثليق : إن الله لا يضل أحدا ، فقال عمر : ما يقول ؟ فقال الترجمان : لا شيء ، ثم عاد في خطبته ، فلما بلغ : من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، فقال الجاثليق : إن الله لا يضل أحدا ، فقال عمر : ما يقول ؟ فأخبره ، فقال : كذبت يا عدو الله ، ولولا عهدك لضربت عنقك ، بل الله خلقك ، والله أضلك ، ثم الله يميتك ، ثم يدخلك النار ، إن شاء الله ، ثم قال : « إن الله تعالى

لما خلق آدم نثر ذريته ، فكتب أهل الجنة وما هم

عاملون ، وأهل النار وما هم عاملون ، ثم قال : هؤلاء لهذه ، وهؤلاء لهذه » وقد كان الناس تذاكروا القدر ، فافترق الناس ، وما يذكره أحد

428 - وأخبرنا الفريابي قال : نا وهب بن بقية الواسطي قال : أنا خالد وهو ابن عبد الله عن خالد وهو ابن مهران الحذاء أبو المنازل عن عبد الأعلى بن عبد الله ، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال : خطبنا عمر رضي الله عنه بالجابية ، والجاثليق بين يديه ، والترجمان يترجم ، فقال عمر : «

من يهده الله ، فلا مضل له ، ومن يضلل

فلا هادي له » وذكر الحديث إلى آخره قال محمد بن الحسين : وقد ذكرنا عن عمر وعلي رضي الله عنهما حديثهما عن النبي صلى الله عليه وسلم في القدر ، وهو أصل كبير مما يرد به على القدرية الأشقياء وقد روي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه كان يعلم الناس إثبات القدر ، وأن الله تعالى خلق الخلق شقيا وسعيدا

429 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : نا محمد بن وزير الواسطي قال : نا نوح بن قيس الطاحي ، عن سلامة الكندي قال : كان علي رضي الله عنه يعلم الناس الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيقول : « قولوا :

اللهم داحي المدحوات ، وبارئ المسموكات ، وجبار القلوب على فطرتها

، شقيها وسعيدها ، اجعل شرائف صلواتك ، ونوامي بركاتك ، ورأفة تحننك على محمد عبدك ورسولك » وذكر الحديث بطوله وأخبرنا أبو الحسن علي بن إسحاق بن زاطيا قال : نا محمد بن وزير الواسطي قال : نا نوح بن قيس ، فذكر الحديث بإسناده مثله

430 - وأخبرنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلواني قال : أنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال : نا عبد العزيز وهو ابن أبي سلمة قال : أنا عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك في حديث رفعه إلى علي رضي الله عنه قال : « ذكر عنده القدر يوما ، قال : فأدخل إصبعيه في فيه : السبابة والوسطى قال : فأخذ بهما من ريقه ، فرقم بهما ذراعه ثم قال :

أشهد أن هاتين الرقمتين كانتا في أم الكتاب

»

431 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : نا أيوب شيخ لنا قال : نا إسماعيل بن عمرو البجلي قال : حدثنا عبد الملك بن هارون بن عنترة ، عن أبيه ، عن جده قال : أتى رجل علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال : أخبرني عن القدر ، ؟ قال : « طريق مظلم ، فلا تسلكه » قال : أخبرني عن القدر ؟ قال : بحر عميق فلا تلجه « قال : أخبرني عن القدر ؟ قال : » سر الله فلا تكلفه « قال : ثم ولى الرجل غير بعيد ثم رجع فقال لعلي : في المشيئة الأولى أقوم وأقعد ، وأقبض وأبسط فقال له علي رضي الله عنه : إني سائلك عن ثلاث خصال ،

ولن يجعل الله لك ولا لمن ذكر المشيئة مخرجا ، أخبرني

: أخلقك الله تعالى لما شاء ، أم لما شئت ؟ » قال : لا ، بل لما شاء قال : أخبرني ، أفتجيء يوم القيامة كما شاء أو كما شئت ؟ قال : لا ، بل كما شاء ، قال : فأخبرني ، أجعلك كما شاء ، أو كما شئت ؟ قال : لا ، بل كما شاء قال : فليس لك في المشيئة شيء قال محمد بن الحسين : من خالف هؤلاء خولف به عن طريق الحق

432 - وأخبرنا الفريابي قال : نا إسحاق بن راهويه قال : أنا أبو عامر العقدي قال : نا هشام بن سعد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن أبي الأسود الدؤلي قال : قدمت البصرة ، وبها عمران بن الحصين صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجلست في مجلس ، فذكروا القدر فأمرضوا قلبي فأتيت عمران بن حصين فقلت : يا أبا نجيد إني جلست مجلسا فذكروا القدر فأمرضوا قلبي فهل أنت محدثي عنه ؟ فقال : « نعم : تعلم

أن الله عز وجل لو عذب أهل السماوات وأهل الأرض لعذبهم

حيث يعذبهم وهو غير ظالم لهم ، ولو رحمهم كانت رحمته أوسع لهم ، ولو كان لك مثل أحد ذهبا فأنفقته ما تقبل منك حتى تؤمن بالقدر كله ، خيره وشره ، وستقدم المدينة فتلقى بها أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود قال : فقدمت المدينة فجلست في مجلس فيه عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب فقلت لأبي : أصلحك الله ، إني قدمت البصرة ، فجلست في مجلس فذكروا القدر فأمرضوا قلبي ، فهل أنت محدثي عنه ؟ فقال : » نعم ، تعلم أن الله تعالى لو عذب أهل السماوات وأهل الأرض لعذبهم حين يعذبهم وهو غير ظالم لهم ، ولو رحمهم كانت رحمته أوسع لهم ، ولو كان لك مثل أحد ذهبا فأنفقته ما تقبل منك حتى تؤمن بالقدر خيره وشره « ثم قال : » يا أبا عبد الرحمن ، حدث أخاك « قال : فحدثني بمثل ما حدثني به أبي بن كعب

433 - وأخبرنا الفريابي قال : حدثني ميمون بن الأصبغ النصيبي قال : حدثني أبو صالح عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح أن أبا الزاهرية ، حدثه عن كثير بن مرة ، عن ابن الديلمي يعني عبد الله بن الديلمي ، أنه لقي سعد بن أبي وقاص فقال له : إني شككت في بعض أمر القدر ، فحدثني لعل الله تعالى أن يجعل لي عندك فرجا قال : نعم ، يا ابن أخي ، «

إن الله تعالى لو عذب أهل السماء وأهل الأرض عذبهم

وهو غير ظالم لهم ، ولو رحمهم كانت رحمته إياهم خيرا لهم من أعمالهم ، ولو أن لامرئ مثل أحد ذهبا ينفقه في سبيل الله حتى ينفذه ، لم يؤمن بالقدر خيره وشره ، ما تقبل منه ، ولا عليك أن تأتي عبد الله بن مسعود » فذهب ابن الديلمي إلى عبد الله بن مسعود فقال له مثل مقالته لسعد ، فقال له مثل ما قال له سعد ، وقال له ابن مسعود : ولا عليك أن تلقى أبي بن كعب « فذهب ابن الديلمي إلى أبي بن كعب ، فقال له : مثل مقالته لابن مسعود ، فقال له أبي مثل مقالة صاحبيه ، وقال له أبي : ولا عليك أن تلقى زيد بن ثابت ، فذهب ابن الديلمي إلى زيد بن ثابت ، فقال له : إني شككت في بعض القدر فحدثني لعل الله ، أن يجعل لي عندك منه فرجا قال زيد : نعم يا ابن أخي ، إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : » إن الله تعالى لو عذب أهل السماء وأهل الأرض عذبهم وهو غير ظالم لهم ، ولو رحمهم كانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم ، ولو أن لامرئ مثل أحد ذهبا ينفقه في سبيل الله حتى ينفذه ، لا يؤمن بالقدر خيره وشره دخل النار «

434 - وأخبرنا الفريابي قال : نا منجاب بن الحارث قال : أنا أبو الأحوص ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث قال : قال عبد الله يعني ابن مسعود رضي الله عنه :

لا يذوق عبد طعم الإيمان حتى يؤمن بالقدر كله

، وبأنه مبعوث من بعد الموت

435 - وأخبرنا الفريابي قال : نا أبو بكر بن أبي شيبة قال : نا وكيع ، عن المسعودي ، عن معن قال : قال عبد الله يعني ابن مسعود : «

ما كان كفر بعد نبوة إلا كان معها التكذيب بالقدر

»

436 - وأخبرنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : نا محمد بن سليمان لوين قال : نا حماد بن زيد ، عن مطر الوراق قال : حدثني عبد الله بن بريدة ، عن يحيى بن يعمر قال : لما تكلم معبد الجهني بما تكلم فيه في شأن القدر ، فأنكرنا ما جاء به ، فحججت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حجة ، فلما قضينا نسكنا قال : أحدنا لصاحبه : مل بنا إلى طريق المدينة ، أو لو ملت بنا إلى المدينة ؟ فلقينا بها من بقي من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فسألناهم عما جاء به معبد ، فملنا إلى المدينة ، فدخلنا المسجد ونحن نؤم أبا سعيد أو ابن عمر ، فإذا ابن عمر قاعد ، فاكتنفناه (1) ، فقدمني حميد للمسألة ، وكنت أجرأ على المنطق منه ، فقلت : يا أبا عبد الرحمن ، إن قوما قد نشأوا بالعراق ، وقرءوا القرآن وتفقهوا في الدين يقولون : لا قدر قال : «

فإذا لقيتموهم فقولوا لهم : إن ابن عمر منهم بريء

وهم مني برآء ، لو أنفقوا ما في الأرض ذهبا ما تقبل منهم ، حتى يؤمنوا بالقدر » وذكر الحديث بطوله وأخبرنا الفريابي قال : نا محمد بن عبيد بن حساب قال : نا حماد بن زيد ، وذكر الحديث بطوله مثله وحدثنا الفريابي قال : نا إسحاق بن راهويه قال : أنا النضر بن شميل قال : نا كهمس بن الحسن قال : نا عبد الله بن بريدة ، عن يحيى بن يعمر قال الفريابي : وحدثني محمد بن عبد الأعلى قال : نا المعتمر بن سليمان قال : سمعت كهمسا ، يحدث عن ابن بريدة ، عن يحيى بن يعمر قالا جميعا : كان أول من قال في هذا القدر بالبصرة معبد الجهني ، فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن حاجين أو معتمرين ، وذكر الحديث بطوله ، وقد ذكرناه في غير هذا الموضع

__________

(1) اكتنفه : أحاط به

437 - وأخبرنا الفريابي قال : نا عبيد الله بن معاذ قال : نا أبي قال : نا حماد بن سلمة ، عن أبي نعامة السعدي قال : كنا عند أبي عثمان النهدي ، فحمدنا الله عز وجل وذكرناه ، فقلت : لأنا بأول هذا الأمر أشد فرحا مني بآخره ، فقال ثبتك الله ، كنا عند سلمان فحمدنا الله عز وجل وذكرناه فقلت لأنا بأول هذا الأمر أشد فرحا مني بآخره فقال سلمان : ثبتك الله عز وجل «

إن الله تعالى لما خلق آدم مسح على ظهره

، فأخرج منه ما هو ذاريء إلى يوم القيامة ، فخلق الذكر والأنثى ، والشقاوة والسعادة ، والأرزاق والآجال والألوان ، فمن علم السعادة فعل الخير ، ومجالس الخير ، ومن علم الشقاوة فعل الشر ، ومجالس الشر »

438 - وأخبرنا الفريابي قال : نا عبيد الله بن معاذ قال : نا المعتمر بن سليمان ، عن أبيه قال : نا أبو عثمان أنه سمع عبد الله ، أو سلمان ولا أراه إلا سلمان قال : «

إن الله خمر طينة آدم عليه السلام أربعين ليلة

، أو أربعين يوما ثم ضرب بيديه فيه ، فخرج كل طيب في يمينه ، وكل خبيث في يده الأخرى ، ثم خلط بينهما قال : فمن ثم يخرج الحي من الميت ، والميت من الحي » أو كما قال وأخبرنا الفريابي قال : نا أبو مروان عبد الملك بن حبيب المصيصي قال : نا أبو إسحاق الفزاري ، عن سليمان التيمي ، عن أبي عثمان النهدي ، عن سلمان قال : « إن الله خمر طينة آدم عليه السلام أربعين يوما أو أربعين ليلة فذكر الحديث ، فقال فيه : عن سلمان وحده

439 - وأخبرنا الفريابي قال : نا أبو كامل الجحدري قال : نا عبد الواحد قال : نا الأعمش ، عن أبي إسحاق عن أبي الحجاج الأزدي قال : قلت لسلمان : ما قول الناس حتى تؤمن بالقدر خيره وشره ؟ قال : «

حين تؤمن بالقدر ، تعلم أن ما أخطأك لم يكن

ليصيبك ، وما أصابك لم يكن ليخطئك ولا تقول : لو فعلت كذا وكذا لكان كذا وكذا ، ولو لم أفعل كذا وكذا ، لم يكن كذا وكذا »

440 - وأخبرنا الفريابي قال : نا قتيبة بن سعيد قال : نا الليث بن سعد ، عن محمد بن عجلان ، عن سعيد المقبري ، عن أبيه ، عن عبد الله بن سلام أنه قال :

خلق الله الأرض يوم الأحد والإثنين ، وقدر فيها أقواتها

، وجعل فيها رواسي من فوقها يوم الثلاثاء والأربعاء ، ثم استوى إلى السماء وهي دخان فخلقها يوم الخميس ويوم الجمعة وأوحى في كل سماء أمرها وخلق آدم عليه السلام في آخر ساعة من يوم الجمعة على عجل ، ثم تركه أربعين يوما ، ينظر إليه ويقول : تبارك وتعالى : فتبارك الله أحسن الخالقين (1) ثم نفخ فيه من روحه ، فلما دخل في بعضه الروح ذهب ليجلس قال الله تعالى : خلق الإنسان من عجل (2) فلما تتابع فيه الروح عطس ، فقال الله تعالى : قل الحمد لله فقال : الحمد لله فقال : الله تعالى : رحمك ربك ، ثم قال له : اذهب إلى أهل ذلك المجلس من الملائكة فسلم عليهم ، ففعل فقال : هذه تحيتك وتحية ذريتك ، ثم مسح ظهره بيده فأخرج فيهما من هو خالق من ذريته إلى أن تقوم الساعة ثم قبض يديه ثم قال : اختر يا آدم ، فقال : اخترت يمينك يا رب ، وكلتا يديك يمين ، فبسطها فإذا فيها ذريته من أهل الجنة ، فقال : من هؤلاء يا رب ؟ قال : هم من قضيت أن أخلق من ذريتك من أهل الجنة إلى أن تقوم الساعة ، فإذا فيهم من له وبيص (3) فقال : من هؤلاء يا رب ؟ قال : هم الأنبياء قال : فمن هذا الذي كان له وبيص ؟ قال : هو ابنك داود قال : فكم جعلت عمره ؟ قال : ستين سنة قال : فكم عمري ؟ قال : ألف سنة قال فزده يا رب من عمري أربعين سنة قال : إن شئت قال : فقد شئت ، إذا تكتب وتختم ، ولا يبدل ، ثم رأى في آخر كف الرحمن تبارك وتعالى منهم آخرهم له فضل وبيص قال : فمن هذا يا رب ؟ قال : محمد ، هو آخرهم وأولهم أدخله الجنة ، فلما أتى ملك الموت ليقبض نفسه قال : إنه قد بقي من عمري أربعون سنة قال : أو لم تكن وهبتها لابنك داود ؟ قال : لا ، قال : فنسي آدم ، فنسيت ذريته ، وعصى آدم فعصت ذريته ، وجحد آدم فجحدت ذريته ، وذلك أول يوم أمر بالشهود

__________

(1) سورة : المؤمنون آية رقم : 14

(2) سورة : الأنبياء آية رقم : 37

(3) الوبيص : البريق واللمعان

441 - وأخبرنا الفريابي قال : نا إسحاق بن راهويه قال : أنا حكام بن سلم الرازي قال : نا أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، عن أبي بن كعب ، في قول الله تعالى :

وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم ، وأشهدهم

على أنفسهم (1) إلى قوله عز وجل أفتهلكنا بما فعل المبطلون (2) قال : جمعهم له يومئذ جميعا ما هو كائن إلى يوم القيامة ، ثم جعلهم أزواجا ، ثم صورهم واستنطقهم وتكلموا ، وأخذ عليهم العهد والميثاق : وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ، أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم ، أفتهلكنا بما فعل المبطلون قال : فإني أشهد عليكم السماوات السبع والأرضين السبع ، وأشهد عليكم أباكم آدم ، أن تقولوا يوم القيامة : إنا كنا عن هذا غافلين ، فلا تشركوا بي شيئا ، فإني أرسل إليكم رسلي يذكرونكم عهدي وميثاقي ، وأنزل عليكم كتبي ، فقالوا : نشهد أنك ربنا وإلهنا ، لا رب لنا غيرك ، ولا إله لنا غيرك ، ورفع لهم أبوهم ، فنظر إليهم فرأى فيهم الغني والفقير ، وحسن الصورة ودون ذلك ، فقال : يا رب لو شئت سويت بين عبادك ، فقال : إني أحب أن أشكر ، ورأى فيهم الأنبياء مثل السرج (3) ، وخصوا بميثاق آخر في الرسالة والنبوة فذلك قوله تعالى : وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ، ومنك ومن نوح (4) الآية وهو قوله : فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله (5) وذلك قوله : هذا نذير من النذر الأولى (6) وهو قوله تعالى : وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين (7) كل طيب في يمينه ، وكل خبيث في يده الأخرى ، ثم خلط بينهما وهو قوله تعالى : ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات ، فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل (8) فكان في علمه تعالى يوم أقروا به من يكذب به ومن يصدق به ، فكان روح عيسى ابن مريم عليه السلام في تلك الأرواح التي أخذ عليها العهد والميثاق في زمن آدم عليه السلام ، فأرسل ذلك الروح إلى مريم عليها السلام حين انتبذت (9) من أهلها مكانا شرقيا : فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا (10) إلى قوله تعالى : وكان أمرا مقضيا فحملته (11) قال : فحملت التي خاطبها وهو روح عيسى عليه السلام قال إسحاق : قال حكام : نا أبو جعفر الرازي ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، عن أبي بن كعب قال : دخل من فيها

__________

(1) سورة : الأعراف آية رقم : 172

(2) سورة : الأعراف آية رقم : 173

(3) السراج : المصباح

(4) سورة : الأحزاب آية رقم : 7

(5) سورة : الروم آية رقم : 30

(6) سورة : النجم آية رقم : 56

(7) سورة : الأعراف آية رقم : 102

(8) سورة : يونس آية رقم : 74

(9) انتبذت : تنحيت وابتعدت

(10) سورة : مريم آية رقم : 17

(11) سورة : مريم آية رقم : 21

442 - أخبرنا الفريابي قال : نا محمد بن مصفى أبو عبد الله الحمصي قال : نا محمد بن حرب قال : نا الزبيدي ، عن الزهري ، عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف : أنه غشي على عبد الرحمن بن عوف في وجعه غشية (1) ظنوا أنه قد فاض منها ، حتى قمنا من عنده وجللوه ثوبا ، وخرجت أم كلثوم ابنة عقبة امرأة عبد الرحمن إلى المسجد ، تستعين بما أمرت به من الصبر والصلاة ، فلبثوا ساعة ، وعبد الرحمن في غشيته ، ثم أفاق عبد الرحمن ، فكان

أول ما تكلم به أن كبر وكبر أهل البيت ومن يليهم

، فقال لهم عبد الرحمن : أغشي علي آنفا ؟ قالوا : نعم قال : صدقتم ، فإنه انطلق بي في غشيتي ، رجلان أجد منهما شدة وغلظة : فقالا : انطلق بنا نحاكمك إلى العزيز الأمين فانطلقا بي ، حتى لقينا رجلا ، فقال : أين تذهبان بهذا ؟ قالا : نحاكمه إلى العزيز الأمين قال : فارجعا فإنه ممن كتب الله لهم السعادة والمغفرة ، وهم في بطون أمهاتهم ، وإنه يستمتع به بنوه إلى ما شاء الله قال : فعاش بعد ذلك شهرا ثم مات وأخبرنا الفريابي قال : نا محمد بن عزيز قال : حدثني سلامة بن روح ، عن عقيل بن خالد قال : حدثني ابن شهاب الزهري قال : حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أنه قال : غشي على عبد الرحمن بن عوف في وجعه ، وذكر نحوا من هذا الحديث قبله

__________

(1) الغشي : فقدان الوعي ، والإغماء

443 - أخبرنا الفريابي قال : نا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي قال : نا الوليد بن مسلم قال : نا عثمان بن أبي العاتكة قال : حدثني سليمان بن حبيب ، عن الوليد بن عبادة أن أباه عبادة بن الصامت لما احتضر (1) سأله ابنه فقال : يا أبت أوصني قال : أجلسوني ، فلما أجلسوه قال : « يا بني ،

اتق الله ، ولن تتقي الله حتى تؤمن بالله ، ولن

تؤمن بالله حتى تؤمن بالقدر خيره وشره ، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وما أخطأك لم يكن ليصيبك ، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : » القدر على هذا من مات على غير هذا دخل النار «

__________

(1) حُضِر فلان واحْتُضِر : إذا دَنَا موتُه

444 - وأخبرنا الفريابي قال : نا محمد بن مصفى قال : نا بقية قال : حدثني معاوية بن سعيد قال : حدثني عبد الله بن السائب ، عن عطاء بن أبي رباح قال : سألت الوليد بن عبادة بن الصامت : كيف كانت وصية أبيك إياك ، حين حضره الموت ؟ قال : دعاني فقال : « يا بني ، أوصيك بتقوى الله ، واعلم أنك لن تتقي الله حتى تؤمن بالله ، واعلم أنك لن تؤمن بالله ، ولن تطعم طعم حقيقة الإيمان ، ولن تبلغ العلم ، حتى تؤمن بالقدر خيره وشره ، قال : قلت : يا أبت ، وكيف لي أن أؤمن بالقدر كله : خيره وشره ؟ قال : تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وما أخطأك لم يكن ليصيبك ، أي بني ، إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : »

إن أول ما خلق الله تعالى القلم قال : اكتب

قال : ما أكتب يا رب ؟ قال : اكتب القدر قال : فجرى القلم في تلك الساعة بما كان وما هو كائن إلى الأبد «

445 - أخبرنا الفريابي قال : حدثني أبو أنس مالك بن سليمان قال : نا بقية يعني ابن الوليد عن مبشر بن عبيد ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس في قول الله تعالى : كما بدأكم تعودون فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة (1) وكذلك خلقهم حين خلقهم مؤمنا وكافرا ، وسعيدا وشقيا وكذلك يعودون يوم القيامة مهتدين وضلالا

__________

(1) سورة : الأعراف آية رقم : 29

446 - أخبرنا الفريابي قال : نا منجاب بن الحارث قال : أنا علي بن مسهر ، عن الأعمش ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قول الله تعالى : وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم (1) قال : « لما خلق الله آدم ، أخذ ذريته من ظهره كهيئة الذر ، ثم سماهم بأسمائهم فقال : هذا فلان بن فلان ، يعمل كذا وكذا ، وهذا فلان بن فلان يعمل كذا وكذا ، ثم أخذهم بيده قبضتين فقال : هؤلاء للجنة ، وهؤلاء للنار »

__________

(1) سورة : الأعراف آية رقم : 172

447 - وأخبرنا الفريابي قال : نا أحمد بن إبراهيم قال : نا علي بن الحسن بن شقيق قال : نا عبد الله هو ابن المبارك قال : حدثني ابن جريج ، عن الزبير بن موسى ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : «

إن الله تعالى ضرب منكبه الأيمن يعني آدم عليه السلام

فخرجت كل نفس مخلوقة للجنة بيضاء نقية ، فقال : هؤلاء أهل الجنة ، ثم ضرب منكبه الأيسر فخرجت كل نفس مخلوقة للنار سوداء ، فقال : هؤلاء أهل النار ، ثم أخذ عهدهم على الإيمان به ، والمعرفة له ولأمره ، والتصديق بأمره ، بني آدم كلهم ، وأشهدهم علىأنفسهم ، فآمنوا وصدقوا ، وعرفوا وأقروا »

448 - وأخبرنا الفريابي قال : نا منجاب بن الحارث قال : نا علي بن مسهر ، عن الأعمش ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس قال : «

إن أول ما خلق الله تعالى القلم ، فقال له

: اكتب ، قال : رب ، وما أكتب ؟ قال : اكتب القدر فجرى بما هو يكون في ذلك إلى أن تقوم الساعة ، وكان عرشه على الماء ، ثم رفع بخار الماء ، ففتقت منه السماوات ، ثم خلق النون (1) فدحيت الأرض على ظهر النون فتحرك النون فمادت الأرض ، فأثبتت بالجبال ، فإنها لتفخر عليها »

__________

(1) النون : أي الحُوت، وجمعُه : نِينَانٌ

449 - وأخبرنا الفريابي قال : نا أبو بكر بن أبي شيبة قال : نا وكيع بن الجراح ، عن سفيان الثوري ، عن أبي هاشم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : ذكر له قوم يتكلمون في القدر ، فقال : «

إن الله تعالى استوى على عرشه قبل أن يخلق شيئا

، فكان أول ما خلق القلم ، فأمره أن يكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة »

450 - وأخبرنا الفريابي قال : نا قتيبة بن سعيد قال : نا الليث بن سعد ، عن هشام بن سعد ، عن إبراهيم بن محمد بن علي عن علي بن عبد الله بن عباس ، عن ابن عباس أنه قال :

كل شيء بقدر ، حتى وضعك يدك على خدك

451 - وأخبرنا الفريابي قال : نا أبو الحارث سريج بن يونس قال : نا مروان بن شجاع ، عن سالم الأفطس ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : «

ما غلا أحد في القدر إلا خرج من الإيمان

»

452 - أخبرنا الفريابي قال : نا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا حفص بن غياث ، عن ليث ، عن طاوس قال : «

العجز والكيس من القدر

»

453 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري قال نا محمد بن يحيى وأحمد بن يوسف قالا : نا عبد الرزاق قال : أنا معمر عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : «

العجز والكيس بقدر

»

454 - حدثنا أبو بكر النيسابوري أيضا قال : نا يونس بن عبد الأعلى قال : نا عبد الله بن وهب ، أن مالكا ، أخبره عن زياد بن سعد ، عن عمرو بن مسلم ، عن طاوس اليماني أنه قال : أدركت ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقولون : «

كل شيء بقدر

»

455 - وسمعت عبد الله بن عمر يقول : قال النبي صلى الله عليه وسلم : «

كل شيء بقدر ، حتى العجز والكيس

»

456 - أخبرنا الفريابي قال : نا أبو بكر بن أبي شيبة قال : نا وكيع ، عن حنظلة ، عن طاوس ، عن ابن عباس قال :

الحذر لا يغني من القدر ، ولكن الدعاء يدفع القدر

457 - حدثنا الفريابي قال : نا أبو مسعود إسماعيل بن مسعود الجحدري قال : نا معتمر بن سليمان قال : نا أبو عوانة ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : « ما في الأرض قوم أبغض (1) إلي من أن يجيئوني فيخاصموني من القدرية ، وما ذاك إلا أنهم لا يعلمون قدر الله تعالى ، وإن الله لا يسأل عما يفعل ، وهم يسألون »

__________

(1) البغض : عكس الحب وهو الكُرْهُ والمقت

458 - وأخبرنا الفريابي قال : نا أبو بكر بن أبي شيبة قال : نا يزيد بن هارون قال : أنا يحيى بن سعيد ، عن أبي الزبير أنه كان مع طاوس يطوف بالبيت ، فمر معبد الجهني فقال قائل لطاوس : هذا معبد الجهني ، فعدل إليه ، فقال : أنت المفتري على الله ؟ القائل ما لا يعلم ؟ قال : إنه يكذب علي قال أبو الزبير فعدل مع طاوس حتى دخلنا على ابن عباس فقال طاوس يا أبا عباس الذين يقولون في القدر ؟ قال : «

أروني بعضهم ، قلنا : صانع ماذا ؟ قال :

إذا أضع يدي في رأسه فأدق عنقه »

459 - أخبرنا الفريابي قال : نا أبو بكر بن أبي شيبة قال : نا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عبد الملك بن ميسرة ، عن طاوس قال : كنت جالسا مع ابن عباس في حلقة ، فذكروا أهل القدر فقال : منهم ها هنا أحد ؟ فآخذ برأسه

فأقرأ عليه : وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في

الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا (1) ثم أقرأ عليه آية كذا وآية كذا ، آيات في القرآن

__________

(1) سورة : الإسراء آية رقم : 4

460 - وأخبرنا الفريابي قال : نا أحمد بن إبراهيم قال : نا بهز بن أسد قال : نا شعبة قال : نا أبو هاشم ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن عباس قال : «

لو رأيت أحدهم لأخذت بشعره يعني القدرية قال شعبة :

فحدثت به أبا بشر قال : سمعت مجاهدا يقول واحتفز : ذكروا عند ابن عباس فتحفز وقال : لو رأيت أحدهم لعضضت أنفه »

461 - وأخبرنا الفريابي قال : نا أبو بكر بن أبي شيبة قال : نا شريك ، عن ابن خثيم ، عن مجاهد قال : قلت لابن عباس : إني أردت أن آتيك برجل يتكلم في القدر قال :

لو أتيتني به لأستتب له وجهه أو لأوجعت رأسه

، لا تجالسهم ولا تكلمهم

462 - وأخبرنا الفريابي قال : نا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي قال : نا الوليد يعني ابن مسلم قال : نا الأوزاعي ، عن القاسم بن هزان ، عن الزهري ، عن ابن عباس قال :

القدر : نظام التوحيد ، فمن وحد الله تعالى وآمن

بالقدر ، فهي العروة الوثقى التي لا انفصام لها ، ومن وحد الله تعالى وكذب بالقدر ، فإن تكذيبه بالقدر نقض للتوحيد

463 - أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن الحسين بن عبد الجبار الصوفي قال : نا محمد بن بكار قال : نا إسماعيل بن عياش ، عن عمر بن محمد بن زيد ، وإسماعيل بن رافع ، وعبد الرحمن بن عمرو ، يرفعونه إلى عبد الله بن عباس أنه كان يقول :

القدر نظام التوحيد ، فمن وحد الله سبحانه وكذب بالقدر

، كان تكذيبه للقدر نقضا للتوحيد ، ومن وحد الله وآمن بالقدر ، كانت العروة (1) الوثقى (2)

__________

(1) العروة : ما يُستمسك به ويُعتصم من الدين

(2) الوثقى : المُحْكَمَة وهي من الوثاق وهو في الأصل حَبْلٌ أو قَيْدٌ يُشَدّ به الأسير والدَّابَّة.

464 - وبهذا الإسناد عن ابن عباس أنه كان يقول :

باب شرك فتح على أهل القبلة : التكذيب بالقدر

، فلا تجادلوهم ، فيجري شركهم على أيديكم قال محمد بن الحسين : وقد ذكرنا عن جماعة من الصحابة ما حضرنا ذكره من الرد على القدرية ، على ما يوافق الكتاب والسنة ، استغنينا بما ذكرناه عن الكلام وسنذكر عن التابعين والعلماء من أئمة المسلمين مما تأدى إلينا من ردهم على القدرية على ما يوافق الكتاب والسنة ، وقول الصحابة رضي الله عنهم ، مما إذا سمعه القدري ، فإن كان ممن أريد به الخير راجع دينه ، وتاب إلى الله تعالى وأناب ، وإن يك غير ذلك : فأبعده الله وأقصاه

باب ما ذكر عن التابعين وغيرهم من الرد عليهم

قال محمد بن الحسين رحمه الله : اعلموا رحمنا الله وإياكم أن من القدرية صنفا إذا قيل لبعضهم : من إمامكم في مذهبكم هذا ؟ فيقولون : الحسن ، وكذبوا على الحسن ، قد أجل الله الكريم الحسن عن مذهب القدرية ونحن نذكر عن الحسن خلاف ما ادعوا عليه

465 - أخبرنا الفريابي قال : نا قتيبة بن سعيد قال : نا حماد بن زيد ، عن خالد الحذاء قال : قدم علينا رجل من أهل الكوفة ، فكان مجانبا للحسن لما كان يبلغه عنه من القدر ، حتى لقيه ، فسأله الرجل ، أو سئل عن هذه الآية : ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم (1) قال : لا يختلف أهل رحمة الله قال : ولذلك خلقهم قال : خلق أهل الجنة للجنة ، وأهل النار للنار ، فكان الرجل بعد ذلك : يكذب عن الحسن

__________

(1) سورة : هود آية رقم : 118

466 - وأخبرنا الفريابي قال : نا أبو بكر بن أبي شيبة قال : نا إسماعيل بن علية ، عن منصور بن عبد الرحمن قال : قلت للحسن : قوله تعالى : ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك (1) قال : «

الناس مختلفون على أديان شتى ، إلا من رحم ربك

، ومن رحم ربك غير مختلف قلت : ولذلك خلقهم ؟ قال : نعم ، خلق هؤلاء للجنة ، وخلق هؤلاء للنار وخلق هؤلاء للرحمة ، وخلق هؤلاء للعذاب »

__________

(1) سورة : هود آية رقم : 118

467 - وأخبرنا الفريابي قال : حدثني أبو أمية الواسطي قال : نا يزيد بن هارون قال : نا مبارك ، عن الحسن في قوله : لو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة (1) قال : على الهدى ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك (2) قال : أهل رحمة الله لا يختلفون ولذلك خلقهم قال : للاختلاف خلقهم

__________

(1) سورة :

(2) سورة : هود آية رقم : 118

468 - وأخبرنا الفريابي قال : نا عمرو بن عثمان قال : نا بقية بن الوليد ، عن ثور بن يزيد ، عن الحسن بن أبي الحسن قال : «

جف القلم ، وقضي القضاء ، وتم القدر بتحقيق الكتاب

، وتصديق الرسل ، وسعادة من عمل واتقى ، وشقاوة من ظلم واعتدى ، وبالولاية من الله للمؤمنين ، وبالتبرئة من الله للمشركين »

469 - وأخبرنا الفريابي قال : نا قتيبة بن سعيد قال : نا حماد بن زيد ، عن عوف قال : سمعت الحسن يقول : « من كفر بالقدر فقد كفر بالإسلام » ثم قال : « إن الله تعالى خلق خلقا ، فخلقهم بقدر ، وقسم الآجال بقدر ، وقسم أرزاقهم بقدر ، والبلاء والعافية بقدر »

470 - وأخبرنا الفريابي قال : نا محمد بن أبي بكر المقدمي قال : نا حماد بن زيد ، عن خالد الحذاء ، عن الحسن : ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم (1) قال : الشياطين لا يفتنون بضلالتهم إلا من قد أوجب الله له يصلى الجحيم

__________

(1) سورة : الصافات آية رقم : 162

471 - وأخبرنا الفريابي قال : نا إبراهيم بن عبد الله الهروي قال : نا إسماعيل بن إبراهيم قال : نا خالد الحذاء ، عن الحسن قال : قلت له : أرأيت قوله تعالى : ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم (1) ؟ قال : إلا من كتب عليه أن يصلى الجحيم

__________

(1) سورة : الصافات آية رقم : 162

472 - وأخبرنا الفريابي قال : نا إبراهيم بن عبد الله قال : أنا هشيم قال : أنا منصور ، عن الحسن في قوله تعالى : ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم (1) يقول : « لستم عليه بمضلين ، إلا من هو صال الجحيم ، من سبق له في علم الله أن يصلى الجحيم »

__________

(1) سورة : الصافات آية رقم : 162

473 - وأخبرنا الفريابي قال : نا عبيد الله بن عمر القواريري قال : نا حماد بن زيد قال : نا خالد الحذاء قال : خرجت أو غبت غيبة لي والحسن لا يتكلم في القدر ، فقدمت وإذا هم يقولون : قال الحسن ، وقال الحسن ، فأتيته ، ودخلت عليه منزله قال : فقلت : يا أبا سعيد ، أخبرني عن آدم ، أللسماء خلق ، أو للأرض خلق ؟ قال : ما هذا يا أبا منازل ؟ قال : حماد : يقول لي خالد : ولم تكن هذه من مسائلنا قال : قلت : يا أبا سعيد إني أحب أن أعلم قال : بل للأرض خلق قال : قلت له : أرأيت لو اعتصم فلم يأكل من الشجرة ؟ قال :

لم يكن له بد من أن يأكل منها ؛ لأنه

للأرض خلق

474 - وأخبرنا أبو زكريا يحيى بن محمد الحنائي قال : نا محمد بن عبيد بن حساب قال : نا حماد بن زيد ، عن خالد الحذاء قال : خرجت خرجة لي ثم قدمت فقيل : إن الحسن قد تكلم في القدر فأتيته ، فقلت : يا أبا سعيد ، آدم خلق للأرض أم للسماء ؟ قال : ما هذا يا أبا منازل ؟ فقلت : إني أحب أن أعلمه ، قال : للأرض ، قلت : فلو اعتصم فلم يأكل من الشجرة ؟ قال : «

لم يكن له بد من أن يأكل منها ؛ لأنه

للأرض خلق »

475 - وأخبرنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال : نا محمد بن بكار قال : نا إسماعيل بن زكريا ، عن عاصم الأحول قال : سمعت الحسن يقول :

من كذب بالقدر فقد كذب بالحق مرتين ، إن الله

قدر خلقا ، وقدر أجلا ، وقدر بلاء ، وقدر مصيبة ، وقدر معافاة ، فمن كذب بالقدر فقد كذب بالقرآن قال محمد بن الحسين : بطلت دعوى القدرية على الحسن ، إذ زعموا أنه إمامهم ، يموهون على الناس ، ويكذبون على الحسن ، لقد ضلوا ضلالا بعيدا ، وخسروا خسرانا مبينا

ابن سيرين

476 - أخبرنا الفريابي قال : نا أبو عثمان أحمد بن محمد المقدمي قال : نا سليمان بن حرب قال : نا عبيد الله بن شميط ، عن عثمان البتي قال : دخلت على ابن سيرين فقال لي : « ما يقول الناس في القدر ؟ » قال : فلم أدر ما رددت عليه قال : فرفع شيئا من الأرض فقال : « ما يزيد على ما أقول لك مثل هذا ،

إن الله تعالى إذا أراد بعبد خيرا وفقه لمحآبه وطاعته وما

يرضى به عنه ، ومن أراد به غير ذلك اتخذ عليه الحجة ، ثم عذبه غير ظالم له »

477 - وأخبرنا الفريابي قال : نا عبيد الله بن معاذ قال : نا أبي قال : نا ابن عون ، عن محمد بن سيرين أنه قال : «

ما ينكر قوم إن الله علم شيئا فكتبه

»

478 - أخبرنا الفريابي قال : نا قتيبة بن سعيد قال : نا معاذ بن معاذ ، عن ابن عون قال : « لم يكن

أبغض وأكره إلى محمد بن سيرين من هؤلاء القدرية

»

479 - وأخبرنا الفريابي قال : نا عبيد الله بن معاذ قال : نا أبي قال : نا ابن عون قال : «

لم يكن قوم أبغض إلى محمد بن سيرين من قوم

أحدثوا في هذا القدر ما أحدثوا »

480 - أخبرنا الفريابي قال : نا أبو بكر بن أبي شيبة قال : نا معاذ قال : أخبرني ابن عون قال : أخبر رجل محمد بن سيرين ، عن رجلين اختصما في القدر فقال أحدهما لصاحبه : أرأيت الزنا ، بقدر هو ؟ قال الآخر : نعم قال محمد : «

وافق رجلا حيا

»

481 - وأخبرنا الفريابي قال : نا أبو بكر بن أبي شيبة قال : نا معاذ بن معاذ قال : أنا ابن عون ، عن محمد يعني ابن سيرين أنه كان يرى أن

أسرع الناس ردة : أهل الأهواء

مطرف بن عبد الله

482 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : نا عبيد الله بن عمر القواريري قال : نا جعفر بن سليمان قال : نا ثابت ، عن مطرف أنه قال : نظرت فإذا

ابن آدم ملقى بين يدي ربه تعالى وبين يدي إبليس

، فإن شاء الله تعالى أن يعصمه عصمه وإن تركه ذهب به إبليس

483 - أخبرنا أبو زكريا يحيى بن محمد الحنائي قال : نا محمد بن عبيد بن حساب قال : نا حماد بن زيد قال داود بن أبي هند قال : قال مطرف :

لم نوكل إلى القدر ، وإليه نصير

484 - أخبرنا الفريابي قال : نا أبو كامل الجحدري قال : نا بشر بن المفضل قال : نا داود بن أبي هند قال : ذكر القدر فقال مطرف : «

لم نوكل إليه ، ووجدنا إليه نصير

»

إياس بن معاوية

485 - أخبرنا الفريابي قال : نا محمد بن عبيد بن حساب قال : نا حماد بن زيد قال : نا حبيب بن الشهيد قال : سمعت إياس بن معاوية يقول : «

لم أخاصم بعقلي كله من أصحاب الأهواء ، غير أصحاب

القدر قال : قلت : أخبروني عن الظلم في كلام العرب : ما هو ؟ قالوا : أن يأخذ الرجل ما ليس له قال : قلت : فإن لله عز وجل كل شيء »

486 - حدثنا أبو بكر محمد بن إسماعيل البندار قال : نا بندار محمد بن بشار قال : نا صفوان بن عيسى قال : نا حبيب بن الشهيد قال : جاءوا برجل إلى إياس بن معاوية ، فقالوا : هذا يتكلم في القدر ، فقال إياس :

ما تقول ؟ قال : أقول : إن الله تعالى

قد أمر العباد ونهاهم ، وإن الله لا يظلم العباد شيئا قال له إياس : أخبرني عن الظلم ، تعرفه أم لا تعرفه ؟ قال : بلى ، أعرفه قال : ما الظلم ؟ قال : أن يأخذ الرجل ما ليس له قال : فمن أخذ ما له ظلم ؟ قال : لا قال إياس : الآن عرفت الظلم ؟

زيد بن أسلم

487 - أخبرنا الفريابي قال : نا أبو بكر بن أبي شيبة قال : نا أبو أسامة ، عن سفيان ، عن ابن جريج ، عن زيد بن أسلم : وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون (1) قال : مما جبلوا (2) عليه من شقاوة أو سعادة

__________

(1) سورة : الذاريات آية رقم : 56

(2) جَبَل : خَلَقَ وطبع

488 - وأخبرنا الفريابي قال : نا سويد بن سعيد قال : نا حفص بن ميسرة ، عن زيد بن أسلم في قوله تعالى : يعلم السر وأخفى (1) قال : علم أسرار العباد ، وأخفى سره فلم يعلم

__________

(1) سورة : طه آية رقم : 7

489 - وأخبرنا الفريابي قال : نا سويد بن سعيد قال : نا المعتمر بن سليمان ، عن محمد بن جعفر ، عن زيد بن أسلم قال : «

القدر : قدرة الله تعالى ، فمن كذب بالقدر فقد

جحد قدرة الله تعالى »

490 - وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا عمرو بن علي قال : نا أبي قال : نا أبو غسان قال : سمعت زيد بن أسلم يقول : «

ما أعلم قوما أبعد من الله تعالى من قوم يخرجونه

من مشيئته ، وينكرونه من قدرته »

491 - وأخبرنا الفريابي قال : نا خلف بن محمد الواسطي المعروف بكردوس قال : نا يعقوب بن محمد قال : نا الزبير بن خبيب ، عن زيد بن أسلم قال : «

والله ما قالت القدرية كما قال الله تعالى ، ولا

كما قالت الملائكة ، ولا كما قال النبيون ، ولا كما قال أهل الجنة ، ولا كما قال أهل النار ، ولا كما قال أخوهم إبليس وذكر الحديث »

محمد بن كعب القرظي

492 - أخبرنا الفريابي قال : نا عبد الأعلى بن حماد قال : نا معتمر بن سليمان ، عن محمد بن أبي حميد ، عن محمد بن كعب القرظي سمعته يقول :

لقد سمى الله تعالى المكذبين بالقدر باسم نسبهم إليه في القرآن

، فقال تعالى : إن المجرمين في ضلال وسعر يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر ، إنا كل شيء خلقناه بقدر (1) قال : فهم المجرمون

__________

(1) سورة : القمر آية رقم : 47

493 - وأخبرنا الفريابي قال : نا أبو بكر بن أبي شيبة قال : نا وكيع ، عن سفيان ، عن سالم بن أبي حفصة ، عن محمد بن كعب القرظي في قوله عز وجل : إنا كل شيء خلقناه بقدر (1) قال : نزلت تعييرا لأهل القدر

__________

(1) سورة : القمر آية رقم : 49

494 - أخبرنا الفريابي قال : نا إسحاق بن موسى الأنصاري قال : نا الحسن بن موسى البزار قال : نا أبو مودود ، أن محمد بن كعب قال لهم : «

لا تخاصموا هذه القدرية ولا تجالسوهم ، والذي نفسي بيده

لا يجالسهم رجل لم يجعل الله له فقها في دينه ، ولا علما في كتابه ، إلا أمرضوه ، والذي نفس محمد بيده لوددت أن يميني هذه تقطع على كبر سني ، وأنهم أتموا آية من كتاب الله تعالى ، ولكنهم يأخذون بأولها ويتركون آخرها ، ويأخذون بآخرها ويتركون أولها ، والذي نفسي بيده لإبليس أعلم بالله تعالى منهم ، يعلم من أغواه ، وهم يزعمون أنهم يغوون أنفسهم ويرشدونها »

495 - أخبرنا الفريابي قال : نا محمد بن مصفى قال : نا بقية بن الوليد قال : نا عمر بن عبد الله ، مولى غفرة عن محمد بن كعب القرظي قال :

لو أن الله تعالى مانع أحدا لمنع إبليس مسألته حين عصاه

، ودحره عن جنته ، وآيسه من رحمته ، وجعله داعيا إلى الغي ، فسأله النظرة أن ينظره إلى يوم يبعثون فأنظره ، ولو كان الله مشفعا أحدا في شيء ليس في أم الكتاب ، لشفع إبراهيم عليه السلام في أبيه حين اتخذه خليلا ، وشفع محمدا صلى الله عليه وسلم في عمه

إبراهيم النخعي

496 - أخبرنا الفريابي قال : نا محمد بن أبي بكر المقدمي قال : نا عبد الرحمن بن مهدي ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم في قول الله تعالى ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم (1) قال : بفاتنين إلا من قدر له أن يصلى الجحيم

__________

(1) سورة : الصافات آية رقم : 162

497 - أخبرنا الفريابي قال : نا عثمان بن أبي شيبة قال : نا أبو أسامة ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم في قوله : ما أنتم عليه بفاتنين (1) قال : بمضلين إلا من قدر له وقضى له أن يصلى الجحيم

__________

(1) سورة : الصافات آية رقم : 162

498 - أخبرنا الفريابي قال : نا عبد الأعلى بن حماد قال : نا محمد بن عبد الله قال : حدثنا يعلى بن الحارث المحاربي ، عن وائل بن داود قال : سمعت إبراهيم يقول :

إن آفة كل دين القدر

القاسم وسالم وغيرهما

499 - حدثنا الفريابي قال : نا أبو بكر بن أبي شيبة قال : نا أحمد بن إسحاق ، عن عكرمة بن عمار قال : سمعت القاسم ، وسالما

يلعنان القدرية

500 - أخبرنا الفريابي قال : حدثني إسحاق بن سيار قال : نا عبد الله بن صالح قال : نا معاوية بن صالح ، عن ضمرة بن حبيب ، عن جبير بن نفير أنه قال :

إن الله تعالى كان عرشه على الماء ، وإنه خلق القلم

فكتب ما هو خالق ، وما هو كائن إلى يوم القيامة ، ثم إن ذلك الكتاب سبح الله ومجده ألف عام قبل أن يبدأ الله تعالى خلق شيء من الأشياء

501 - وأخبرنا الفريابي قال : نا أبو بكر بن أبي شيبة قال : نا معاوية بن هشام ، عن هشام بن سعد قال : قيل لنافع : إن هذا الرجل يتكلم في القدر قال :

فأخذ كفا من حصى فضرب بها وجهه

502 - وأخبرنا الفريابي قال : حدثني إبراهيم بن عبد الرحيم قال : نا عفان بن مسلم قال : حدثني حرب بن سريج أبو سفيان البزاز قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي فقال : أشامي أنت ؟ فقالوا له : إنه مولاك فقال : مرحبا ، وألقى لي وسادة من أدم (1) قال : قلت : إن منهم من يقول : لا قدر ، ومنهم من يقول : قدر الله الخير ، ولم يقدر الشر ، ومنهم من قال : ليس شيء كائنا ، ولا شيء كان إلا جرى به القلم ، فقال : بلغني أن قبلكم أئمة يصلون بالناس ، مقالتهم المقالتان الأولتان ،

فمن رأيتم منهم إماما يصلي بالناس فلا تصلوا وراءه ، ثم

سكت هنيهة فقال : من مات منهم فلا تصلوا عليه ، قاتلهم الله ، إخوان اليهود قلت : قد صليت خلفهم ، قال : من صلى خلف أولئك فليعد الصلاة

__________

(1) الأدم : الجلد المدبوغ

مجاهد

503 - أخبرنا الفريابي قال : نا إبراهيم بن عبد الله الهروي قال : أنا حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد في قول الله تعالى ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم (1) قال : إلا من كتب عليه أن يصلى الجحيم

__________

(1) سورة : الصافات آية رقم : 162

504 - أخبرنا الفريابي قال : نا سويد بن سعيد قال : نا مروان بن معاوية ، عن رجاء المكي قال : سمعت مجاهدا يقول :

القدرية مجوس هذه الأمة ويهودها فإن مرضوا فلا تعودوهم ، وإن

ماتوا فلا تشهدوهم

505 - أخبرنا أبو القاسم إبراهيم بن الهيثم الناقد قال : نا محمد بن بكار قال : نا إسماعيل بن عياش ، عن عبد الوهاب بن مجاهد ، عن أبيه قال : في قراءة عبد الله :

ما أصابك من حسنة فمن الله ، وما أصابك من سيئة

فمن نفسك وأنا كتبتها عليك (1)

__________

(1) سورة :

جماعة من التابعين ، وغيرهم من العلماء

506 - أخبرنا الفريابي قال : نا عبد الأعلى بن حماد قال : نا معتمر بن سليمان قال : نا أبو مخزوم ، عن سيار أبي الحكم قال : بلغنا أن وفد نجران قالوا : أما الأرزاق والآجال بقدر ، وأما الأعمال فليست بقدر ، فأنزل الله فيهم هذه الآية

إن المجرمين في ضلال وسعر ، يوم يسحبون في النار على

وجوههم ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر (1)

__________

(1) سورة : القمر آية رقم : 47

507 - أخبرنا الفريابي قال : نا الهيثم بن أيوب الطالقاني قال : نا المعتمر بن سليمان قال : سمعت أبا مخزوم يحدث عن سيار ، وأبي هاشم الرماني أنهما كانا يقولان :

التكذيب بالقدر شرك

508 - أخبرنا الفريابي قال : نا إبراهيم بن عبد الله الهروي قال : أنا هشيم قال : أنا جويبر ، عن الضحاك في قوله تعالى ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم (1) يقول : من سبق له في علم الله تعالى أنه يصلى الجحيم

__________

(1) سورة : الصافات آية رقم : 162

509 - وأخبرنا الفريابي قال : نا قتيبة بن سعيد قال : نا أنس بن عياض ، عن أبي حازم قال : قال الله تعالى : فألهمها فجورها وتقواها (1) فالتقي ألهمه التقوى ، والفاجر ألهمه الفجور

__________

(1) سورة : الشمس آية رقم : 8

510 - أخبرنا الفريابي قال : نا عمرو بن عثمان الحمصي قال : نا بقية بن الوليد ، عن أرطاة بن المنذر قال : ذكرت لابن عون شيئا من قول أهل التكذيب بالقدر فقال :

أما تقرءون كتاب الله تعالى وربك يخلق ما يشاء ويختار ما

كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون (1)

__________

(1) سورة : القصص آية رقم : 68

511 - وأخبرنا الفريابي قال : نا محمد بن المصفى قال : حدثني بقية بن الوليد قال سألت أرطاة بن المنذر قال : قلت : أرأيت من كذب بالقدر ؟ قال :

هذا لم يؤمن بالقرآن ، قلت أرأيت إن فسره على الجذام

(1) والبرص (2) ، والطويل والقصير ، وأشباه هذا ؟ قال : هذا لم يؤمن بالقرآن ، قلت فشهادته ؟ قال : إذا استقر أنه كذلك : لم يجز شهادته ؛ لأنه عدو ، ولا يجوز شهادة عدو

__________

(1) الجُذَام : هو الدَّاء المعروف يصيب الجلد والأعصاب وقد تتساقط منه الأطراف

(2) البرص : بياض يصيب الجِلْد

512 - أخبرنا الفريابي قال : نا إبراهيم بن الحجاج السامي قال : نا جويرية بن أسماء قال : سمعت علي بن زيد تلا هذه الآية قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين (1) فنادى بأعلى صوته : انقطع والله هاهنا كلام القدرية

__________

(1) سورة : الأنعام آية رقم : 149

513 - أخبرنا الفريابي قال : سمعت عمرو بن علي يقول : سمعت أبا محمد الغنوي يقول : سألت حماد بن سلمة ، وحماد بن زيد ، ويزيد بن زريع ، وبشر بن المفضل ، والمعتمر بن سليمان عن

رجل زعم أنه يستطيع أن يشاء في ملك الله تعالى ما

لا يشاء فكلهم قال : كافر مشرك ، حلال الدم ، إلا معتمرا فإنه قال : الأحسن بالسلطان استتابته

514 - وأخبرنا الفريابي قال : سمعت نصر بن علي قال : سمعت الأصمعي يقول :

من قال : إن الله تعالى لا يرزق الحرام ، فهو

كافر

515 - أخبرنا الفريابي قال : نا محمد بن إسماعيل قال : نا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي قال : قال مالك بن أنس :

ما أضل من كذب بالقدر لو لم يكن عليهم فيه حجة

إلا قوله تعالى : هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن (1) لكفى به حجة

__________

(1) سورة : التغابن آية رقم : 2

516 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : نا عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد قال : حدثني عبد الله بن وهب قال : سمعت الليث بن سعد يقول في

المكذب بالقدر : ما هو بأهل أن يعاد في مرضه

، ولا يرغب في شهود جنازته ، ولا تجاب دعوته

517 - وأخبرنا الفريابي قال : سمعت أبا حفص عمرو بن علي قال : سمعت معاذ بن معاذ ، وذكر قصة عمرو بن عبيد :

إن كانت تبت يدا أبي لهب في اللوح المحفوظ ، فما

على أبي لهب من لوم ، قال أبو حفص : فذكرته لوكيع بن الجراح فقال : « من قال بهذا يستتاب ، فإن تاب وإلا ضربت عنقه »

باب سيرة عمر بن عبد العزيز رحمه الله في أهل القدر

518 - أخبرنا الفريابي قال : نا قتيبة بن سعيد قال : نا مالك بن أنس ، عن عمه أبي سهيل بن مالك قال : كنت أسير مع عمر بن عبد العزيز رحمه الله ، فاستشارني في القدرية قلت : أرى أن

تستتيبهم فإن تابوا ، وإلا عرضتهم على السيف ، فقال :

أما إن ذلك رأيي قال مالك : وذلك رأيي

519 - أخبرنا الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : نا عبد الله بن جعفر والد علي بن المديني قال : حدثني أبو سهيل نافع بن مالك قال : سايرت عمر بن عبد العزيز فاستشارني في القدرية فقلت : أرى أن

تستتيبهم ، فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم فقال عمر : أما

إن تلك سيرة الحق فيهم

520 - أخبرنا الفريابي قال : حدثنا إسحاق بن موسى قال : نا أبو ضمرة أنس بن عياض قال : حدثني أبو سهيل نافع بن مالك بن أبي عامر أنه قال : قال لي عمر بن عبد العزيز من فيه إلى أذني : ما تقول في الذين يقولون : لا قدر ؟ قلت : أرى أن يستتابوا ، فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم ، فقال عمر : ذلك الرأي فيهم ، والله لو لم يكن إلا هذه الآية الواحدة لكفت :

فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال

الجحيم (1)

__________

(1) سورة : الصافات آية رقم : 161

521 - وأخبرنا الفريابي قال : نا عبد الله بن عبد الجبار الحمصي قال ثنا محمد بن حمير ، عن محمد بن مهاجر ، عن أخيه عمرو بن مهاجر قال بلغ عمر بن عبد العزيز أن غيلان يقول في القدر فبعث إليه فحجبه (1) أياما ، ثم أدخله عليه ، فقال غيلان : ما هذا الذي بلغني عنك ؟ قال عمرو بن مهاجر : فأشرت إليه أن لا تقول شيئا قال : فقال : نعم يا أمير المؤمنين ، إن الله تعالى قال : هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ، إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا (2) قال : اقرأ آخر السورة : وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما (3) ثم قال : ما تقول يا غيلان ؟ قال : أقول : قد كنت أعمى فبصرتني ، وأصم فأسمعتني ، وضالا فهديتني ، فقال عمر :

اللهم إن كان عبدك غيلان صادقا ، وإلا فاصلبه ، فأمسك

عن الكلام في القدر ، فولاه عمر بن عبد العزيز دار الضرب بدمشق ، فلما مات عمر بن عبد العزيز ، وأفضت الخلافة إلى هشام ، تكلم في القدر ، فبعث إليه هشام فقطع يده ، فمر به رجل والذباب على يده ، فقال له : يا غيلان : هذا قضاء وقدر ، فقال : كذبت ، لعمر الله ما هذا قضاء ولا قدرا ، فبعث إليه هشام فصلبه

__________

(1) حجب : منع وحجز

(2) سورة : الإنسان آية رقم : 1

(3) سورة : الإنسان آية رقم : 30

522 - وأخبرنا الفريابي قال : نا عبيد الله بن معاذ قال : نا أبي قال : نا محمد بن عمرو الليثي ، أن الزهري حدثه قال : دعا عمر بن عبد العزيز رحمه الله غيلان فقال : يا غيلان بلغني أنك تتكلم في القدر ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إنهم يكذبون علي ؟ فقال : يا غيلان ، اقرأ أول يس فقرأ : يس والقرآن الحكيم (1) حتى أتى إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون (2) فقال غيلان : والله يا أمير المؤمنين لكأني لم أقرأها قط قبل اليوم ، أشهدك يا أمير المؤمنين أني تائب مما كنت أقول ، فقال عمر :

اللهم إن كان صادقا فثبته ، وإن كان كاذبا فاجعله آية

للمؤمنين

__________

(1) سورة : يس آية رقم : 1

(2) سورة : يس آية رقم : 8

523 - أخبرنا الفريابي قال : نا هشام بن خالد الأزرق قال : حدثنا أبو مسهر قال : حدثني عون بن حكيم قال : حدثني الوليد بن سليمان مولى ابن أبي السائب أن رجاء بن حيوة كتب إلى هشام بن عبد الملك : بلغني يا أمير المؤمنين أنه وقع (1) في نفسك شيء من قبل غيلان وصالح ،

فوالله لقتلهما أفضل من ألفين من الروم والترك قال هشام :

صالح مولى ثقيف

__________

(1) وقع : استقر ودخل

524 - وأخبرنا الفريابي قال : نا عبد الله بن أبي سعد قال : نا الهيثم بن خارجة قال : نا عبد الله بن سالم الأشعري حمصي ، عن إبراهيم بن أبي عبلة قال : كنت عند عبادة بن نسي فأتاه رجل فأخبره أن أمير المؤمنين هشاما ، قطع يد غيلان ولسانه وصلبه ، فقال له : حقا ما تقول ؟ قال : نعم قال :

أصاب والله السنة والقضية ولأكتبن إلى أمير المؤمنين فلأحسنن له

ما صنع

525 - وأخبرنا الفريابي قال : حدثني إسحاق بن سيار النصيبي قال : نا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية يعني ابن صالح ، عن حكيم بن عمير قال : قيل لعمر بن عبد العزيز : إن قوما ينكرون من القدر شيئا ، فقال عمر : « بينوا لهم وارفقوا بهم ، حتى يرجعوا » ، فقال قائل : هيهات هيهات يا أمير المؤمنين لقد اتخذوه دينا يدعون إليه الناس ، ففزع لها عمر فقال «

أولئك أهل أن تسل ألسنتهم من أقفيتهم سلا ، هل

طار ذباب بين السماء والأرض إلا بمقدار ؟ » أخبرنا الفريابي قال : نا محمد بن مصفى قال : نا بقية بن الوليد قال : حدثني أرطاة بن المنذر قال : حدثني حكيم بن عمير قال : قيل لعمر بن عبد العزيز فذكر الحديث نحوا منه

526 - وأخبرنا الفريابي قال : نا أبو بكر بن أبي شيبة قال : نا عبد الله بن إدريس ، عن عمر بن ذر قال : قال عمر بن عبد العزيز :

لو أراد الله تعالى أن لا يعصى ، ما خلق

إبليس ، وهو رأس الخطيئة

527 - أخبرنا الفريابي قال : نا محمد بن أبي بكر المقدمي قال : نا عبد الرحمن بن مهدي ، عن عمر بن ذر قال : سمعت عمر بن عبد العزيز يقول :

لو أراد الله أن لا يعصى ما خلق إبليس

، قد فسر ذلك في آية من كتاب الله تعالى ، عقلها من عقلها ، وجهلها من جهلها : ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم (1)

__________

(1) سورة : الصافات آية رقم : 162

528 - وأخبرنا الفريابي قال : نا أبو بكر بن أبي شيبة قال : نا عبد الله بن إدريس ، عن عمر بن ذر قال : قال عمر بن عبد العزيز :

لو أراد الله تعالى أن لا يعصى ما خلق إبليس

، وهو رأس الخطيئة ، وإن في ذلك لعلما من كتاب الله تعالى جهله من جهله وعرفه من عرفه ثم قرأ : فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم (1)

__________

(1) سورة : الصافات آية رقم : 161

529 - حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني قال : أنا إبراهيم بن عبد الله الهروي قال : نا عبد الله بن أبي الوليد قال : خرج عمر بن عبد العزيز رحمه الله يوم الجمعة فخطب كما كان يخطب ، ثم قال : « أيها الناس ،

من عمل منكم خيرا فليحمد الله تعالى ، ومن أساء فليستغفر

الله ، ومن عاد فليستغفر الله ثم إن عاد فليستغفر الله ؛ فإنه لابد لأقوام أن يعملوا أعمالا وضعها الله تعالى في رقابهم ، وكتبها عليهم »

530 - أخبرنا الفريابي قال : نا عبد الرحمن بن إبراهيم قال : نا الوليد قال : سمعت ابن جريج ، يقول : قال عمر بن عبد العزيز :

لو أراد الله أن لا يعصى ما خلق إبليس

531 - أخبرنا الفريابي قال : نا محمد بن العلاء قال : نا ابن إدريس ، عن عمر بن ذر قال : قدمنا على عمر بن عبد العزيز خمسة : موسى بن أبي كثير ، ودثار النهدي ، ويزيد الفقير ، والصلت بن بهرام ، وعمر بن ذر فقال : إن كان أمركم واحدا فليتكلم متكلمكم ، فتكلم موسى بن أبي كثير ، وكان أخوف ما يتخوف عليه أن يكون عزم بشيء من أمر القدر قال : فعرض له عمر فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال :

لو أراد تعالى أن لا يعصى ما خلق إبليس وهو

رأس الخطيئة وإن في ذلك لعلما من كتاب الله ، علمه من علمه وجهله من جهله ، ثم تلا هذه الآية : فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتنين ، إلا من هو صال الجحيم (1) ثم لو أراد الله تعالى حمل خلقه من حقه على قدر عظمته لم يطق على ذلك أرض ولا سماء ، ولا ماء ولا جبل ، ولكنه رضي من عباده بالتخفيف

__________

(1) سورة : الصافات آية رقم : 161

532 - أخبرنا الفريابي قال : نا إبراهيم بن عبد الله قال : أنا علي بن ثابت ، عن عمر بن ذر قال : جلسنا إلى عمر بن عبد العزيز فتكلم منا متكلم ، فعظم الله تعالى وذكر بآياته ، فلما فرغ تكلم عمر بن عبد العزيز ، فحمد الله وأثنى عليه ، وشهد شهادة الحق ، وقال للمتكلم : إن الله تعالى كما ذكرت وعظمت ، ولكن الله تعالى :

لو أراد أن لا يعصى ما خلق إبليس وقد بين

ذلك في آية من القرآن ، علمها من علمها وجهلها من جهلها ، ثم قرأ : فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتنين ، إلا من هو صال الجحيم (1) قال ومعنا : رجل يرى رأي القدرية ، فنفعه الله تعالى بقول عمر بن عبد العزيز ورجع عما كان يقول ، فكان أشد الناس بعد ذلك على القدرية

__________

(1) سورة : الصافات آية رقم : 161

533 - وأخبرنا الفريابي قال : نا أبو كامل الجحدري قال : نا بشر بن المفضل قال : نا التيمي قال : سأل رجل عمر بن عبد العزيز رحمه الله عن القدر ؟ فقال : « ما جرى ذباب بين اثنين إلا بقدر » ، ثم قال للسائل : لا تعودن تسألني عن مثل هذا

534 - أخبرنا الفريابي قال : نا هشام بن عمار قال : نا الهيثم بن عمران قال سمعت عمرو بن مهاجر قال : أقبل غيلان وهو مولى لآل عثمان ، وصالح بن سويد إلى عمر بن عبد العزيز فبلغه أنهما ينطقان في القدر ، فدعاهما فقال : «

إن علم الله تعالى نافذ في عباده أم منتقض ؟

» قالا : بل نافذ يا أمير المؤمنين قال : ففيم الكلام ؟ فخرجا ، فلما كان عند مرضه بلغه أنهما قد أسرفا ، فأرسل إليهما وهو مغضب فقال : ألم يك في سابق علمه حين أمر إبليس بالسجود أنه لا يسجد ؟ قال عمرو : فأومأت إليهما برأسي : قولا : نعم ، فقالا : نعم ، فأمر بإخراجهما ، وبالكتاب إلى الأجناد بخلاف ما قالا فمات عمر رضي الله عنه قبل أن ينفذ تلك الكتب قال محمد بن الحسين رحمه الله : كان غيلان مصرا على الكفر بقوله في القدر ، فإذا حضر عند عمر رحمه الله نافق ، وأنكر أن يقول بالقدر ، فدعا عليه عمر بأن يجعله الله تعالى آية للمؤمنين ، إن كان كذابا ، فأجاب الله عز وجل فيه دعوة عمر ، فتكلم غيلان في وقت هشام هو وصالح مولى ثقيف ، فقتلهما وصلبهما ، وقبل ذلك قطع يد غيلان ولسانه ، ثم قتله وصلبه ، فاستحسن العلماء في وقته ما فعل بهما ، فهكذا ينبغي لأئمة المسلمين وأمرائهم إذا صح عندهم أن إنسانا يتكلم في القدر بخلاف ما عليه من تقدم أن يعاقبه بمثل هذه العقوبة ، ولا تأخذهم في الله لومة لائم

535 - وحدثني أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : نا أبو موسى محمد بن المثنى قال : نا مؤمل بن إسماعيل ، قال : نا سفيان الثوري قال : حدثني شيخ - قال مؤمل : زعموا أنه أبو رجاء الخراساني - أن عدي بن أرطاة ، كتب إلى عمر بن عبد العزيز : إن قبلنا قوما يقولون : لا قدر ، فاكتب إلي برأيك ، واكتب إلي بالحكم فيهم فكتب إليه : بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى عدي بن أرطأة أما بعد : فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد : فإني

أوصيك بتقوى الله ، والاقتصاد في أمره ، واتباع سنة نبيه

صلى الله عليه وسلم ، وترك ما أحدث المحدثون مما قد جرت سنته ، وكفوا مؤنته (1) ، فعليكم بلزوم السنة ، فإن السنة إنما سنها من قد عرف ما في خلافها من الخطأ والزلل ، والحمق والتعمق ، فارض لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم ، فإنهم عن علم وقفوا ، وببصر نافذ قد كفوا ، ولهم كانوا على كشف الأمور أقوى وبفضل لو كان فيه أجري فلئن قلتم : أمر حدث بعدهم ، ما أحدثه بعدهم إلا من اتبع غير سنتهم ، ورغب بنفسه عنهم ، إنهم لهم السابقون ، فقد تكلموا منه بما يكفي ، ووصفوا منه ما يشفي ، فما دونهم مقصر ، وما فوقهم مخسر ، لقد قصر عنهم آخرون فضلوا وإنهم بين ذلك لعلى هدى مستقيم كتبت تسألني عن القدر ؟ على الخبير بإذن الله تعالى سقطت ، ما أحدث المسلمون محدثة ، ولا ابتدعوا بدعة هي أبين أمرا ، ولا أثبت من أمر القدر ، ولقد كان ذكره في الجاهلية الجهلاء يتكلمون به في كلامهم ، ويقولون به في أشعارهم ، يعزون به أنفسهم عن مصائبهم ، ثم جاء الإسلام فلم يزده إلا شدة وقوة ، ثم ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في غير حديث ولا حديثين ولا ثلاثة ، فسمعه المسلمون من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتكلموا في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعد وفاته ، يقينا وتصديقا وتسليما لربهم وتضعيفا لأنفسهم : أن يكون شيء من الأشياء لم يحط به علمه ، ولم يحصه كتابه ولم ينفذ فيه قدره ، فلئن قلتم : قد قال الله تعالى في كتابه كذا وكذا ، ولما أنزل الله تعالى أنه كذا وكذا ؟ لقد قرءوا منه ما قد قرأتم ، وعلموا من تأويله ما جهلتم ، ثم قالوا بعد ذلك : كله كتاب وقدر ، وكتب الشقوة ، وما يقدر يكن ، وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، ولا نملك لأنفسنا ضرا ولا نفعا ، ثم رغبوا بعد ذلك ورهبوا ، كتبت إلي تسألني الحكم فيهم ، فمن أوتيت به منهم فأوجعه ضربا ، واستودعه الحبس ، فإن تاب من رأيه السوء ، وإلا فاضرب عنقه ، والسلام عليكم

__________

(1) المؤنة أو المئونة : مشقة البحث

536 - أخبرنا الفريابي قال : نا أبو المنذر عنبسة بن يحيى المروزي ، بالشاش سنة ثمان وعشرين ومائتين قال : نا أبو داود الحفري ، عن أبي رجاء قال : كتب عامل لعمر بن عبد العزيز إليه يسأله عن القدر ؟ فكتب إليه : أما بعد ،

فإني أوصيك بتقوى الله تعالى ، واتباع سنة رسول الله

صلى الله عليه وسلم ، والاجتهاد في أمره ، وترك ما أحدث المحدثون بعده وذكر الحديث نحوا من الحديث الذي قبله قال محمد بن الحسين رحمه الله : هذه حجتنا على القدرية : كتاب الله تعالى ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وسنة أصحابه والتابعين لهم بإحسان وقول أئمة المسلمين ، مع تركنا للجدال والمراء ، والبحث عن القدر فإنا قد نهينا عنه ، وأمرنا بترك مجالسة القدرية ، وأن لا نناظرهم ، ولا نفاتحهم على سبيل الجدل ، بل يهجرون ويهانون ويذلون ، ولا يصلى خلف واحد منهم ، ولا تقبل شهادتهم ولا يزوج ، وإن مرض لم يعد وإن مات لم يحضر جنازته ، ولم تجب دعوته في وليمة إن كانت له ، فإن جاء مسترشدا أرشد على معنى النصيحة له ، فإن رجع فالحمد لله ، وإن عاد إلى باب الجدل والمراء لم نلتفت عليه ، وطرد وحذر منه ، ولم يكلم ولم يسلم عليه

باب ترك البحث والتنقير عن النظر في أمر المقدر كيف ؟

ولم ؟ بل الإيمان به والتسليم

537 - حدثنا أبو العباس سهل بن أبي سهل الواسطي قال : نا أبو حفص عمرو بن علي قال : نا يحيى بن عثمان القرشي سنة ثمانين ومائة سمعته منه قال : نا يحيى بن عبد الله بن أبي مليكة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «

من تكلم في القدر سئل عنه ، ومن لم يتكلم

فيه لم يسأل عنه »

538 - حدثنا أبو سهل بن أبي سهل أيضا قال : نا عمرو بن علي قال : نا حماد بن مسعدة قال : حدثني زياد أبو عمرو قال : نا محمد بن إبراهيم القرشي ، عن أبيه قال : كنت جالسا عند ابن عمر فسئل عن القدر ؟ فقال : «

شيء أراد الله تعالى ألا يطلعكم عليه ، فلا تريدوا

من الله تعالى ما أبى عليكم » قال محمد بن الحسين رحمه الله : هذا معنى ما قال عمر بن عبد العزيز في رسالته لأهل القدر ، قوله : فلئن قلتم : قد قال الله في كتابه كذا وكذا ، يقال لهم : لقد قرءوا منه يعني الصحابة ما قد قرأتم وعلموا من تأويله ما جهلتم ، ثم قالوا بعد ذلك كله : كله كتاب وقدر ، وكتب الشقوة ، وما قدر يكن ، وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، ولا نملك لأنفسنا ضرا ولا نفعا ، ثم رغبوا بعد ذلك ورهبوا والسلام

539 - أخبرنا الفريابي قال : نا أبو بكر بن أبي شيبة قال : نا وكيع ، عن سفيان الثوري ، عن داود بن أبي هند : أن

عزيرا سأل ربه تعالى عن القدر ؟ فقال : سألتني عن

علمي ، عقوبتك أن لا أسميك في الأنبياء

540 - أخبرنا الفريابي قال : نا قتيبة بن سعيد قال : حدثنا جعفر بن سليمان ، عن أبي عمران الجوني ، عن نوف قال : «

قال عزير فيما يناجي به ربه : يا رب تخلق

خلقا فتضل من تشاء وتهدي من تشاء قال : قيل له : يا عزير ، أعرض عن هذا قال : فعاد فقال : يا رب تخلق خلقا ، فتضل من تشاء وتهدي من تشاء قال : قيل له : يا عزير ، أعرض عن هذا ، وكان الإنسان أكثر شيء جدلا (1) فعاد فقال : يا عزير ، لتعرضن عن هذا أو لمحوتك من النبوة ، إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون »

__________

(1) سورة : الكهف آية رقم : 54

541 - حدثني أبو عبد الله جعفر بن إدريس القزويني قال : حدثنا أبو يوسف يعقوب بن إسحاق القزويني الصواف قال : نا سهل بن عثمان العسكري قال : حدثني سعيد بن النعمان ، عن نهشل ، عن الضحاك بن عثمان قال : وافيت الموسم ، فلقيت في مسجد الخيف ذكر الجماعة قال : ورأيت طاوسا اليماني ، فسمعته يقول لرجل : إن القدر سر الله تعالى ، فلا تدخلن فيه ، ولقد سمعت أبا الدرداء يحدث عن نبيكم صلى الله عليه وسلم : «

أن موسى عليه السلام لما خرج من عند فرعون متغير

الوجه ، إذ استقبله ملك من خزان النار ، وهو يقلب كفيه متعجبا لما قال له الروح الأمين : إن ربك عز وجل أرسلك إلى فرعون مع أنه قد طبع على قلبه فلن يؤمن قال : يا جبريل ، فدعائي ما هو ؟ قال : امض لما أمرت قال صدقت ، ثم قال : يا موسى اثنا عشر ملكا من خزان النار ، وقد جهدنا على أن نسأل في هذا الأمر ، فأوحى إلينا أن القدر سر الله ، فلا تدخلوا فيه »

542 - وأخبرنا الفريابي قال : نا عبد الأعلى بن حماد قال : نا حماد بن سلمة قال : أنا كلثوم بن جبر ، عن وهب بن منبه أنه قال : «

أجد في التوراة ، أو في الكتاب : أنا الله

لا إله إلا أنا خالق الخلق ، خلقت الخير والشر ، وخلقت من يكون الخير على يديه ، فطوبى (1) لمن خلقته ليكون الخير على يديه ، وويل لمن خلقته ليكون الشر على يديه »

__________

(1) طوبى : اسم الجنة ، وقيل هي شجرة فيها

543 - وأخبرنا الفريابي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد قال : نا الليث بن سعد ، عن عقيل ، عن الزهري ، عن مسافع الحاجب أنه قال « وجدوا حجرا حين نقضوا البيت فيه ثلاثة صفوح ، فيها كتاب من كتب الأول ، فدعى لها رجل فقرأها ، فإذا في صفح منها : أنا الله ذو بكة صغتها يوم صغت الشمس والقمر حففتها بسبعة أملاك ، وباركت لأهلها في اللحم والماء ، وفي الصفح الآخر : أنا الله ذو بكة ،

خلقت الرحم ، واشتققت لها من اسمي ، فمن وصلها وصلته

، ومن قطعها بتته (1) ، وفي الصفح الثالث : أنا الله ذو بكة خلقت الخير والشر ، فطوبى لمن كان الخير على يديه ، وويل لمن كان الشر على يديه »

__________

(1) البت : القطع المستأصل

544 - وأخبرنا الفريابي قال : نا سويد بن سعيد قال : يوسف بن سهل الواسطي قال :

حججت فسمعت رجلا ، يلبي يقول في تلبيته : لبيك

لبيك ، والشر ليس إليك ، فلما دخلت مكة لقيت سفيان ، فأخبرته بالذي سمعت ، فما زادني على أن قال : قل أعوذ برب الفلق ، من شر ما خلق (1)

__________

(1) سورة : الفلق آية رقم : 1

545 - وأخبرنا الفريابي قال : نا قطن بن نسير قال : نا جعفر بن سليمان قال : نا أبو سنان قال : اجتمع وهب بن منبه ، وعطاء الخراساني بمكة فقال عطاء : يا أبا عبد الله ما كتب بلغني أنها كتبت عنك في القدر ؟ فقال وهب : وما كتبت كتبا ، ولا تكلمت في القدر ، ثم قال وهب : قرأت نيفا وسبعين من كتب الله تعالى ، منها نيف وأربعون ظاهرة في الكنائس ، ومنها نيف وعشرون لا يعلمها إلا قليل من الناس ، فوجدت فيها كلها : «

أن من وكل إلى نفسه شيئا من المشيئة فقد كفر

»

546 - وأخبرنا الفريابي قال : حدثني أبو حفص عمرو بن عثمان الحمصي قال : نا بقية بن الوليد قال : حدثنا أبو عمرو يعني الأوزاعي قال : نا العلاء بن الحجاج ، عن محمد بن عبيد المكي ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قيل له إن رجلا قدم علينا يكذب بالقدر فقال : « دلوني عليه » وهو يومئذ أعمى فقالوا : وما تصنع به ؟ قال : « والذي نفسي بيده ، لئن استمكنت منه لأعضن أنفه حتى أقطعه ، ولئن وقعت رقبته في يدي لأدقنها ، والذي نفسي بيده

لا ينتهي بهم سوء رأيهم حتى يخرجوا الله تعالى من أن

يكون قدر الخير ، كما أخرجوه من أن يقدر الشر »

547 - وأخبرنا الفريابي قال : نا عمرو بن عثمان الحمصي قال : نا بقية قال : نا أبو عمرو الأوزاعي ، عن عبدة بن أبي لبابة قال :

علم الله تعالى ما هو خالق وما الخلق عاملون ، ثم

كتبه ، ثم قال لنبيه صلى الله عليه وسلم : ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير (1)

__________

(1) سورة : الحج آية رقم : 70

548 - وأخبرنا الفريابي قال : نا أبو أنس مالك بن سليمان الألهاني الحمصي قال : حدثنا بقية بن الوليد ، عن أرطاة بن المنذر ، عن مجاهد بن جبر ، أنه بلغه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «

إن أول شيء خلقه الله القلم ، فأخذه بيمينه وكلتا

يديه يمين قال : فكتب الدنيا وما يكون فيها من عمل معمول ، بر أو فجور ، رطب أو يابس ، فأحصاه عنده في الذكر ، ثم قال : اقرءوا إن شئتم : هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون (1) فهل تكون النسخة إلا من أمر قد فرغ منه » قال محمد بن الحسين رحمه الله : فهذا طريق أهل العلم : الإيمان بالقدر خيره وشره ، واقع من الله بمقدور جرى به ، يضل من يشاء ويهدي من يشاء لا يسأل عما يفعل وهم يسألون (2) وأما الحجة في ترك مجالسة القدرية ولا يفاتحون بكلام ، ولا بمناظرة إلا عند الضرورة وإثبات الحجة عليهم وتبكيتهم ، أو يسترشد منهم مسترشد للاسترشاد فيرشد ، ويوقف على طريق الحق ، ويحذر طريق الباطل ، فلا بأس بالبيان على هذا النعت ، وسأذكر في ذلك ما يدل على ما قلت إن شاء الله ، فالله الموفق لكل رشاد

__________

(1) سورة : الجاثية آية رقم : 29

(2) سورة : الأنبياء آية رقم : 23

549 - أخبرنا الفريابي قال : نا إسحاق بن راهويه قال : أنا المقرئ عبد الله بن يزيد قال : نا سعيد بن أبي أيوب ، عن عطاء بن دينار ، عن حكيم بن شريك الهذلي ، عن يحيى بن ميمون الحضرمي ، عن ربيعة الجرشي ، عن أبي هريرة ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

لا تجالسوا أهل القدر ولا تفاتحوهم حدثنا أبو العباس سهل

بن أبي سهل الواسطي قال : نا أبو حفص عمرو بن علي قال : نا عبد الله بن يزيد المقرئ قال : نا سعيد بن أبي أيوب وذكر الحديث ، مثله سواء

550 - وأخبرنا الفريابي قال : نا محمد بن داود قال : نا أحمد بن صالح قال : نا عبد الله بن وهب قال : نا الليث بن سعد ، عن عبيد الله بن عمر قال : كنا نجالس يحيى بن سعيد فيسرد علينا مثل اللؤلؤ ، فإذا طلع ربيعة قطع يحيى الحديث إعظاما لربيعة ، فبينا نحن يوما يحدثنا تلا هذه الآية :

وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم

(1) فقال له جميل بن نباتة العراقي وهو جالس معنا : يا أبا محمد ، أرأيت السحر من تلك الخزائن ؟ فقال يحيى : سبحان الله ، ما هذا من مسائل المسلمين ، فقال عبد الله بن أبي حبيبة : إن أبا محمد ليس بصاحب خصومة ، ولكن علي فأقبل أما أنا فأقول : إن السحر لا يضر إلا بإذن الله ، أفتقول أنت ذلك ؟ فسكت ، فكأنما سقط عنا جبل

__________

(1) سورة : الحجر آية رقم : 21

551 - أخبرنا إبراهيم بن الهيثم الناقد قال : نا محمد بن بكار قال : نا إسماعيل بن عياش ، عن عمر بن محمد العمري قال : جاء رجل إلى سالم بن عبد الله فقال : رجل زنى ، فقال سالم : « يستغفر الله ويتوب إليه » فقال له الرجل : الله قدره عليه ؟ فقال سالم : نعم قال : « ثم أخذ قبضة من الحصباء ، فضرب بها وجه الرجل وقال : قم »

552 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : نا أيوب شيخ لنا قال : نا إسماعيل بن عمرو البجلي قال : نا عبد الملك بن هارون بن عنترة ، عن أبيه ، عن جده قال : أتى رجل علي بن أبي طالب كرم الله وجهه فقال : أخبرني عن القدر ؟ فقال : طريق مظلم فلا تسلكه ، قال : أخبرني عن القدر ؟ قال : بحر عميق فلا تلجه ، قال : أخبرني عن القدر ؟ قال :

سر الله فلا تكلفه ، ثم ولى الرجل غير بعيد

، ثم رجع ، فقال لعلي : في المشيئة الأولى أقوم وأقعد وأقبض وأبسط ؟ فقال له علي رضي الله عنه : إني سائلك عن ثلاث خصال ، ولن يجعل الله لك ولا لمن ذكر المشيئة مخرجا ، أخبرني أخلقك الله لما شاء أو لما شئت ؟ قال : بل لما شاء قال : أخبرني أفتجيء يوم القيامة كما شاء أو كما شئت ؟ قال : لا بل كما شاء ، قال أخبرني أخلقك الله كما شاء أو كما شئت ؟ قال : لا بل كما شاء قال : فليس لك من المشيئة شيء

553 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : نا أحمد بن صالح قال : نا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار قال : قال لنا طاوس :

أخروا معبدا الجهني فإنه كان قدريا

554 - أخبرنا الفريابي قال : نا قتيبة بن سعيد قال : نا سفيان ، عن عمرو قال : قال لنا طاوس :

أخروا معبدا الجهني فإنه كان يتكلم بالقدر

555 - أخبرنا الفريابي قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : نا يزيد بن هارون قال : أخبرني يحيى بن سعيد ، عن أبي الزبير أنه كان مع طاوس يطوف بالبيت ، فمر معبد الجهني فقال قائل لطاوس : هذا معبد الجهني فعدل إليه ، فقال : أنت المفتري على الله ، القائل ما لا تعلم ؟ قال : إنه يكذب علي قال أبو الزبير : فعدلت مع طاوس ، حتى دخلنا على ابن عباس ، فقال له طاوس : يا أبا عباس : الذين يقولون في القدر قال : أروني بعضهم ، قلنا : صانع ماذا ؟ قال :

إذا أضع يدي في رأسه فأدق عنقه

556 - حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن شاهين قال : نا عمار بن خالد الواسطي قال : نا مرحوم بن عبد العزيز العطار قال : سمعت أبي وعمي يقولان : سمعنا الحسن : « ينهى عن مجالسة ، معبد الجهني » ، ويقول : « لا تجالسوه » ، قال : وقال أبي : لا أعلم يومئذ أحدا يتكلم في القدر غير معبد ، ورجل من الأساورة يقال له شيشنويه

557 - أخبرنا الفريابي قال : نا محمد بن مصفى قال : نا بقية قال : حدثني محمد بن نافع الثقفي ، عن محمد بن عبيد بن أبي عامر المكي قال : لقيت غيلان بدمشق مع نفر من قريش ، فسألوني في أن أكلمه ، فقلت له : اجعل لي عهد الله وميثاقه ألا تغضب ، ولا تجحد ، ولا تكتم قال : فقال : ذلك لك ، فقلت : نشدتك الله ،

هل في السموات والأرض شيء قط من خير أو شر لم

يشأه الله ، ولم يعلمه حين كان ؟ قال غيلان : اللهم لا ، قلت : فعلم الله تعالى بالعباد كان قبل أو بعد أعمالهم ؟ قال غيلان : بل علمه كان قبل أعمالهم ، قلت : فمن أين كان علمه بهم من دار كانوا فيها قبله جبلهم في تلك الدار غيره ؟ وأخبره الذي جبلهم هو في الدار عنهم غيره ؟ أم من دار جبلهم هو فيها ؟ وخلق لهم القلوب التي يهوون بها المعاصي ؟ قال غيلان : بل من دار جبلهم فيها ، وخلق لهم القلوب التي يهوون بها المعاصي ، قلت : وهل كان الله يحب أن يطيعه جميع خلقه ؟ قال غيلان : نعم ، قلت : انظر ما تقول ؟ قال : هل معها غيرها قلت : نعم ، قلت : فهل كان إبليس يحب أن يعصي الله جميع خلقه ؟ قال : فلما عرف الذي أريد سكت ، فلم يرد علي شيئا

558 - أخبرنا الفريابي قال : نا نصر بن عاصم قال : نا الوليد بن مسلم ، عن سعيد بن عبد العزيز ، عن مكحول أنه قال :

حسيب غيلان الله ، لقد ترك هذه الأمة في مثل

لجج البحار

559 - وأخبرنا الفريابي قال : نا نصر قال : نا الوليد ، عن ابن جابر قال : سمعت مكحولا يقول : « ويحك يا غيلان لا تموت إلا مفتونا » قال محمد بن الحسين رحمه الله : فإن قال قائل : من أئمة القدرية في مذاهبهم ؟ قيل له : قد أجل الله تعالى المسلمين عن مذاهبهم ، وأئمتهم في مذاهبهم القدرية : معبد الجهني بالبصرة ، وقد رد عليه الصحابة والتابعون ما قد تقدم ذكرنا له ، وقبله رجل من أهل العراق كان نصرانيا فأسلم ، ثم تنصر ، فأخذ عنه معبد الجهني القدر ، كذا قال الأوزاعي رحمه الله ، وأخذ غيلان عن معبد ، وقد تقدم ذكرنا لقصة غيلان ، وما عجل الله له من الخزي في الدنيا ، وما له في الآخرة أعظم ، وعمرو بن عبيد وما ذمه العلماء وهجروه وكفروه ، هؤلاء أئمتهم الأنجاس والأرجاس

560 - أخبرنا الفريابي قال : نا صفوان بن صالح قال : ثنا محمد بن شعيب قال : سمعت الأوزاعي يقول :

أول من نطق بالقدر : رجل من أهل العراق يقال

له : سوسن ، وكان نصرانيا فأسلم ، ثم تنصر ، فأخذ عنه معبد الجهني ، وأخذ غيلان عن معبد

561 - أخبرنا الفريابي قال : نا إسحاق بن موسى الأنصاري قال : نا أنس بن عياض قال : أرسل إلي عبد الله بن يزيد بن هرمز فقال : لقد أدركت وما بالمدينة أحد يتهم بالقدر إلا رجل من جهينة يقال له معبد الجهني ،

فعليكم بدين العواتق اللائي لا يعرفن إلا الله تعالى

562 - أخبرنا الفريابي قال : نا أحمد بن خالد قال : نا معاذ بن معاذ قال : سمعت ابن عون يقول :

أول ما تكلم الناس في القدر بالبصرة معبد الجهني وأبو

يونس الأسواري

563 - وأخبرنا الفريابي قال : نا أبو بكر بن أبي شيبة قال : نا مرحوم بن عبد العزيز ، عن أبيه ، وعمه سمعهما يقولان : سمعنا الحسن « وهو

ينهى عن مجالسة معبد الجهني يقول : لا تجالسوه فإنه ضال

مضل » قال محمد بن الحسين رحمه الله : ثم اعلموا رحمنا الله وإياكم أن القدري لا يقول : اللهم وفقني ، ولا يقول : اللهم اعصمني ، ولا يقول : لا حول ولا قوة إلا بالله لأن عنده أن المشيئة إليه ، إن شاء أطاع وإن شاء عصى ، فاحذروا مذاهبهم لا يفتنوكم عن دينكم

564 - أخبرنا الفريابي قال : نا عمرو بن علي قال : سمعت معاذ بن معاذ ، يقول : صليت أنا وعمر بن الهيثم الرقاشي ، خلف الربيع بن برة قال معاذ : أخبرني عمر بن الهيثم أنه حضرته الصلاة مرة أخرى ، فصلى خلفه قال : فقعدت أدعو فقال : لعلك ممن يقول : اللهم اعصمني ؟ قال : معاذ :

فأعدت تلك الصلاة بعد عشرين سنة قال محمد بن الحسين رحمه

الله : وكان الربيع بن برة هذا قدريا ، وكان من المتعبدين عندهم

565 - أخبرنا الفريابي قال : نا عمرو بن علي قال : سمعت معاذ بن معاذ يقول : أخبرني عمر بن الهيثم قال :

خرجت في سفينة إلى الأبلة أنا وقاضيها هبيرة بن العديس قال

: وصحبنا في السفينة مجوس وقدري قال : فقال القدري للمجوسي : أسلم قال : فقال المجوسي حين يريد الله قال فقال القدري : الله يريد والشيطان لا يدعك قال : يقول المجوسي : أراد الله ، وأراد الشيطان ، فكان ما أراد الشيطان ، هذا شيطان قوي قال محمد بن الحسين : هذا الكلام ذكره الفريابي بالفارسية عن القدري والمجوسي ، ثم فسره لنا الفريابي هذا المعنى ونحوه

566 - حدثنا أبو الفضل العباس بن يوسف الشكلي : قال : قال بعض العلماء : مسألة يقطع بها القدري يقال له أخبرنا : «

أراد الله تعالى من العباد أن يؤمنوا فلم يقدر

، أو قدر فلم يرد ؟ فإن قال : قدر ولم يرد ، قيل له : فمن يهدي من لم يرد الله هدايته ؟ وإن قال : أراد ، فلم يقدر ، قيل له : لا يشك جميع الخلق أنك قد كفرت يا عدو الله »

567 - أخبرنا الفريابي قال : حدثني أبو تقي هشام بن عبد الملك قال : نا بقية بن الوليد قال : حدثني أبو غياث قال : بينا أنا أغسل رجلا من أهل القدر قال : فتفرقوا عني ، فبقيت وحدي فقلت :

ويل للمكذبين بأقدار الله تعالى قال : فانتفض حتى سقط عن

دفه قال : فلما دفناه عند باب الشرقي فرأيته في ليلتي تلك في منامي ، كأني منصرف من المسجد ، إذ الجنازة في السوق يحملها حبشيان رجلاها بين يديها فقلت : ما هذا ؟ فقالوا : فلان ، فقلت : سبحان الله ، أليس قد دفناه عند باب الشرقي ؟ قال : دفنتموه في غير موضعه ، فقلت : والله لأتبعنه حتى أنظر ما يصنع به ، فلما أن خرجوا به من باب اليهود مالوا به إلى نواويس النصارى ، فأتوا قبرا منها فدفنوه فيه ، فبدت لي رجلاه ، فإذا هو أشد سوادا من الليل

568 - أخبرنا الفريابي قال : نا أحمد بن أبي الحواري ، إملاء علي قال : قلت لأبي سليمان الداراني : من أراد الحظة فليتواضع في الطاعة فقال لي : ويحك ، وأي شيء التواضع ؟

إنما التواضع أن لا تعجب بعملك ، وكيف يعجب عاقل بعمله

؟ وإنما نعد العمل نعمة من الله تعالى ، ينبغي أن يشكر الله تعالى ويتواضع ، إنما يعجب بعمله القدري الذي يزعم أنه يعمل ، فأما من زعم أنه يستعمل ، فكيف يعجب ؟ قال محمد بن الحسين : يقال للقدري : يا من لعب به الشيطان ، يا من ينكر أن الله تعالى خلق الشر ، أليس إبليس أصل كل شر ؟ أليس الله خلقه ؟ أليس الله تعالى خلق الشياطين وأرسلهم على من أراد ليضلوهم عن طريق الرشد ؟ فأي حجة لك يا قدري ؟ يا من قد حرم التوفيق ، أليس الله تعالى قال : وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم (1) إلى قوله إنهم كانوا خاسرين ؟ وقال تعالى : ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون (2) وقال تعالى ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا (3) ؟

__________

(1) سورة : فصلت آية رقم : 25

(2) سورة : الزخرف آية رقم : 36

(3) سورة : مريم آية رقم : 83

569 - حدثنا أبو جعفر بن يحيى الحلواني قال : نا خلف بن هشام البزار قال : نا أبو شهاب يعني الحناط ، عن الأعمش ، عن خيثمة ، وعمارة بن عمير ، عن مسروق قال : دخلت أنا وأبو عطية على عائشة رضي الله عنها فقلنا لها : يا أم المؤمنين ، إن أبا عبد الرحمن يعني ابن مسعود يقول : من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه ، فأينا يحب الموت ؟ فقالت : يرحم الله ابن أم عبد ، حدث أول الحديث وأمسك عن آخره ، ثم أنشأت تحدث فقالت :

إذا أراد الله بعبد خيرا بعث إليه ملكا قبل موته بعام

يسدده ويوفقه حتى يموت على خير أحايينه ، فيقول الناس : مات فلان على خير أحايينه ، فإذا حضر ورأى ما أعد له ، جعل يتهوع نفسه من الحرص على أن يخرج ، هناك أحب لقاء الله وأحب الله لقاءه ، وإذا أراد الله بعبد غير ذلك ، قيض له شيطانا قبل موته بعام يغويه ويصده حتى يموت على شر أحايينه ، فيقول الناس : مات فلان على شر أحايينه ، فإذا حضر ورأى ما أعد له حتى يبتلع نفسه ، كراهية أن تخرج ، هناك : كره لقاء الله ، وكره الله لقاءه

570 - أخبرنا الفريابي قال : أنا عثمان بن أبي شيبة قال : نا جرير بن عبد الحميد ، عن الأعمش ، عن خيثمة ، عن أبي عطية قال : دخلت أنا ومسروق ، على عائشة رضي الله عنها ، فذكرنا لها قول عبد الله بن مسعود : من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه ، فقالت عائشة رضي الله عنها : يرحم الله أبا عبد الرحمن حدثكم أول الحديث ، ولم تسألوه عن آخره ، وسأحدثكم عن ذلك :

إن الله تعالى إذا أراد بعبد خيرا قيض له قبل موته

ملكا يسدده ويبشره ، حتى يموت وهو على خير ما كان ، ويقول الناس : مات فلان على خير ما كان ، فإذا حضر ورأى ثوابه من الجنة ، فجعل يتهوع نفسه ، ود لو خرجت نفسه ، فذلك حين أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، وإذا أراد الله بعبد شرا قيض له شيطانا قبل موته بعام ، فجعل يفتنه ويضله حتى يموت على شر ما كان ، ويقول الناس : مات فلان على شر ما كان ، فإذا حضر ورأى منزله من النار ، فجعل يبتلع نفسه أن تخرج ، هناك حين كره لقاء الله وكره الله لقاءه

571 - حدثنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن عاصم الدمشقي قال : نا أحمد بن أبي الحواري قال : نا عبد الله بن حجر قال : قال عبد الله بن المبارك يعني لرجل سمعه يقول : ما أجرأ فلانا على الله ، فقال : « لا تقل ما أجرأ فلانا على الله ، فإن الله تعالى أكرم من أن يجترأ عليه ، ولكن قل : » ما أغر فلانا بالله « قال : فحدثت به أبا سليمان الدراني فقال : صدق ابن مبارك ، الله تعالى أكرم من أن يجترأ عليه ، ولكنهم هانوا عليه فتركهم ومعاصيهم ، ولو كرموا عليه لمنعهم منها »

572 - وحدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : نا الحسين بن الحسن المروزي قال : أنا ابن المبارك قال : أنا شريك ، عن سالم ، عن سعيد بن جبير في قول الله تعالى : أولي الأيدي والأبصار (1) قال : الأيدي : القوة في العمل ، والأبصار : بصرهم ما هم فيه من دينهم قال محمد بن الحسين : فإن اعترض بعض هؤلاء القدرية بتأويله الخطأ ، فقال : قال الله تعالى : ما أصابك من حسنة فمن الله ، وما أصابك من سيئة فمن نفسك (2) فيزعم أن السيئة من نفسه ، دون أن يكون الله تعالى قضاها وقدرها عليه ، قيل له : يا جاهل ، إن الذي أنزلت عليه هذه الآية هو أعلم بتأويلها منك ، وهو الذي بين لنا جميع ما تقدم ذكرنا له من إثبات القدر ، وكذلك الصحابة الذين شاهدوا التنزيل رضي الله عنهم ، هم الذين بينوا لنا ولك إثبات المقادير بكل ما هو كائن من خير وشر ، وقيل : لو عقلت تأويلها لم تعارض بها ، ولعلمت أن الحجة عليك لا لك فإن قال : كيف ؟ قيل له : قوله تعالى : ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك أليس الله تعالى أصابه بها : خيرا كان أو شرا ؟ فاعقل يا جاهل ، أليس قال الله تعالى نصيب برحمتنا من نشاء (3) وقال تعالى : أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون (4) وقال تعالى ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ، إن ذلك على الله يسير (5) وهذا في القرآن كثير ، ألا ترى أن الله تعالى يخبرنا أن كل مصيبة تكون بالعباد من خير أو شر فالله يصيبهم بها ، وقد كتب مصابهم في علم قد سبق ، وجرى به القلم على حسب ما تقدم ذكرنا له ، فاعقلوه يا مسلمون فإن القدري محروم من التوفيق ، وقد روي أن هذه الآية التي يحتج بها القدري في قراءة عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب : ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأنا كتبتها عليك

__________

(1) سورة : ص آية رقم : 45

(2) سورة : النساء آية رقم : 79

(3) سورة : يوسف آية رقم : 56

(4) سورة : الأعراف آية رقم : 100

(5) سورة : الحديد آية رقم : 22

573 - أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال : نا محمد بن بكار قال : نا إسماعيل بن عياش ، عن عبد الوهاب بن مجاهد ، عن أبيه قال : في قراءة عبد الله وأبي

: ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة

فمن نفسك وأنا كتبتها عليك

574 - أخبرنا الفريابي قال : نا قتيبة بن سعيد ، وعبد الأعلى بن حماد قالا : نا المعتمر بن سليمان ، عن حميد الطويل ، عن ثابت ، عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال : «

قضي القضاء وجف القلم ، وأمور تقضى في كتاب قد

خلا »

575 - أخبرنا الفريابي قال : حدثني أبو بكر محمد بن إسحاق قال : أخبرنا أصبغ بن الفرج قال : أخبرني ابن وهب قال : أخبرني يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : إني رجل شاب ، وأنا أخاف على نفسي العنت (1) ، ولا أجد ما أتزوج به النساء ، فأذن لي أختصي (2) قال : فسكت عني ، ثم قلت مثل ذلك ، فسكت عني ، ثم قلت مثل ذلك فسكت عني ، ثم قلت مثل ذلك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا أبا هريرة

قد جف القلم بما أنت لاق فاختص على ذلك أو ذر

قال محمد بن الحسين رحمه الله : اعلموا رحمنا الله وإياكم أن الله تعالى ذكره أمر العباد باتباع صراطه المستقيم ، وأن لا يعوجوا عنه يمينا ولا شمالا ، فقال تعالى ذكره وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل ، فتفرق بكم عن سبيله ، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون (3) ثم قال تعالى : لمن شاء منكم أن يستقيم (4) ففي الظاهر أنه جل ذكره أمرهم بالاستقامة واتباع سبيله وجعل في الظاهر إليهم المشيئة ، ثم أعلمهم بعد ذلك : إنكم لن تشاءوا إلا أن أشاء أنا لكم ما فيه هدايتكم ، وإن مشيئتكم تبع لمشيئتي ، فقال تعالى : وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين (5) فأعلمهم أن مشيئتهم تبع لمشيئته عز وجل وقال عز وجل : قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم (6) وقال عز وجل : كان الناس أمة واحدة ، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه (7) إلى قوله : فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم قال محمد بن الحسين رحمه الله : انقطعت حجة كل قدري قد لعب به الشيطان فهو في غيه يتردد ، والحمد لله الذي عافانا مما ابتلاهم به ، وبعد فقد اجتهدت وبينت في إثبات القدر بما قال الله عز وجل وبما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ، المبين عن الله عز وجل ما أنزله في كتابه ، وذكرت قول الصحابة رضي الله عنهم ، وقول التابعين ، وكثيرا من أئمة المسلمين ، على معنى الكتاب والسنة فمن لم يؤمن بهذا فهو ممن قال الله تعالى فيهم : لو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون

__________

(1) العنت : الزنا

(2) الاختصاءُ : سلُّ الخصيتين ونزعُهما لقطع الشهوة

(3) سورة : الأنعام آية رقم : 153

(4) سورة : التكوير آية رقم : 28

(5) سورة : التكوير آية رقم : 29

(6) سورة : البقرة آية رقم : 142

(7) سورة : البقرة آية رقم : 213

كتاب التصديق بالنظر إلى الله عز وجل

قال محمد بن الحسين رحمه الله : الحمد لله على جميل إحسانه ، ودوام نعمه حمد من يعلم أن مولاه الكريم يحب الحمد ، فله الحمد على كل حال ، وصل الله على محمد النبي وأصحابه ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، أما بعد : فإن الله تعالى جل ذكره وتقدست أسماؤه ، خلق خلقه كما أراد لما أراد ، فجعلهم شقيا وسعيدا ، فأما أهل الشقوة فكفروا بالله العظيم وعبدوا غيره ، وعصوا رسله ، وجحدوا كتبه ، فأماتهم على ذلك ، فهم في قبورهم يعذبون وفي القيامة عن النظر إلى الله تعالى محجوبون ، وإلى جهنم واردون ، وفي أنواع العذاب يتقلبون ، وللشياطين مقاربون ، وهم فيها أبدا خالدون ، وأما أهل السعادة : فهم الذين سبقت لهم من الله الحسنى ، فآمنوا بالله وحده ، ولم يشركوا به شيئا ، وصدقوا القول بالفعل ، فأماتهم على ذلك ، فهم في قبورهم ينعمون ، وعند المحشر يبشرون ، وفي الموقف إلى الله تعالى بأعينهم ينظرون ، وإلى الجنة بعد ذلك وافدون ، وفي نعيمها يتفكهون ، وللحور العين معانقون ، والولدان لهم يخدمون ، وفي جوار مولاهم الكريم أبدا خالدون ؛ ولربهم تعالى في داره زائرون ، وبالنظر إلى وجهه الكريم يتلذذون ، وله مكلمون ، وبالتحية لهم من الله تعالى ؛ والسلام منه عليهم يكرمون ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم (1) ، فإن اعترض جاهل ممن لا علم معه ، أو بعض هؤلاء الجهمية الذين لم يوفقوا للرشاد ، ولعب بهم الشيطان وحرموا التوفيق فقال : المؤمنون يرون الله يوم القيامة ؟ ، قيل له : نعم ؛ والحمد لله تعالى على ذلك ، فإن قال الجهمي : أنا لا أؤمن بهذا . قيل له : كفرت بالله العظيم . فإن قال : وما الحجة . قيل : لأنك رددت القرآن والسنة وقول الصحابة رضي الله عنهم ، وقول علماء المسلمين ، واتبعت غير سبيل المؤمنين ، وكنت ممن قال الله تعالى ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ، ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا (2) ، فأما نص القرآن فقول الله تعالى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة (3) وقال تعالى وقد أخبرنا عن الكفار أنهم محجوبون عن رؤيته فقال تعالى ذكره كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ثم إنهم لصالو الجحيم ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون (4) فدل بهذه الآية : أن المؤمنين ينظرون إلى الله ، وأنهم غير محجوبين عن رؤيته ، كرامة منه لهم ، وقال تعالى : للذين أحسنوا الحسنى وزيادة (5) فروي أن الزيادة هي النظر إلى الله تعالى . وقال تعالى : وكان بالمؤمنين رحيما تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما (6) واعلم رحمك الله أن عند أهل العلم باللغة أن اللقى هاهنا لا يكون إلا معاينة يراهم الله تعالى ويرونه ، ويسلم عليهم ، ويكلمهم ويكلمونه . قال محمد بن الحسين : وقد قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون (7) ، وكان مما بينه لأمته في هذه الآيات : أنه أعلمهم في غير حديث : « إنكم ترون ربكم تعالى » روى عنه جماعة من صحابته رضي الله عنهم ، وقبلها العلماء عنهم أحسن القبول ، كما قبلوا عنهم علم الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد ، وعلم الحلال والحرام ، كذا قبلوا منهم الأخبار : أن المؤمنين يرون الله تعالى لا يشكون في ذلك ، ثم قالوا : من رد هذه الأخبار فقد كفر

__________

(1) سورة : الحديد آية رقم : 21

(2) سورة : النساء آية رقم : 115

(3) سورة : القيامة آية رقم : 22

(4) سورة : المطففين آية رقم : 15

(5) سورة : يونس آية رقم : 26

(6) سورة : الأحزاب آية رقم : 43

(7) سورة : النحل آية رقم : 44

576 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن العزيز البغوي قال : نا عبيد الله بن عمر القواريري قال : حدثني مضر القاري قال : حدثنا عبد الواحد بن زيد قال : سمعت الحسن يقول : «

لو علم العابدون أنهم لا يرون ربهم تعالى لذابت أنفسهم

في الدنيا »

577 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد العطشي قال : نا أبو حفص عمر بن مدرك القاص قال : نا مكي بن إبراهيم قال : نا هشام بن حسان ، عن الحسن قال : «

إن الله تعالى ليتجلى لأهل الجنة ، فإذا رآه أهل

الجنة نسوا نعيم الجنة »

578 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود السجستاني قال : نا يوسف بن موسى القطان قال : نا جرير يعني ابن عبد الحميد عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله بن الحارث ، عن كعب الأحبار قال : «

ما نظر الله تعالى إلى الجنة قط إلا قال :

طيبي لأهلك ، فزادت ضعفا على ما كانت عليه ، حتى يأتيها أهلها ، وما من يوم كان لهم عيدا في الدنيا إلا يخرجون في مقداره في رياض الجنة ، فيبرز لهم الرب تعالى ، فينظرون إليه ، ويسفي عليهم الريح بالمسك والطيب ، ولا يسألون ربهم تعالى شيئا إلا أعطاهم ، حتى يرجعوا وقد ازدادوا : على ما كانوا من الحسن والجمال سبعين ضعفا ، ثم يرجعون إلى أزواجهم وقد ازدادوا مثل ذلك »

579 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : نا أحمد بن صالح قال : نا عبد الله بن وهب قال : قال مالك رحمه الله : « الناس ينظرون إلى الله تعالى يوم القيامة بأعينهم » وحدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : نا عبد الوهاب الوراق قال : قلت للأسود بن سالم : « هذه الآثار التي تروى في معاني النظر إلى الله تعالى ونحوها من الأخبار ؟ فقال : نحلف عليها بالطلاق والمشي قال عبد الوهاب : معناه تصديقا بها » وحدثنا أبو حفص عمر بن أيوب السقطي قال : نا محمد بن سليمان لوين قال : قيل لسفيان بن عيينة : هذه الأحاديث التي تروى في الرؤية ؟ فقال : « حق على ما سمعناها ممن نثق به

580 - وحدثنا أبو الفضل جعفر بن محمد الصندلي قال : نا الفضل بن زياد قال : سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل ، وبلغه عن رجل أنه قال : إن الله تعالى لا يرى في الآخرة ، فغضب غضبا شديدا ثم قال :

من قال بأن الله تعالى لا يرى في الآخرة فقد

كفر ، عليه لعنة الله وغضبه ، من كان من الناس ، أليس الله عز وجل قال وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة (1) وقال تعالى : كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون (2) هذا دليل على أن المؤمنين يرون الله تعالى

__________

(1) سورة : القيامة آية رقم : 22

(2) سورة : المطففين آية رقم : 15

581 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : نا حنبل بن إسحاق بن حنبل قال : سمعت أبا عبد الله يقول : «

قالت الجهمية : إن الله لا يرى في الآخرة ،

وقال الله تعالى : كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون (1) فلا يكون هذا إلا أن الله تعالى يرى ، وقال تعالى : وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة (2) فهذا النظر إلى الله تعالى ، والأحاديث التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم : » إنكم ترون ربكم « برواية صحيحة ، وأسانيد غير مدفوعة ، والقرآن شاهد أن الله تعالى يرى في الآخرة »

__________

(1) سورة : المطففين آية رقم : 15

(2) سورة : القيامة آية رقم : 22

582 - وحدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : نا محمد بن يحيى بن عبد الكريم الأزدي قال : نا علي بن الحسن بن شقيق قال : سمعت عبد الله بن المبارك يقول : «

إنا لنحكي كلام اليهود والنصارى ، ولا نستطيع أن نحكي

كلام الجهمية »

583 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال : نا أبو داود السجستاني قال : سمعت أحمد بن حنبل : وذكر عنده شيء من الرؤية فغضب وقال : «

من قال : إن الله تعالى لا يرى ، فهو

كافر »

584 - حدثنا أبو مزاحم موسى بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان قال : حدثنا العباس بن محمد الدوري قال : سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام يقول : « وذكر عنده هذه الأحاديث في

الرؤية فقال : هذه عندنا حق ، نقلها الناس بعضهم عن

بعض » قال محمد بن الحسين رحمه الله : فمن رغب عما كان عليه هؤلاء الأئمة الذين لا يستوحش من ذكرهم ، وخالف الكتاب والسنة ، ورضي بقول جهم وبشر المريسي وبأشباههما ، فهو كافر ، فأما ما تأدى إلينا من التفسير في بعض ما تلوته ، مما حضرني ذكره : فأنا أذكره إن شاء الله ، ثم أذكر السنن الثابتة في النظر إلى الله تعالى ، مما يقوى به قلوب أهل الحق ، وتقر به أعينهم ، وتذل به نفوس أهل الزيغ ، وتسخن به أعينهم في الدنيا والآخرة

585 - حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني قال : نا محمد بن حاتم قال : أنا علي بن عاصم قال : أخبرني موسى بن عبيدة الربذي ، عن محمد بن كعب القرظي في قوله تعالى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة (1) قال : « نضر الله تلك الوجوه وحسنها للنظر إليه »

__________

(1) سورة : القيامة آية رقم : 22

586 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا محمد بن يحيى بن عثمان قال : نا أبو سمرة قال : عن علي بن ثابت ، عن موسى بن عبيدة ، عن محمد بن كعب في قول الله تعالى : وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة (1) قال : « نضرها الله تعالى للنظر إليه »

__________

(1) سورة : القيامة آية رقم : 22

587 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : نا يعقوب بن سفيان ، وداود بن سليمان ، أن أبا نعيم الفضل بن دكين حدثهم ، عن سلمة بن سابور ، عن عطية ، عن ابن عباس في قول الله تعالى : وجوه يومئذ ناضرة (1) يعني « حسنها » إلى ربها ناظرة (2) قال : « نظرت إلى الخالق عز وجل »

__________

(1) سورة : القيامة آية رقم : 22

(2) سورة : القيامة آية رقم : 23

588 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال نا محمد بن عبد الملك ، وعبد الله بن محمد بن خلاد قالا : نا يزيد بن هارون قال : نا مبارك ، عن الحسن في قول الله تعالى : وجوه يومئذ ناضرة (1) قال : « النضرة : الحسن » إلى ربها ناظرة (2) قال : « نظرت إلى ربها عز وجل فنضرت لنوره »

__________

(1) سورة : القيامة آية رقم : 22

(2) سورة : القيامة آية رقم : 23

589 - حدثنا عمر بن أيوب السقطي قال : نا الحسن بن الصباح قال : نا علي بن الحسن بن شقيق قال : نا الحسين بن واقد ، : أنا يزيد النحوي ، عن عكرمة في قول الله عز وجل : وجوه يومئذ ناضرة (1) قال : « من النعيم » إلى ربها ناظرة (2) قال : « تنظر إلى ربها عز وجل نظرا »

__________

(1) سورة : القيامة آية رقم : 22

(2) سورة : القيامة آية رقم : 23

590 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : نا محمد بن منصور قال : نا علي بن الحسن بن شقيق قال : نا الحسين بن واقد ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة في قول الله تعالى : وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة (1) قال : « تنظر إلى الله تعالى نظرا »

__________

(1) سورة : القيامة آية رقم : 22

591 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : نا أحمد بن الأزهر قال : نا إبراهيم بن الحكم قال : نا أبي ، عن عكرمة قال : قيل لابن عباس رضي الله عنه : «

كل من دخل الجنة يرى الله تعالى ؟ قال :

نعم »

592 - حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني قال : نا علي بن عبد الله المديني قال : نا حماد بن أسامة قال : حدثني زكريا ، عن أبي إسحاق ، عن عامر بن سعد البجلي ، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه في قول الله تعالى : للذين أحسنوا الحسنى وزيادة (1) قال : « النظر إلى وجه الله تعالى »

__________

(1) سورة : يونس آية رقم : 26

593 - وحدثنا جعفر بن محمد الصندلي قال : نا زهير بن محمد المروزي : قال : نا عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عامر بن سعد ، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه في قول الله تعالى : للذين أحسنوا الحسنى وزيادة (1) قال : « الزيادة : النظر إلى وجه الله تعالى »

__________

(1) سورة : يونس آية رقم : 26

594 - أخبرنا أبو جعفر محمد بن صالح بن ذريح العكبري قال : نا هناد بن السري قال : نا وكيع ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عامر بن سعد ، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وعن أبي إسحاق ، عن مسلم بن نذير ، عن حذيفة في قول الله تعالى : للذين أحسنوا الحسنى وزيادة (1) قالا : « النظر إلى الله تعالى » قال محمد بن الحسين : رحمة الله ورضوانه عليه : وأما السنن فإنا سنذكر ما روى صحابي صحابي على الانفراد ، ليكون أوعى لمن سمعه ، وأراد حفظه إن شاء الله تعالى

__________

(1) سورة : يونس آية رقم : 26

فمما روى جرير بن عبد الله البجلي

595 - حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحواني قال : نا محمد بن الصباح الدولابي قال : نا وكيع بن الجراح قال : نا إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، عن جرير بن عبد الله البجلي قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة البدر قال : « إنكم ستعرضون على ربكم عز وجل فترونه كما ترون هذا القمر ، لا تضارون (1) في رؤيته ، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا »

__________

(1) تضارون : يصيبكم ضرر

596 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : نا أحمد بن سنان قال : نا يزيد بن هارون ، ويعلى ، ومحمد ابنا عبيد الطنافسي ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، عن جرير بن عبد الله البجلي قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة البدر فقال : « إنكم راءون ربكم عز وجل كما ترون هذا القمر ، لا تضارون (1) في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها »

__________

(1) تضارون : يصيبكم ضرر

597 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : نا محمد بن معمر قال : نا روح بن عبادة قال : نا شعبة وحدثنا أبو بكر النيسابوري قال : نا أبو الأزهر قال : حدثنا روح في قوله عز وجل : وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها (1) قال نا شعبة قال : سمعت إسماعيل بن أبي خالد قال : سمعت قيس بن أبي حازم قال : سمعت جرير بن عبد الله يقول : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة البدر فقال : « إنكم سترون ربكم عز وجل كما ترون هذا القمر ، لا تضامون (2) في رؤيته ، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على هاتين الصلاتين قبل طلوع الشمس وقبل غروبها » ثم تلا هذه الآية : وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب (3) « وهذا لفظ حديث النيسابوري

__________

(1) سورة : طه آية رقم : 130

(2) لا تضامون : لا ينالكم ضيم أي تعب أو ظلم

(3) سورة : ق آية رقم : 39

598 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : نا عبدة بن عبد الله قال : نا حسين الجعفي ، عن زائدة بن قدامة ، عن بيان ، عن قيس بن أبي حازم قال : نا جرير بن عبد الله قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة البدر قال : ونظر إلى القمر ، فقال : « إنكم ترون ربكم عز وجل يوم القيامة كما ترون هذا القمر ، لا تضامون (1) في رؤيته »

__________

(1) لا تضامون : لا ينالكم ضيم أي تعب أو ظلم

ومما روى أبو هريرة رضي الله عنه

599 - أخبرنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي قال : نا محمد بن أبي عمر المكي قال : نا سفيان بن عيينة ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قالوا : يا رسول الله هل نرى ربنا عز وجل يوم القيامة ؟ قال : « هل تضارون (1) في رؤية الشمس في الظهيرة ، ليست في سحابة ؟ » قالوا : لا قال : « فهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ، ليس في سحابة ؟ » قالوا : لا قال : « فوالذي نفسي بيده لا تضارون في رؤية ربكم ، إلا كما لا تضارون في رؤية أحدهما »

__________

(1) تضارون : يصيبكم ضرر

600 - حدثنا أبو الفضل جعفر بن محمد الصندلي قال : نا زهير بن محمد قال : أنا عبد الرزاق قال : أنا معمر ، عن الزهري ، عن عطاء بن يزيد ، عن أبي هريرة قال : قال الناس : يا رسول الله ، هل نرى ربنا عز وجل يوم القيامة ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « نعم ، هل تضارون (1) في الشمس ليس دونها سحاب ؟ » قالوا : لا يا رسول الله قال : « هل تضارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب ؟ » قالوا : لا يا رسول الله قال : « فإنكم ترون ربكم عز وجل يوم القيامة كذلك »

__________

(1) تضارون : يصيبكم ضرر

601 - وأخبرنا الفريابي قال : نا محمد بن عبيد بن حساب قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عطاء بن يزيد الليثي ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال الناس : يا رسول الله هل نرى ربنا عز وجل يوم القيامة ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « هل تضارون (1) في الشمس ليس دونها سحاب ؟ » قالوا : لا يا رسول الله قال : « هل تضارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب ؟ » قالوا : لا يا رسول الله قال : « فإنكم ترونه يوم القيامة كذلك »

__________

(1) تضارون : يصيبكم ضرر

602 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا محمد بن مصفى قال : حدثنا سويد بن عبد العزيز قال : حدثنا الأوزاعي ، عن حسان بن عطية ، عن سعيد بن المسيب قال : لقيني أبو هريرة فقال : أسأل الله أن يجمع بيني وبينك في سوق الجنة ، قلت : وفيها سوق ؟ قال : نعم ، أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أن أهل الجنة إذا دخلوها نزلوا بفضل أعمالهم ، فيؤذن لهم في مقدار يوم الجمعة من أيام الدنيا ، فيزورون الله عز وجل فيه ، فيبرز الله عز وجل لهم عن عرشه ، ويتبدى لهم في روضة من رياض الجنة ويوضع لهم منابر من نور ، ومنابر من لؤلؤ ، ومنابر من ياقوت ، ومنابر من ذهب ، ومنابر من فضة ، ويجلس أدناهم وما فيهم دنيء على كثبان المسك والكافور ، وما يرون أصحاب الكراسي بأفضل منهم مجلسا » قال أبو هريرة : قلت : يا رسول الله ، هل نرى ربنا ؟ قال : « نعم ؛ هل تمارون (1) في رؤية الشمس والقمر ليلة البدر ؟ » قلنا : لا ، قال : « فكذلك لا تمارون في رؤية ربكم عز وجل » وذكر الحديث بطوله

__________

(1) تمارون : تشكون

مما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه

603 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا عيسى بن حماد زغبة قال : أنا الليث بن سعد ، عن خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قلنا : يا رسول الله ، أنرى ربنا عز وجل ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « هل تضارون (1) في رؤية الشمس إذا كان يوم صحو ؟ » قلنا : لا قال : « هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر أو قال : صحو ؟ » قلنا : لا قال : « فإنكم لا تضارون في رؤية ربكم عز وجل يومئذ ، إلا كما لا تضارون في رؤيتهما »

__________

(1) تضارون : يصيبكم ضرر

604 - وحدثنا ابن أبي داود أيضا قال : حدثنا عمى محمد بن الأشعث ، وعبد الله بن محمد بن النعمان قالا : حدثنا ابن الأصبهاني قال : أخبرنا عبد الله بن إدريس ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد قال : قلنا : يا رسول الله ، أنرى ربنا عز وجل ؟ فقال : « هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة في غير سحاب ؟ » قلنا : لا ؛ قال : « فهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر في غير سحاب ؟ » فقلنا : لا قال : « فإنكم لا تضارون في رؤيته ، كما لا تضارون في رؤيتهما »

ومما رواه صهيب رضي الله عنه

605 - حدثنا أبو بكر بن عبد الحميد الواسطي قال : حدثنا عبد الوهاب بن عبد الحكم الوراق قال : حدثنا يزيد بن هارون قال : أنا حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن صهيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أهل الجنة إذا دخلوا الجنة نودوا : أن يا أهل الجنة ، إن لكم عند الله عز وجل موعدا لم تروه » ؛ قالوا : وما هو ؟ ألم تبيض وجوهنا ؟ وتزحزحنا (1) عن النار ؟ وتدخلنا الجنة ؟ قال : « فيكشف الحجاب وينظرون إليه تبارك وتعالى ، فوالله ما أعطاهم الله عز وجل شيئا أحب إليهم منه » ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : للذين أحسنوا الحسنى وزيادة (2)

__________

(1) تزحزح : تنحى وتباعد

(2) سورة : يونس آية رقم : 26

606 - حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن ذريح العكبري قال : حدثنا هناد بن السري قال : حدثنا قبيصة بن عقبة قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن صهيب قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ للذين أحسنوا الحسنى وزيادة (1) ثم قال : « إذا دخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، نادى مناد : يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه (2) فيقولون : ما هو ؟ ألم يثقل الله عز وجل موازيننا ، ويبيض وجوهنا ويدخلنا الجنة ، ويخرجنا من النار ؟ فيكشف الحجاب عز وجل فينظرون إليه قال : » فوالله ما أعطاهم عز وجل شيئا أحب إليهم من النظر إليه ، وهى الزيادة «

__________

(1) سورة : يونس آية رقم : 26

(2) أنْجَز : يقال أنجز وَعْدَه، إذا أحْضَرَه وأتمه

607 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال نا يونس بن حبيب قال : نا أبو داود الطيالسي قال نا حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن صهيب : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إذا دخل أهل الجنة الجنة نادى مناد : يا أهل الجنة إن لكم عند الله تعالى موعدا » فيقولون : ما هو ؟ أليس قد بيض وجوهنا وثقل موازيننا وأدخلنا الجنة فيقال : إن لكم عند الله موعدا ( قال ) فيتجلى لهم فينظرون إليه «

ومما روى أبو رزين العقيلي رضي الله عنه

608 - حدثنا أبو الفضل جعفر بن محمد الصندلي : قال نا زهير بن محمد المروزي قال : أنا علي بن عثمان اللاحقي قال : نا حماد بن سلمة قال : أنا يعلى بن عطاء ، عن وكيع بن عدس ، عن أبي رزين العقيلي قال : قلت يا رسول الله : أكلنا يرى ربه عز وجل يوم القيامة ؟ قال : « نعم » قلت : وما آية ذلك في خلقه ؟ قال : « يا أبا رزين أليس كلكم يرى القمر مخليا (1) به ؟ » قلت : بلى قال : « فالله أعظم » وذكر الحديث

__________

(1) مخليا : منفردا برؤيته من غير زحام

609 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : نا يونس بن حبيب قال : نا أبو داود يعني الطيالسي قال : نا حماد بن سلمة ، عن يعلى بن عطاء ، عن وكيع بن عدس ، عن أبي رزين قال : قلت : يا رسول الله كلنا يرى ربه عز وجل يوم القيامة ؟ قال : « نعم » قلت : ما آية ذلك ؟ قال : « أليس كلكم يرى القمر مخليا (1) به ؟ » قلت : بلى قال : « فالله أعظم »

__________

(1) مخليا : منفردا برؤيته من غير زحام

ومما روى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه

610 - حدثنا أبو القاسم البغوي عبد الله بن محمد قال : نا هدبة بن خالد قال : نا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن عمارة القرشي ، عن أبي بردة بن أبي موسى قال : وفدت إلى الوليد بن عبد الملك ، وكان الذي يعمل في حوائجي عمر بن عبد العزيز ، فلما قضيت حوائجي أتيته فودعته وسلمت عليه ، ثم مضيت ، فذكرت حديثا حدثني به أبي أنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحببت أن أحدثه به ، لما أولاني من قضاء حوائجي ، فرجعت إليه ، فلما رآني قال : لقد رد الشيخ حاجة فلما قربت منه قال : ما ردك ؟ أليس قد قضيت حوائجك ؟ قلت بلى ، ولكن حديثا سمعته من أبي ، سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأحببت أن أحدثك به لما أوليتني قال : وما هو ؟ قلت : حدثني أبي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إذا كان يوم القيامة مثل لكل قوم ما كانوا يعبدون في الدنيا ، فيذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون في الدنيا ، ويبقى أهل التوحيد ، فيقال لهم : ما تنتظرون وقد ذهب الناس ؟ فيقولون : إن لنا ربا كنا نعبده في الدنيا لم نره قال : وتعرفونه إذا رأيتموه ؟ فيقولون : نعم ، فيقال : وكيف تعرفونه ولم تروه ؟ قالوا : إنه لا شبه له فيكشف لهم الحجاب ، فينظرون إلى الله عز وجل فيخرون له سجدا ، ويبقى قوم في ظهورهم مثل صياصي (1) البقر ، فيريدون السجود فلا يستطيعون ، فذلك قول الله عز وجل : يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون (2) فيقول الله عز وجل : ارفعوا رءوسكم ، فقد جعلت بدل كل رجل منكم رجلا من اليهود والنصارى في النار » فقال عمر بن عبد العزيز : الله الذي لا إله إلا هو لحدثك أبوك هذا الحديث ، سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فحلف له ثلاثة أيمان على ذلك فقال عمر بن عبد العزيز : ما سمعت في أهل التوحيد حديثا هو أحب إلي من هذا

__________

(1) صياصي : قرون

(2) سورة : القلم آية رقم : 42

611 - حدثنا أبو الفضل جعفر بن محمد الصندلي قال : نا زهير بن محمد المروزي قال : نا الحسن بن موسى قال : نا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن عمارة بن موسى القرشي ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يجمع الله عز وجل الأمم يوم القيامة في صعيد واحد ، فإذا بدا له أن يصدع (1) بين خلقه مثل لكل قوم ما كانوا يعبدون ، فيتبعونهم حتى يقحموهم النار ، ثم يأتينا ربنا تبارك وتعالى ونحن على مكان رفيع ، فيقول : من أنتم ؟ فنقول : نحن المسلمون فيقول : ما تنتظرون ؟ : قالوا : ننتظر ربنا عز وجل فيقول : هل تعرفونه إذا رأيتموه ؟ فيقولون : نعم ، فيقول : كيف تعرفونه ولم تروه ؟ فيقولون : إنه لا عدل (2) له ، فيتجلى (3) لهم ضاحكا فيقول : أبشروا معاشر المسلمين ، فإنه ليس منكم أحد إلا جعلت مكانه في النار يهوديا أو نصرانيا »

__________

(1) الصدع : التفريق

(2) العدل : المساوي والنظير والمثيل

(3) يتجلى : يظهر

612 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : نا الحسن بن يحيى بن كثير العنبري قال : حدثني أبي يحيى بن كثير قال : نا المعتمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن أسلم العجلي ، عن أبي مراية ، عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : بينا هو يعلمهم شيئا من أمر دينهم : إذ شخصت (1) أبصارهم فقال : « ما أشخص أبصاركم ؟ » قالوا : نظرنا إلى القمر قال : « فكيف بكم إذا رأيتم الله عز وجل جهرة »

__________

(1) الشخوص : ارتفاع الأجفان وتثبيت النظر وانزعاجه

ومما روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه

613 - حدثنا أبو عبد الله أحمد بن أبي عوف البزوري قال : نا وهب بن بقية الواسطي قال : نا محمد بن الحسن المدني ، عن عبد الأعلى بن أبي المساور ، عن المنهال بن عمرو ، عن قيس بن سكن ، وأبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود كلاهما عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الله عز وجل يجمع الأمم ، فينزل عز وجل من عرشه إلى كرسيه ، وكرسيه وسع السماوات والأرض ، فيقول لهم : أترضون أن يتولى كل أمة ما تولوا في الدنيا ؟ فيقولون : نعم ، فيقول الله عز وجل : أعدل ذلك من ربكم ؟ قال : فيقولون : نعم قال : فيمثلون لهم ، فمن كان يعبد شمسا مثلت (1) له ، ومن كان يعبد القمر مثل له القمر ، ومن كان يعبد النار مثلت له النار ، ومن كان يعبد صنما مثل له ، ومن كان يعبد عيسى مثل له عيسى ، ومن كان يعبد عزيرا مثل له عزير ، ثم يقال : ليتبع كل أمة منكم ما تولوا في الدنيا ، حتى يوردهم النار قال : ثم قرأ : ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم (2) إلى قوله : إن كنا عن عبادتكم لغافلين (3) وتبقى أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، فيقال لهم : ما تنتظرون ؟ قالوا : إن لنا ربا لم نره بعد فيقال لهم : أتعرفونه إن رأيتموه ؟ فيقولون : بيننا وبينه علامة قال : فذلك حين يكشف عن ساق قال : فيخرون له سجودا طويلا قال : ويبقى قوم ظهورهم كصياصي البقر ، يريدون السجود فلا يستطيعون قال : فيقال لهم : ارفعوا رءوسكم ، وخذوا نوركم على قدر أعمالكم » وذكر الحديث إلى آخره «

__________

(1) مثلت : هيئت وصورت

(2) سورة : يونس آية رقم : 28

(3) سورة : يونس آية رقم : 29

ومما روى ابن عباس رضي الله عنه

614 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : نا عمي محمد بن الأشعث قال : نا حسن بن حسن قال : نا أبي حسن ، عن الحسن ، عن عبد الله بن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إن أهل الجنة يرون ربهم عز وجل في كل يوم جمعة في رمال الكافور ، وأقربهم منه مجلسا : أسرعهم إليه يوم الجمعة ، وأبكرهم غدوا (1) »

__________

(1) غدوا : ذهابا

ومما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه

615 - حدثنا أبو الحسن علي بن إسحاق بن زاطيا قال : نا عبد الأعلى بن حماد النرسي قال : نا عمر بن يونس قال : نا جهضم بن عبد الله قال : حدثني أبو ظبية ، عن عثمان بن عمير ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أتاني جبريل عليه السلام وفي كفه مرآة بيضاء ، فيها نكتة سوداء ؛ فقلت : ما هذه يا جبريل ؟ فقال : هذه الجمعة يعرضها عليك ربك عز وجل ليكون لك عيدا ، ولقومك من بعدك ، تكون أنت الأول ، وتكون اليهود والنصارى من بعدك قال : قلت : ما لنا فيها ؟ قال : لكم فيها خير ، لكم فيها ساعة : من دعا الله عز وجل فيها بخير هو له قسم إلا أعطاه الله تعالى ، أو ليس له قسم إلا ذخر (1) له ما هو أعظم منه ، أو تعوذ فيها من شر ما هو مكتوب عليه إلا أعاذه الله تعالى من أعظم منه ، قلت : ما هذه النكتة السوداء فيها ؟ قال : هي الساعة تقوم في يوم الجمعة ، وهو سيد الأيام عندنا ، ونحن ندعوه في الآخرة : يوم المزيد قال : قلت : ولم تدعونه يوم المزيد ؟ قال : إن ربك عز وجل اتخذ في الجنة واديا أفيح من مسك أبيض ، فإذا كان الجمعة نزل تبارك وتعالى من عليين على كرسيه ، ثم حف الكرسي بمنابر من نور ، ثم جاء النبيون حتى يجلسوا عليها ثم حف المنابر بكراسي من ذهب ، ثم جاء الصديقون والشهداء حتى يجلسوا عليها ثم يجيء أهل الجنة حتى يجلسوا على الكثيب (2) ثم يتجلى لهم ربهم عز وجل فينظرون إلى وجهه عز وجل ، وهو يقول : أنا الذي صدقتكم وعدي ، وأتممت عليكم نعمتي : وهذا محل كرامتي ، فسلوني ، فيسألونه الرضا ، فيقول : رضاي أحلكم داري ، وأنالكم كرامتي ، فسلوني به ، فيسألونه ، حتى تنتهي رغبتهم فيفتح لهم عند ذلك ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، إلى مقدار منصرف الناس من يوم الجمعة ، ثم يصعد عز وجل على كرسيه ، ويصعد معه الصديقون والشهداء ، ويرجع أهل الغرف إلى غرفهم درة بيضاء ، لا فصم فيها ولا فصل ، أو ياقوتة حمراء ، أو زبرجدة (3) خضراء ، فيها ثمارها ، وفيها أزواجها وخدمها ، فليسوا إلى شيء أحوج منهم إلى يوم الجمعة ، ليزدادوا منه كرامة ، وليزدادوا نظرا إلى وجهه عز وجل ، ولذلك يسمى يوم المزيد » أو كما قال وحدثنا البغوي أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال : نا عبد الأعلى بن حماد فذكر هذا الحديث بطوله إلى آخره . وحدثنا أبو بكر بن أبي داود ، وذكر فيه غير طريق ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو ما ذكرناه . وقال لنا ابن أبي داود : وأبو ظبية ؛ اسمه رجاء بن الحارث ثقة قال : وعثمان بن عمير يكنى أبا اليقظان

__________

(1) الذخر : ما يدخر لوقت الحاجة

(2) الكَثِيب : الرَّمْل المسْتَطِيل المُحْدَوْدِب

(3) الزبرجد : الزمرد وهو حجر كريم

ومما روى جابر بن عبد الله رضي الله عنه

616 - حدثنا أبو القاسم البغوي عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال : نا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب قال : نا أبو عاصم عبد الله بن عبيد الله العباداني قال : نا الفضل الرقاشي ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : « بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ طلع لهم نور ، فرفعوا رءوسهم فإذا الرب تبارك وتعالى قد أشرف عليهم من فوقهم ؛ فقال : السلام عليكم يا أهل الجنة ، وذلك قوله عز وجل : سلام قولا من رب رحيم (1) قال : » فينظر إليهم وينظرون إليه ، فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم ، ما داموا ينظرون إليه ، حتى يحتجب عنهم تبارك وتعالى ، ويبقى نوره وبركته عليهم ، وفي ديارهم «

__________

(1) سورة : يس آية رقم : 58

617 - وحدثنا أبو القاسم أيضا قال : نا سويد بن سعيد قال : نا مروان بن معاوية ، عن الحكم بن أبي خالد ، عن الحسن ، عن جابر بن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إذا دخل أهل الجنة الجنة : جاءتهم خيول من ياقوت أحمر ، لها أجنحة ، لا تروث ولا تبول ، فيقعدون عليها ، ثم طارت بهم في الجنة ، فيتجلى لهم الجبار عز وجل فإذا رأوه خروا له سجدا ، فيقول لهم الجبار عز وجل : ارفعوا رءوسكم ليس هذا يوم عمل ، إنما هو يوم نعيم وكرامة ، فيرفعون رءوسهم ، فيمطر الله عز وجل عليهم طيبا ، فيرجعون إلى أهليهم فيمرون بكثبان المسك فيبعث الله عز وجل على تلك الكثبان ريحا فيهيجها ؛ حتى إنهم ليرجعون إلى أهليهم ، وإنهم لشعث غبر من المسك »

618 - وحدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : نا الحسين بن الحسن المروزي قال : حدثنا مروان بن معاوية قال : نا الحكم بن أبي خالد ، عن الحسن ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : « إذا دخل أهل الجنة الجنة وأديمت عليهم الكرامة ، جاءتهم خيول من ياقوت أحمر لها أجنحة لا تبول ولا تروث ، فيقعدون عليها ، ثم يأتون الجبار عز وجل ، فإذا تجلى (1) لهم خروا له سجدا ، فيقول الجبار عز وجل : يا أهل الجنة ارفعوا رءوسكم فقد رضيت عنكم رضا لا سخط بعده ، يا أهل الجنة ، ارفعوا رءوسكم فإن هذه ليست بدار عمل إنما هي دار مقام ودار نعيم قال : فيرفعون رءوسهم ؛ فيمطر الله عز وجل عليهم طيبا ، فيرجعون إلى أهليهم فيمرون بكثبان المسك فيبعث الله عز وجل ريحا على تلك الكثبان فتهيجها في وجوههم ، حتى إنهم ليرجعون إلى أهليهم وإنهم وخيولهم ، ذكر كلمة ، لشباع من المسك »

__________

(1) تجلى : ظهر

ومما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما

619 - أخبرنا الفريابي قال : نا عثمان بن أبي شيبة قال : نا إسماعيل بن علية ، عن هشام الدستوائي ، عن قتادة ، عن صفوان بن محرز قال : قال رجل لابن عمر : كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى ؟ قال : سمعته يقول : يدنو (1) المؤمن يوم القيامة من ربه عز وجل حتى يضع كنفه (2) عليه ، فيقرره بذنوبه ، فيقول : هل تعرف ؟ فيقول : رب أعرف ، فيقول : فإني سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها اليوم لك ، فيعطى صحيفة حسناته ، وأما الكافر والمنافق فينادى بهم على رءوس الأشهاد : هؤلاء الذين كذبوا على ربهم (3)

__________

(1) يدنو : يقترب

(2) الكنف : الجانب والمراد الستر والعفو والرحمة

(3) سورة : هود آية رقم : 18

620 - حدثنا أبو حفص عمر بن أيوب السقطي قال : نا الحسن بن الصباح البزاز قال : نا يزيد بن هارون قال : أنا همام بن يحيى قال : نا قتادة ، عن صفوان بن محرز قال : كنت آخذا بيد ابن عمر فأتاه رجل فقال : كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى ؟ قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « يدني (1) الله عز وجل المؤمن يوم القيامة حتى يضع عليه كنفه (2) فيستره من الناس فيقول : أيا عبدي ، تعرف كذا وكذا ؟ فيقول : نعم ، أي رب ثم يقول : أيا عبدي ، تعرف كذا وكذا ؟ فيقول : نعم أي رب ، حتى إذا قرره بذنوبه وقال في نفسه : إنه هالك قال الله : فإني سترتها عليك في الدنيا ، وقد غفرتها لك اليوم ، ويعطى كتاب حسناته »

__________

(1) يدني : يقرب

(2) الكنف : الجانب والمراد الستر والعفو والرحمة

621 - وأخبرنا أبو عبيد علي بن الحسين بن حرب القاضي قال : نا الحسن بن محمد الزعفراني قال : نا شبابة بن سوار قال : حدثنا إسرائيل ، عن ثوير بن أبي فاختة ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أدنى أهل الجنة منزلة : من ينظر إلى خيامه ونعيمه وسرره مسيرة ألف سنة ، وأكرمهم على الله عز وجل من ينظر إلى وجهه عز وجل غدوة (1) وعشية (2) »

__________

(1) الغُدْوة : البُكْرة وهي أول النهار

(2) العشي : ما بين زوال الشمس إلى وقت غروبها

622 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : نا المسيب بن واضح قال : نا حجاج ، عن إسرائيل ، عن ثوير بن أبي فاختة ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن من أهل الجنة من ينظر إلى قصوره وخيامه وما أعد الله عز وجل له مسيرة ألف سنة ، وإن منهم من ينظر إلى الله عز وجل مقدار الدنيا غدوة (1) وعشية (2) » ، ثم قرأ ابن عمر : وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة (3)

__________

(1) الغُدْوة : البُكْرة وهي أول النهار

(2) العشي : ما بين زوال الشمس إلى وقت غروبها

(3) سورة : القيامة آية رقم : 22

ومما روى عدي بن حاتم الطائي رضي الله عنه

623 - حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن شاهين قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال : نا حماد بن أسامة أبو أسامة قال : نا الأعمش قال : نا خيثمة بن عبد الرحمن ، عن عدي بن حاتم الطائي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما منكم من أحد إلا وسيكلمه ربه تعالى ليس بينه وبينه ترجمان ولا حاجب يحجبه فينظر أيمن منه فلا يرى إلا شيئا قدمه ، ثم ينظر أيسر منه فلا يرى إلا شيئا قدمه ، ثم ينظر أمامه فلا يرى إلا النار ، اتقوا النار ولو بشق تمرة »

624 - وأخبرنا الفريابي قال : نا أبو بكر ، وعثمان ، ابنا أبي شيبة قالا : حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن خيثمة ، عن عدي بن حاتم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه تعالى يوم القيامة ، ليس بينه وبينه ترجمان ، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا شيئا قدمه ، ثم ينظر أشأم (1) منه فلا يرى إلا شيئا قدمه ، وينظر أمامه فتستقبله النار ، فمن استطاع منكم أن يتقي النار ولو بشق تمرة فليفعل »

__________

(1) أشأم منه : جهة شماله

حديث شجرة طوبى

قال محمد بن الحسين رحمه الله : قد ذكر الله عز وجل ما أعد للمؤمنين من الكرامات في الجنة في غير موضع من كتابه عز وجل ، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فكان مما أكرمهم به أنه قال عز وجل الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب (1) ، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم عن شجرة طوبى ، ومما أعد الله عز وجل فيها من كرامات المؤمنين مما يكرمهم به من زيارتهم لربهم عز وجل على النجب من الياقوت قد نفخ فيها الروح ، فيزورون الله عز وجل فيتجلى لهم وينظر إليهم وينظرون إليه ، ويكلمهم ويكلمونه ، ويسلم عليهم ، ويزيد من فضله ، وأنا أذكره ليقر الله تعالى به أعين المؤمنين ، وتسخن به أعين الملحدين ، والله ولي التوفيق

__________

(1) سورة : الرعد آية رقم : 29

625 - أخبرنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي قال : نا يزيد بن خالد بن موهب الرملي قال : نا عبد الله بن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، أن دراجا أبا السمح ، حدثه ؛ عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد الخدري ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أن رجلا قال : طوبى (1) لمن رآك وآمن بك فقال : » طوبى لمن رآني وآمن بي ، ثم طوبى ، ثم طوبى ثم طوبى لمن آمن بي ولم يرني « فقال رجل : يا رسول الله » وما طوبى ؟ قال : « شجرة في الجنة مسيرة مائة سنة ، ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها »

__________

(1) طوبى : اسم الجنة ، وقيل هي شجرة فيها

626 - وحدثنا أبو بكر محمد بن يحيى بن سليمان المروزي قال : نا أبو طالب عبد الجبار بن عاصم قال : حدثني عبد الله بن زياد الرملي ، عن زرعة بن إبراهيم ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم طوبى (1) فقال : « يا أبا بكر هل بلغك ما طوبى ؟ » قال : الله عز وجل ورسوله أعلم قال : « طوبى : شجرة في الجنة لا يعلم ما طولها إلا الله عز وجل ، يسير الراكب تحت غصن من أغصانها سبعين خريفا ، ورقها الحلل يقع عليها طير كأمثال البخت (2) » قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : إن هناك لطيرا ناعما يا رسول الله ؟ فقال : « أنعم منه من يأكله ، وأنت منهم إن شاء الله يا أبا بكر »

__________

(1) طوبى : اسم الجنة ، وقيل هي شجرة فيها

(2) البُخْتِية : الأنثى من الجِمال البُخْت، والذكر بُخْتِيٌّ، وهي جِمال طِوَال الأعناق

627 - حدثنا أبو جعفر محمد بن هارون بن بدينا الدقاق إملاء قال : نا محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي قال : قال : نا المعافى بن عمران ، عن أبي إياس إدريس بن سنان ، عن وهب بن منبه ، عن محمد بن علي قال إدريس : ثم لقيت محمد بن علي بن الحسين بن فاطمة رضي الله عنهم أجمعين فحدثني قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وحدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عفير الأنصاري إملاء قال : نا إسحاق بن داود القنطري ، عن أحمد بن عبد الله بن يونس قال : نا المعافى بن عمران قال : نا إدريس بن سنان ، عن وهب بن منبه ، عن محمد بن علي بن الحسين ابن فاطمة رضي الله عنهم قال إدريس : ثم لقيت محمد بن الحسين ، فحدثني قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن في الجنة شجرة يقال لها : طوبى لو يسخر للراكب الجواد أن يسير في ظلها لسار مائة عام قبل أن يقطعها ، ورقها وساقها : برود خضر ، وزهرتها ورياض صفر ، وأفنانها سندس وإستبرق ، وثمرها : حلل خضر وماؤها : زنجبيل وعسل ، وبطحاؤها : ياقوت أحمر ، وزبرجد أخضر ، وترابها : مسك وعنبر وكافور أبيض ، وحشيشها زعفران منير ، والأجوج يتأجج من غير وقود ، ويتفجر من أصلها أنهار السلسبيل والمعين والرحيق ، وظلها مجلس من مجالس أهل الجنة ومتحدث لجمعهم ، فبينا هم في ظلها يتحدثون ؛ إذ جاءهم الملائكة يقودون نجبا خلقت من الياقوت ، ثم نفخ فيها الروح مزمومة بسلاسل من ذهب ، كأن وجوهها المصابيح نضارة وحسنا ، وبرها من خز (1) أحمر ومرعزى أبيض ، لم ينظر الناظرون إلى مثلها حسنا وبهاء وجمالا ، ذللا من غير مهابة ، نجبا من غير رياضة ، عليها رحال ألواحها من الدر واليواقيت ، مفضضة باللؤلؤ والمرجان ، صفائحها من الذهب الأحمر ملبسة بالعبقري والأرجوان ، فأناخوا (2) إليهم تلك النجائب ، ثم قالوا لهم : إن ربكم عز وجل يقرئكم السلام ، ويستزيدكم لتنظروا إليه ، وينظر إليكم ويحييكم وتحيونه ، ويكلمكم وتكلمونه ، ويزيدكم من فضله وسعته ، إنه ذو رحمة واسعة وفضل عظيم ، فيتحول كل رجل منهم على راحلته ثم انطلقوا صفا واحدا معتدلا ، لا يفوت من شيء شيئا ولا يفوت أذن ناقة أذن صاحبتها ، ولا يمرون بشجرة من أشجار الجنة إلا أكفتهم بثمرتها ، ورحلت لهم عن طريقهم كراهية أن تثلم صفهم ، أو تفرق بين الرجل ورفيقه ، فلما رفعوا إلى الجبار تبارك وتعالى ، أسفر لهم عن وجهه الكريم ، وتجلى لهم في عظمته ، فحياهم بالسلام ، فقالوا : ربنا أنت السلام ، ومنك السلام ، ولك حق الجلال والإكرام ، فقال لهم تبارك وتعالى إنى أنا السلام ، ومنى السلام ، ولي حق الجلال والإكرام ، فمرحبا بعبادي الذين حفظوا وصيتي ، ورعوا عهدي وخافوني بالغيب ، وكانوا مني على وجل مشفقين ، فقالوا : أما وعزتك وعظمتك وجلالك وعلو مكانك ، ما قدرناك حق قدرك ، وما أدينا إليك كل حقك ، فائذن لنا بالسجود لك ، فقال لهم ربهم عز وجل : قد وضعت عنكم مؤنة العبادة ، وأرحت لكم أبدانكم ، فطالما أنصبتم الأبدان ، وأعنيتم لي الوجوه ، فالآن أفضوا إلى روحي ورحمتي وكرامتي ، فسلوني ما شئتم ، وتمنوا علي أعطكم أمانيكم ، فإني لن أجزيكم اليوم بقدر أعمالكم ، ولكن بقدر رحمتي وكرامتي ، وطولي وجلالي ، وعلو مكاني ، وعظمة سلطاني ، فلا يزالون في الأماني والعطايا والمواهب ، حتى إن المقصر منهم في أمنيته ليتمنى مثل جميع الدنيا منذ يوم خلقها الله عز وجل إلى يوم أفناها ، فقال لهم ربهم عز وجل : لقد قصرتم في أمانيكم ورضيتم بدون ما يحق لكم ، فقد أوجبت لكم ما سألتم وتمنيتم وألحقت لكم وزدتكم ما قصرت عنه أمانيكم فانظروا إلى مواهب ربكم التي وهب لكم ، فإذا بقباب في الرفيق الأعلى ، وغرف مبنية من الدر والمرجان ، وإذا أبوابها من ذهب ، وسررها من ياقوت ، وفرشها سندس وإستبرق ، ومنابرها من نور ، يفور من أبوابها وأعراصها نور ، شعاع الشمس عنده مثل الكوكب الدري ، فإذا بقصور شامخة في أعلى عليين من الياقوت يزهر نورها ، فلولا أنه سخرها للمعت الأبصار ، فما كان من تلك القصور من الياقوت الأبيض فهو مفروش بالحرير الأبيض ، وما كان منها من الياقوت الأحمر ، فهو مفروش بالعبقري الأحمر ، وما كان منها من الياقوت الأخضر فهو مفروش بالسندس الأخضر ، وما كان منها من الياقوت الأصفر ، فهو مفروش بأرجوان أصفر ، مبثوثة بالزمرد الأخضر ، والذهب الأحمر والفضة البيضاء ، وبروجها وأركانها من الجوهر ، وشرفها قباب اللؤلؤ ، فلما انصرفوا إلى ما أعطاهم ربهم عز وجل ، قربت لهم براذين من الياقوت الأبيض ، منفوخ فيها الروح ، يجنبها الولدان المخلدون ، بيد كل وليد منهم حكمة برذون من تلك البراذين لجمها وأعنتها من فضة بيضاء ، منظومة بالدر والياقوت ، سرجها مفروشة بالسندس والإستبرق فانطلقت بهم تلك البراذين (3) تزف بهم وتطوف بهم رياض الجنة ، فلما انتهوا إلى منازلهم وجدوا الملائكة قعودا على منابر من نور ينتظرونهم ليزوروهم ويصافحوهم ، ويهنوهم بكرامة ربهم ، عز وجل فلما دخلوا قصورهم وجدوا فيها جميع ما تطول به عليهم ربهم عز وجل مما سألوه وتمنوا ، وإذا على باب كل قصر من تلك القصور أربع جنان : جنتان ذواتا أفنان ، وجنتان مدهامتان ، فيها عينان نضاختان ، وفيهما من كل فاكهة زوجان ، وحور مقصورات في الخيام فلما تبوءوا منازلهم واستقر قرارهم قال لهم ربهم عز وجل : هل وجدتم ما وعد ربكم حقا (4) ؟ قالوا : نعم » قال : أفرضيتم بمواهب ربكم ؟ قالوا : نعم ، رضينا ربنا ، فارض عنا قال : فبرضاي عنكم حللتم داري ، ونظرتم إلى وجهي الكريم ، وصافحتم ملائكتي ، فهنيئا هنيئا لكم ، عطاء غير مجذوذ (5) ، ليس فيه تنقيص ولا تصريم ، فعند ذلك قالوا : الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ، إن ربنا لغفور شكور الذي أحلنا دار المقامة من فضله ، لا يمسنا فيها نصب ، ولا يمسنا فيها لغوب (6) قال محمد بن الحسين : هذه الأخبار كلها يصدق بعضها بعضا مع ظاهر القرآن يبين أن المؤمنين يرون الله عز وجل ، فالإيمان بهذا واجب ، فمن آمن بما ذكرنا ؛ فقد أصاب حظه من الخير إن شاء الله في الدنيا والآخرة ، ومن كذب بجميع ما ذكرنا ، وزعم أن الله عز وجل لا يرى في الآخرة فقد كفر ، ومن كفر بهذا ، فقد كفر بأمور كثيرة مما يجب عليه الإيمان بها ، وسنبين جميع ما يكذب به الجهمي في كتاب غير هذا الكتاب إن شاء الله ، فإن اعترض بعض من قد استحوذ عليهم الشيطان فهم في غيهم يترددون ، ممن يزعم أن الله عز وجل لا يرى في القيامة ، واحتج بقول الله عز وجل : لا تدركه الأبصار ، وهو يدرك الأبصار ، وهو اللطيف الخبير (7) فجحد النظر إلى الله عز وجل بتأويله الخاطئ لهذه الآية قيل له : يا جاهل إن الذي أنزل الله عز وجل عليه القرآن ، وجعله الحجة على خلقه ، وأمره بالبيان لما أنزل عليه من وحيه هو أعلم بتأويلها منك يا جهمي ، هو الذي قال لنا : « إنكم سترون ربكم عز وجل كما ترون هذا القمر » فقبلنا عنه ما بشرنا به من كرامة ربنا عز وجل على حسب ما تقدم ذكرنا له ، من الأخبار الصحاح عند أهل الحق من العلم ، ثم فسر لنا الصحابة رضي الله عنهم بعده ، ومن بعدهم من التابعين : وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة (8) فسروه على النظر إلى وجه الله عز وجل ، وكانوا بتفسير القرآن وبتفسير ما احتججت به من قوله عز وجل لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار أعرف منك ، وأهدى منك سبيلا ، والنبي صلى الله عليه وسلم فسر لنا قول الله عز وجل : للذين أحسنوا الحسنى وزيادة (9) وكانت الزيادة : النظر إلى وجه الله تعالى ، وكذا عند صحابته رضي الله عنهم ، فاستغنى أهل الحق بهذا ، مع تواتر الأخبار الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنظر إلى وجه الله عز وجل ، وقبلها أهل العلم أحسن قبول وكانوا بتأويل الآية التي عارضت بها أهل الحق أعلم منك يا جهمي ، فإن قال قائل : فما تأويل قوله عز وجل : لا تدركه الأبصار قيل له : معناها عند أهل العلم : أي : لا تحيط به الأبصار ، ولا تحويه عز وجل ، وهم يرونه من غير إدراك ولا يشكون في رؤيته ، كما يقول الرجل : رأيت السماء وهو صادق ، ولم يحط بصره بكل السماء ، ولم يدركها وكما يقول الرجل : رأيت البحر ، وهو صادق ولم يدرك بصره كل البحر ، ولم يحط ببصره ، هكذا فسره العلماء ، إن كنت تعقل

__________

(1) الخز : ثياب تنسج من صوف وحرير

(2) أناخ البعير : أَبْرَكَه وأجلسه

(3) البرذون : يطلق على غير العربي من الخيل والبغال وهو عظيم الخلقة غليظ الأعضاء قوي الأرجل عظيم الحوافر

(4) سورة :

(5) سورة : هود آية رقم : 108

(6) سورة : فاطر آية رقم : 34

(7) سورة : الأنعام آية رقم : 103

(8) سورة : القيامة آية رقم : 22

(9) سورة : يونس آية رقم : 26

628 - حدثنا جعفر بن محمد الصندلي قال : أنا زهير بن محمد المروزي قال : أنا عمرو بن طلحة القناد قال : أنا أسباط بن نصر ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنه : ولقد رآه نزلة أخرى (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه عز وجل ، فقال رجل عند ذلك : أليس قال الله عز وجل : لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار (2) ؟ فقال له عكرمة : أليس ترى السماء ؟ قال : بلى قال : أو كلها تراها ؟

__________

(1) سورة : النجم آية رقم : 13

(2) سورة : الأنعام آية رقم : 103

629 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال : حدثنا أبو داود السجستاني قال : سمعت أحمد بن حنبل وقيل له في رجل حدث بحديث ، عن رجل ، عن أبي العطوف يعني أن الله عز وجل لا يرى في الآخرة ، فقال : « لعن الله من حدث بهذا الحديث ثم قال : أخزى الله هذا »

باب الإيمان بأن الله عز وجل يضحك

قال محمد بن الحسين : رحمه الله : اعلموا وفقنا الله وإياكم للرشاد من القول والعمل أن أهل الحق يصفون الله عز وجل بما وصف به نفسه عز وجل ، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم ، وبما وصفه به الصحابة رضي الله عنهم ، وهذا مذهب العلماء ممن اتبع ولم يبتدع ، ولا يقال فيه : كيف ؟ بل التسليم له ، والإيمان به أن الله عز وجل يضحك ، كذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وعن صحابته ، ولا ينكر هذا إلا من لا يحمد حاله عند أهل الحق وسنذكر منه ما حضرنا ذكره ، والله الموفق للصواب ، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

630 - حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي قال : نا إسحاق بن موسى الأنصاري قال : نا معن بن عيسى قال : نا مالك بن أنس ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « يضحك الله عز وجل إلى رجلين : يقتل أحدهما الآخر ، كلاهما يدخل الجنة : يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل ، ثم يتوب الله عز وجل على القاتل ، فيقاتل في سبيل الله ، فيستشهد »

631 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا مصعب بن عبد الله الزبيري قال : نا مالك بن أنس ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « يضحك ربنا عز وجل إلى رجلين : يقاتل أحدهما الآخر ، كلاهما يدخل الجنة ، يقاتل هذا في سبيل الله تعالى فيقتل ، ثم يتوب الله عز وجل على القاتل ، فيقاتل في سبيل الله فيستشهد »

632 - وأخبرنا الفريابي قال : نا إسحاق بن راهويه ، وأبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة قالوا : نا وكيع ، عن سفيان يعني الثوري عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « يضحك الله عز وجل إلى رجلين ، يقتل أحدهما الآخر ، كلاهما يدخل الجنة : يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل فيستشهد ، ثم يتوب الله عز وجل على قاتله ، فيسلم ، فيقاتل في سبيل الله فيستشهد »

633 - أخبرنا الفريابي قال : حدثني إبراهيم بن المنذر الحزامي قال : نا ابن أبي فديك ، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم : « يضحك الله عز وجل إلى رجلين : يقتل أحدهما الآخر ، كلاهما داخل الجنة يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل فيستشهد ، ثم يتوب الله عز وجل على هذا فيسلم فيقاتل في سبيل الله فيقتل فيستشهد »

634 - أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال : نا داود بن عمرو الضبي قال : نا ابن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يضحك الله تعالى إلى رجلين : يقتل أحدهما الآخر ، كلاهما يدخل الجنة ، يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل فيستشهد ويتوب الله عز وجل على هذا فيسلم فيقاتل في سبيل الله فيقتل فيستشهد »

635 - أخبرنا الفريابي قال : نا إسحاق بن راهويه قال : أنا عبد الرزاق قال نا معمر ، عن همام بن منبه ، عن أبي هريرة : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « يضحك الله عز وجل إلى رجلين : يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة »

636 - أخبرنا الفريابي قال : نا أبو بكر بن أبي شيبة قال : نا هشيم بن بشير قال : أنا مجالد ، عن أبي الوداك ، عن أبي سعيد الخدري يرفع الحديث قال : « ثلاثة يضحك الله تبارك وتعالى إليهم : الرجل إذا قام من الليل يصلي ، والقوم إذا صفوا للصلاة ، والقوم إذا صفوا للعدو »

637 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال : أنا الحسن بن عرفة قال : نا هشيم بن بشير ، عن المجالد بن سعيد ، عن أبي الوداك ، عن أبي سعيد الخدري : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « ثلاثة يضحك الله عز وجل إليهم يوم القيامة : الرجل إذا قام من الليل يصلي ، والقوم إذا صفوا للصلاة ، والقوم إذا صفوا للعدو »

638 - وأخبرنا الفريابي قال : نا أبو كريب محمد بن العلاء قال : نا يحيى بن آدم قال : نا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة ، وأبي الكنود ، عن عبد الله بن مسعود قال : « يضحك الله عز وجل إلى رجلين : رجل قام في جوف الليل وأهله نيام ، فتطهر ، ثم قام يصلي ، فيضحك الله عز وجل إليه ، ورجل لقي العدو فانهزم أصحابه ، وثبت حتى رزقه الله الشهادة »

639 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : نا عبد الوهاب الوراق قال : نا يزيد بن هارون قال : أنا حماد بن سلمة ، عن يعلى بن عطاء ، عن وكيع بن عدس ، عن عمه أبي رزين العقيلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ضحك ربنا عز وجل من قنوط (1) عباده وقرب غيره » قال قلت : يا رسول الله ، أو يضحك الرب عز وجل ؟ قال : « نعم » قلت : لن نعدم من رب يضحك خيرا «

__________

(1) القُنوط : أشَدّ اليأس من الشيء

640 - حدثنا جعفر بن محمد الصندلي قال : أنا زهير بن محمد المروزي قال : أنا علي بن عثمان اللاحقي قال : نا حماد بن سلمة قال : يعلى بن عطاء ، عن وكيع بن عدس ، عن أبي رزين العقيلي : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « ضحك ربنا عز وجل من قنوط (1) عباده وقرب غيره » قال أبو رزين : قلت : يا رسول الله ، أو يضحك الرب عز وجل ؟ قال : « نعم » ولن نعدم من رب يضحك خيرا «

__________

(1) القُنوط : أشَدّ اليأس من الشيء

641 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : نا عمي ، وإسحاق بن إبراهيم قالا : نا حجاج قال : نا حماد يعني ابن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن عمارة القرشي ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى الأشعري : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « يتجلى لنا ربنا عز وجل ضاحكا يوم القيامة »

642 - حدثنا أبو الفضل جعفر بن محمد الصندلي قال : نا زهير بن محمد المروزي قال : أنا الحسن بن موسى قال : نا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن عمارة القرشي ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يتجلى لنا الرب عز وجل ضاحكا ويقول : أبشروا معاشر المسلمين ، فإنه ليس منكم أحد إلا قد جعلت مكانه في النار يهوديا أو نصرانيا »

643 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : نا هارون بن أبي بردة قال : نا أبو يحيى الحماني ، عن إسماعيل بن عبد الملك ، عن علي بن ربيعة الوالبي قال : كنت ردف (1) علي بن أبي طالب رضي الله عنه في جبانة الكوفة فقال : لا إله إلا أنت اغفر لي ذنوبي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، ثم نظر إلي فضحك ، فقلت : يا أمير المؤمنين استغفارك ربك والتفاتك إلي تضحك ؟ قال : كنت ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم في جانب الحرة ، ثم قال : « لا إله إلا أنت سبحانك اغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت » ثم نظر إلى السماء ، ثم التفت إلي فضحك ، فقلت يا رسول الله ، استغفارك ربك والتفاتك إلي تضحك ؟ قال : « ضحكت لضحك ربي عز وجل ، يعجب لعبده : يعلم أنه لا يغفر الذنوب إلا الله عز وجل »

__________

(1) الردف : الراكب خلف قائد الدابة

644 - حدثنا جعفر بن محمد الصندلي قال : نا زهير بن محمد المروزي قال : نا أبو نعيم قال : نا إسماعيل بن عبد الملك بن أبي الصفيرا ، عن علي بن ربيعة قال : حملني علي رضي الله عنه خلفه ، ثم سار بي في جانب الحرة ثم رفع رأسه إلى السماء فقال : اللهم اغفر لي ذنوبي فإنه لا يغفر غيرك ، ثم التفت إلي فضحك ، فقلت وذكر نحو الحديث

645 - حدثنا أبو بكر قاسم بن زكريا المطرز قال : أنا أبو بكر بن زنجويه ، وأحمد بن سفيان قالا : نا محمد بن يوسف الفريابي ، عن سفيان الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن علي بن ربيعة قال : كنت ردف (1) علي بن أبي طالب كرم الله وجهه فقال حين ركب : الله أكبر الله أكبر والحمد لله والحمد لله ، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون (2) لا إله إلا أنت سبحانك إني قد ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت قال : ثم استضحك فقلت : ما يضحكك ؟ قال : كنت ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعل مثل ما فعلت ، فقلت : ما يضحكك يا رسول الله ؟ قال : « يعجب ربنا عز وجل من العبد إذا قال : لا إله إلا أنت سبحانك إني قد ظلمت نفسي فاغفر لي ذنوبي ، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت »

__________

(1) الردف : الراكب خلف قائد الدابة

(2) سورة : الزخرف آية رقم : 13

646 - حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : نا يوسف بن موسى القطان قال : نا جرير ، عن منصور بن المعتمر ، عن أبي إسحاق ، عن علي بن ربيعة الأسدي قال : رأيت عليا رضي الله عنه أتى بدابة فوضع رجله في الركاب فقال : بسم الله ، فلما استوى عليها قال : الحمد لله ثم قال : سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون (1) ثم حمد الله ثلاثا وكبر ثلاثا ثم قال : لا إله إلا أنت سبحانك ، إني قد ظلمت نفسي ، فاغفر لي ذنوبي ، إنه لا يغفر إلا أنت ، ثم استضحك ، فقلت : مم استضحكت ؟ فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوما مثل ما قلت ، ثم استضحك فقلت : مم استضحكت يا رسول الله ؟ قال : « يعجب ربنا عز وجل من قول عبده : سبحانك ، إني قد ظلمت نفسي ، فاغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت قال : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنوب »

__________

(1) سورة : الزخرف آية رقم : 13

647 - حدثنا جعفر بن محمد الصندلي قال : نا زهير بن محمد المروزي قال : نا أبو حذيفة عبد الله بن محمد بن عبد الكريم الصنعاني قال : نا إبراهيم بن عقيل ، عن أبيه ، عن وهب بن منبه ، عن جابر : عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الورود قال : « فيتجلى لهم ربهم عز وجل يضحك » قال جابر : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك حتى تبدو لهواته (1) «

__________

(1) اللهوات : جمع لهاة ، وهي اللحمات في سقف أقصى الفم

648 - حدثنا جعفر بن محمد الصندلي قال : أخبرنا زهير بن محمد قال : أنا علي بن عثمان اللاحقي قال : حدثنا حماد بن سلمة قال : أنا ثابت ، عن أنس بن مالك ، عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إن آخر من يدخل الجنة رجل يمشي على الصراط فهو يكبو مرة ويمشي مرة ، وتسفعه (1) النار مرة ، فإذا جاوزها التفت إليها ، فقال : تبارك الذي نجاني منك ، لقد أعطاني الله عز وجل شيئا ما أعطاه أحدا من الأولين والآخرين ، فترفع له شجرة فيقول : أي رب أدنني منها فأستظل بظلها ، وأشرب من مائها ، فيقول الله عز وجل : يا ابن آدم لعلي إن أعطيتكها تسألني غيرها ، فيقول : لا يا رب ، فيعاهده أن لا يسأله غيرها ، وربه عز وجل يعلم أنه سيفعل ، فيدنيه منها ، فيستظل بظلها ويشرب من مائها ، فترفع له شجرة أحسن من الأولى ، فيقول : أي رب ، أدنني (2) من هذه فلأشرب من مائها ولأستظل بظلها ، فيقول الله عز وجل : يا ابن آدم ، ألم تعاهدني : أن لا تسألني غيرها ؟ فيقول : أي رب ولكن هذه لا أسألك غيرها ، وربه عز وجل يعلم أنه سيفعل ، فيقول عز وجل : لعلي إن أدنيتك (3) منها تسألني غيرها ؟ فيعاهده : أن لا يسأله غيرها ، وربه عز وجل يعلم أنه سيفعل ، فيدنيه منها ، فيستظل بظلها ويشرب من مائها فترفع له شجرة هي عند باب الجنة أحسن من الأوليين ، فيقول : أي رب أدنني من هذه لا أسألك غيرها ، وربه عز وجل يعلم أنه سيفعل وهو يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه ، فيدنيه منها ، فيسمع أصوات أهل الجنة فيقول : أي رب أدخلني الجنة فيقول : يا ابن آدم ، ألم تعاهدني أنك لا تسألني غيرها ؟ فيقول : أي رب أدخلنيها ، فيقول : يا ابن آدم ما يرضيك مني ؟ أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها ؟ فيقول : أي رب ، أتستهزئ بي وأنت رب العالمين ؟ » فضحك ابن مسعود فقال : ألا تسألوني مم أضحك ؟ ، فقالوا : مم تضحك ؟ قال : هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ضحك ، فقال : « ألا تسألوني مم أضحك ؟ فقال : من ضحك رب العالمين عز وجل منه حين يقول : أتستهزئ بي ؟ فيقول : لا أستهزئ بك ، ولكني على ما أشاء قدير ، فيدخله الجنة »

__________

(1) تسفعه النار : تضرب وجهه وتسوده وتؤثر فيه أثرا

(2) أدنى : قرب

(3) الدنو : الاقتراب

649 - حدثنا الفريابي قال : نا محمد بن عثمان بن خالد قال : نا إبراهيم بن سعد ، عن أبيه قال : بينا أنا جالس مع حميد بن عبد الرحمن إذ مر شيخ جليل في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في بصره بعض الضعف ، من بني غفار فبعث إليه حميد ، فلما أقبل قال لي : يا ابن أخي ، أوسع له بيني وبينك فإنه قد صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره ، فأجلسه بيني وبينه ، ثم قال الحديث الذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إن الله عز وجل ينشئ السحاب ، فيضحك أحسن الضحك ، وينطق أحسن المنطق » حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : نا يعقوب الدورقي قال : نا أبو داود الطيالسي قال : نا إبراهيم بن سعد ، عن أبيه قال : كنت جالسا مع حميد بن عبد الرحمن بن عوف وذكر نحوا من حديث الفريابي

650 - أخبرنا الفريابي قال : نا هشام بن عمار الدمشقي قال : نا إسماعيل بن عياش قال : أنبأنا بحير بن سعد ، عن خالد بن معدان ، عن كثير بن مرة ، عن نعيم بن همار قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : « أي الشهداء أفضل ؟ قال : » الذين يقاتلون في الصف ، فلا يلفتون وجوههم حتى يقتلوا ، أولئك يتلبطون (1) في العلى من الجنة ، يضحك إليهم ربك عز وجل ، وإذا ضحك إلى عبد في موطن فلا حساب عليه « وحدثناه أبو بكر بن أبي داود قال : نا محمد بن المصفى قال : نا أبو المغيرة ، عن إسماعيل بن عياش ، وذكر الحديث بإسناده مثله قال محمد بن الحسين رحمه الله : هذه السنن كلها نؤمن بها ، ولا نقول فيها : كيف ؟ والذين نقلوا هذه السنن : هم الذين نقلوا إلينا السنن في الطهارة ، وفي الصلاة ، والزكاة ، والصيام ، الحج ، والجهاد ، وسائر الأحكام من الحلال والحرام ، فقبلها العلماء منهم أحسن قبول ، ولا يرد هذه السنن إلا من يذهب مذهب المعتزلة ، فمن عارض فيها أو ردها ، أو قال : كيف ؟ فاتهموه واحذروه

__________

(1) التلبط : التمرغ

باب التحذير من مذاهب الحلولية

قال محمد بن الحسين رحمه الله : الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، والحمد لله على كل حال ، وصلى الله على محمد وآله وسلم أما بعد فإني أحذر إخواني المؤمنين مذهب الحلولية الذين لعب بهم الشيطان فخرجوا بسوء مذهبهم عن طريق أهل العلم ، مذاهبهم قبيحة ، لا يكون إلا في كل مفتون هالك ، زعموا أن الله عز وجل حال في كل شيء ، حتى أخرجهم سوء مذهبهم إلى أن تكلموا في الله عز وجل بما ينكره العلماء العقلاء ، لا يوافق قولهم كتاب ولا سنة ولا قول الصحابة ولا قول أئمة المسلمين ، وإني لأستوحش أن أذكر قبيح أفعالهم تنزيها مني لجلال الله عز وجل وعظمته ، كما قال ابن المبارك رحمه الله : إنا لنستطيع أن نحكي كلام اليهود والنصارى ، ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية ثم إنهم إذا أنكر عليهم سوء مذهبهم قالوا : لنا حجة من كتاب الله عز وجل فإذا قيل لهم : ما الحجة ؟ قالوا : قال الله عز وجل : ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا (1) وبقوله عز وجل : هو الأول والآخر والظاهر والباطن (2) إلى قوله : وهو معكم أين ما كنتم (3) فلبسوا على السامع منهم بما تأولوا ، وفسروا القرآن على ما تهوى نفوسهم فضلوا وأضلوا ، فمن سمعهم ممن جهل العلم ظن أن القول كما قالوه ، وليس هو كما تأولوه عند أهل العلم والذي يذهب إليه أهل العلم : أن الله عز وجل سبحانه على عرشه فوق سماواته ، وعلمه محيط بكل شيء ، قد أحاط علمه بجميع ما خلق في السماوات العلا ، وبجميع ما في سبع أرضين وما بينهما وما تحت الثرى ، يعلم السر وأخفى ، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، ويعلم الخطرة والهمة ، ويعلم ما توسوس به النفوس يسمع ويرى ، ولا يعزب عن الله عز وجل مثقال ذرة في السماوات والأرضين وما بينهن ، إلا وقد أحاط علمه به فهو على عرشه سبحانه العلي الأعلى ترفع إليه أعمال العباد ، وهو أعلم بها من الملائكة الذين يرفعونها بالليل والنهار فإن قال قائل : فإيش معنى قوله : ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم الآية التي بها يحتجون ؟ قيل له : علمه عز وجل والله على عرشه ، وعلمه محيط بهم ، وبكل شيء من خلقه ، كذا فسره أهل العلم والآية يدل أولها وآخرها على أنه العلم فإن قال قائل : كيف ؟ قيل : قال الله عز وجل : ألم تر أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم إلى آخر الآية ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم وابتدأ الله عز وجل الآية بالعلم ، وختمها بالعلم ، فعلمه عز وجل محيط بجميع خلقه ، وهو على عرشه ، وهذا قول المسلمين

__________

(1) سورة : المجادلة آية رقم : 7

(2) سورة : الحديد آية رقم : 3

(3) سورة : الحديد آية رقم : 4

651 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال : نا أبو داود السجستاني قال : نا أحمد بن حنبل قال : حدثني سريج بن النعمان قال : نا عبد الله بن نافع قال : قال مالك بن أنس رحمه الله : « الله عز وجل في السماء ، وعلمه في كل مكان ، لا يخلو من علمه مكان »

652 - وحدثنا أبو الفضل جعفر بن محمد الصندلي قال : نا الفضل بن زياد ، سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول : قال مالك بن أنس : « الله عز وجل في السماء وعلمه في كل مكان لا يخلو منه مكان » فقلت : من أخبرك عن مالك بهذا ؟ فقال : سمعته من سريج بن النعمان ، عن عبد الله بن نافع

653 - وحدثني أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : نا النضر بن سلمة المروزي قال : نا علي بن الحسن بن شقيق قال : أنا عبيد الله بن موسى ، عن خالد بن معدان قال : سألت سفيان الثوري عن قول الله عز وجل : وهو معكم أينما كنتم (1) ؟ قال : « علمه »

__________

(1) سورة :

654 - وأخبرنا أبو الفضل جعفر بن محمد الصندلي قال : نا الفضل بن زياد قال : نا أبو عبد الله أحمد بن حنبل رحمه الله قال : نا نوح بن ميمون قال : نا بكير بن معروف ، عن مقاتل بن حيان ، عن الضحاك : ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم (1) قال : « هو على العرش ، وعلمه معهم » قال محمد بن الحسين رحمه الله : وفي كتاب الله عز وجل آيات تدل على أن الله تبارك وتعالى في السماء على عرشه ، وعلمه محيط لجميع خلقه قال الله عز وجل : أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير (2) وقال عز وجل : إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه (3) وقال تعالى : سبح اسم ربك الأعلى (4) وقال عز وجل لعيسى عليه السلام : إني متوفيك ورافعك إلي (5) وقال جل ذكره : وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما (6) وقال عز وجل : لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما (7)

__________

(1) سورة : المجادلة آية رقم : 7

(2) سورة : الملك آية رقم : 16

(3) سورة : فاطر آية رقم : 10

(4) سورة : الأعلى آية رقم : 1

(5) سورة : آل عمران آية رقم : 55

(6) سورة : النساء آية رقم : 157

(7) سورة : الطلاق آية رقم : 12

باب ذكر السنن التي دلت العقلاء على أن الله عز وجل

على عرشه فوق سبع سماواته وعلمه محيط بكل شيء ، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء

655 - أخبرنا الفريابي قال : نا عبد الله بن جعفر بن يحيى قال : نا معن بن عيسى ، عن مالك بن أنس ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لما قضى الله عز وجل الخلق ؛ كتب كتابا فهو عنده فوق العرش : إن رحمتي غلبت غضبي »

656 - وأخبرنا الفريابي قال : نا قتيبة بن سعيد قال : أنا المغيرة بن عبد الرحمن ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لما قضى الله عز وجل الخلق كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش : إن رحمتي غلبت غضبي »

657 - وحدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن شاهين قال : نا هارون بن عبد الله البزاز قال : نا شبابة يعني ابن سوار ، عن ورقاء ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « لما قضى الله عز وجل الخلق كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش : إن رحمتي غلبت غضبي »

658 - حدثنا أبو بكر بن زكريا المطرز قال : نا الفضل بن سهل قال : نا أبو عاصم ، عن سفيان الثوري ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي عبيدة ، عن أبي موسى قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع فقال : « إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام ، يرفع القسط ويخفض به ، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار ، وعمل النهار قبل الليل ، حجابه النار لو كشفها لأحرقت سبحات (1) وجهه كل من أدرك بصره »

__________

(1) السبحات : جمع سبحة وهي النور والضياء والبهاء

659 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : نا يوسف بن موسى قال : نا عبيد الله بن موسى قال : أنا سفيان ، عن حكيم بن الديلم ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع فقال : « إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام ، يخفض القسط ويرفعه ، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار وعمل النهار قبل الليل ، حجابه النور ، لو كشفها لأحرقت سبحات (1) وجهه كل شيء أدركه بصره »

__________

(1) السبحات : جمع سبحة وهي النور والضياء والبهاء

660 - أخبرنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكشي قال : نا علي بن عبد الله المديني قال : نا جرير بن عبد الحميد ، عن الأعمش ، عن تميم بن سلمة ، عن عروة بن الزبير قال : قالت عائشة رضي الله عنها : الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات ، إن خولة لتشتكي زوجها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيخفى علي أحيانا بعض ما تقول ، فأنزل الله عز وجل : قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله (1) الآية

__________

(1) سورة : المجادلة آية رقم : 1

661 - حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني قال : أنا محمد بن أبان البلخي قال : أنا يحيى بن عيسى الرملي ، عن الأعمش ، عن تميم بن سلمة ، عن عروة ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : « تبارك الذي وسع سمعه الأصوات كلها ، إن المرأة لتناجي رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمع بعض كلامها ويخفى علي بعض ، إذ أنزل الله عز وجل : قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها (1) » قال يحيى : كذا قال الأعمش

__________

(1) سورة : المجادلة آية رقم : 1

662 - وحدثنا أبو حفص عمر بن أيوب السقطي قال : نا محمد بن سليمان لوين قال : نا الوليد بن أبي ثور ، عن سماك بن حرب ، عن عبد الله بن عميرة ، عن الأحنف بن قيس ، عن العباس بن عبد المطلب رحمة الله عليه قال : كنت جالسا بالبطحاء في عصابة (1) ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم إذ مرت عليهم سحابة ، فنظر إليها ، فقال لهم : « هل تدرون ما اسم هذه ؟ قالوا : نعم ، اسم هذه : السحاب ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : » والمزن (2) ، قالوا : والمزن قال : « والغياية » ثم قال : « هل تدرون ما بين السماء والأرض ؟ قالوا : لا قال : » فإن بعد ما بينهما إما إحدى ، وإما اثنتان ، وإما ثلاث وسبعون سنة إلى السماء ، والسماء فوقها كذلك ، حتى عد سبع سموات ثم قال : فوق السماء السابعة بحر ، ما بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء ثم فوق ذلك ثمانية أوعال (3) بين أظلافهن (4) وركبهن مثل ما بين سماء إلى سماء ، ثم الله عز وجل فوق ذلك « وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : نا عباد بن يعقوب الرواجني قال : أنا الوليد بن أبي ثور ، عن سماك بن حرب ، عن عبد الله بن عميرة ، عن الأحنف بن قيس ، عن العباس بن عبد المطلب قال : كنا جلوسا بالبطحاء في عصابة فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فمرت سحابة فنظر إليها . . . ، وذكر الحديث بطوله

__________

(1) العصابة : الجماعَةُ من الناس من العَشَرَة إلى الأرْبَعين

(2) المزن : السحاب

(3) الأوعال : المراد ملائكة تتصور بهيئة الغزلان

(4) الأظلاف : جمع ظِلف وهو للبقر والشاة والظبي بمنزلة الحافر للدابة والخف للبعير

663 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : نا أحمد بن حفص بن عبد الله قال : أنا أبي قال : نا إبراهيم بن طهمان ، عن سماك ، عن عبد الله بن عميرة ، عن الأحنف بن قيس ، عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال : مرت سحابة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « هل تدرون ما هذا ؟ قلنا : السحاب قال : » أو المزن « ؟ قلنا : أو المزن قال : » أو العنان « ؟ قلنا : أو العنان قال : » فهل تدرون ما بعد ما بين السماء والأرض « ؟ قلنا : لا قال : » إحدى وسبعون ، أو اثنتان وسبعون ، أو ثلاث وسبعون ، والتي فوقها مثل ذلك - حتى عد سبع سماوات على نحو ذلك - ثم فوق السماء السابعة البحر ، أسفله من أعلاه ، مثل ما بين سماء إلى سماء ، ثم فوقه ثمانية أوعال (1) بين أظلافهن ، وركبهن مثل بين سماء إلى سماء ، ثم العرش فوق ذلك ، وإن الله عز وجل فوق العرش «

__________

(1) الأوعال : المراد ملائكة تتصور بهيئة الغزلان

664 - حدثنا عمر بن أيوب السقطي قال : نا أبو بكر بن أبي شيبة قال : نا وكيع بن الجراح ، عن سفيان ، عن أبي هاشم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : « إن الله عز وجل استوى على عرشه ، قبل أن يخلق شيئا ، فكان أول ما خلق القلم ، فأمره أن يكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة ، فإنما يجري الناس في أمر قد فرغ منه »

665 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا سلمة بن شبيب قال : نا حفص بن عبد الرحمن قال : سمعت محمد بن إسحاق يحدث عن يعقوب بن عتبة ، عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، عن جده قال : إني لعند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه أعرابي فقال : يا رسول الله جهدت الأنعام ، وجاع العيال ، هلكت الأموال ، وهلكت الأنعام ، فاستسق لنا ، فإنا نستشفع بك على الله عز وجل ، ونستشفع بالله عليك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « هل تدري ما تقول » ؟ وسبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فما زال يسبح حتى عرف في وجوه أصحابه ، وقال : « ويحك إنه لا يستشفع بالله على أحد شأن الله أعظم من ذلك ويحك إنه لفوق سماواته ، وهو على عرشه ، وإنه لهكذا مثل القبة » وأشار بيده وإنه ليئط (1) أطيط (2) الرحل بالراكب «

__________

(1) أط : صوت والمراد اشتكى من الحمل الثقيل

(2) الأطيط : صوت احتكاك أخشاب الرحل ، والمراد أنه اشتكى من ثقل الحمل فصوت

666 - حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن شاهين قال : نا محمد بن سهل بن عسكر قال : نا نعيم بن حماد قال : نا الوليد بن مسلم ، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن ابن أبي زكريا ، عن رجاء بن حيوة ، عن النواس بن سمعان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا تكلم الله عز وجل بالوحي : أخذت السماء منه رعدة أو قال رجفة (1) شديدة ، خوفا من الله عز وجل ، فإذا سمع ذلك أهل السماوات صعقوا وخروا لله عز وجل سجدا ، فيكون أول من يرفع رأسه جبريل عليه السلام ، فيكلمه تبارك وتعالى بما أراد من وحيه ، فيمضي به جبريل على ملائكته سماء سماء ، كلما مر بسماء سأله ملائكتها : ماذا قال ربنا يا جبريل ؟ فيقول : قال الحق وهو العلي الكبير ، فيمضي جبريل الوحي حيث أمره الله عز وجل من السماء والأرض »

__________

(1) الرجفة : الزلزلة والاضطراب الشديد

667 - حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : نا علي بن الحسين بن إبراهيم قال : نا أبو معاوية الضرير ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا تكلم الله عز وجل بالوحي سمع أهل السماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا قال : فيصعقون ، فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل عليه السلام ، فإذا جاءهم جبريل عليه السلام فزع عن قلوبهم قال : فيقولون : يا جبريل ماذا قال ربكم ؟ قال : الحق ، فينادون : الحق ، الحق » قال محمد بن الحسين رحمه الله : فهذه السنن قد اتفقت معانيها ويصدق بعضها بعضا وكلها يدل على ما قلنا : إن الله عز وجل على عرشه ، فوق سماواته ، وقد أحاط علمه بكل شيء ، وإنه سميع ، بصير ، عليم ، خبير وقد قال جل ذكره : سبح اسم ربك الأعلى (1) وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استفتح دعاءه يقول : « سبحان ربي العلي الأعلى الوهاب وكان جماعة من الصحابة إذا قرءوا سبح اسم ربك الأعلى قالوا : سبحان ربي الأعلى ، منهم : علي بن أبي طالب وابن عباس وابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهم ، وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم أمته أن يقولوا في السجود : سبحان ربي الأعلى ثلاثا وهذا كله مما يقوي ما قلنا : أن الله عز وجل العلي الأعلى : على عرشه ، فوق السماوات العلا ، وعلمه محيط بكل شيء ، خلاف ما قالته الحلولية نعوذ بالله من سوء مذهبهم

__________

(1) سورة : الأعلى آية رقم : 1

668 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : نا أحمد بن منصور بن سيار قال : نا عبد الصمد بن النعمان قال : نا عمر بن راشد أبو حفص اليمامي ، عن إياس بن سلمة بن الأكوع ، عن أبيه قال : ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح دعاءه إلا بسبحان ربي العلي الأعلى الوهاب وله طرق

669 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا هارون بن إسحاق قال : نا وكيع ، عن سفيان ، عن السدي ، عن عبد خير قال : سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه قرأ سبح اسم ربك الأعلى (1) فقال : « سبحان ربي الأعلى »

__________

(1) سورة : الأعلى آية رقم : 1

670 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : نا زياد بن أيوب قال : نا هشيم قال : أنا أبو بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عمر أنه كان يقرأ : سبح اسم ربك الأعلى (1) فيقول : « سبحان ربي الأعلى »

__________

(1) سورة : الأعلى آية رقم : 1

671 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : نا عمي قال : نا أبو نعيم قال : نا زهير عن العلاء بن المسيب ، عن عمرو بن مرة ، عن طلحة بن يزيد ، عن حذيفة قال : صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فلما سجد قال : « سبحان ربي الأعلى »

672 - حدثنا ابن أبي داود قال : حدثنا هارون بن إسحاق قال : نا وكيع ، عن هشام بن عروة ، عن عبد الله بن الزبير : أنه قرأ سبح اسم ربك الأعلى (1) فقال : « سبحان ربي الأعلى »

__________

(1) سورة : الأعلى آية رقم : 1

673 - أخبرنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي قال : نا محمد بن أبي بكر المقدمي ، وعلي بن المديني قالا : نا عبد الله بن يزيد المقرئ قال : حدثنا موسى بن أيوب الغافقي قال : حدثني عمى إياس بن عامر : أنه سمع عقبة بن عامر الجهني قال : لما نزلت : فسبح باسم ربك العظيم (1) قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اجعلوها في ركوعكم » فلما نزلت : سبح اسم ربك الأعلى (2) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اجعلوها في سجودكم

__________

(1) سورة : الواقعة آية رقم : 74

(2) سورة : الأعلى آية رقم : 1

674 - وأخبرنا الفريابي قال : نا داود بن مخراق الفريابي قال : نا وكيع ، عن ابن أبي ذئب ، عن إسحاق بن يزيد الهذلي ، عن عون بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا ركع أحدكم فليقل في ركوعه : سبحان ربي العظيم ثلاثا ، فإذا فعل ذلك فقد تم ركوعه وذلك أدناه ، وإذا سجد فليقل : سبحان ربي الأعلى ، ثلاثا ، فإذا فعل ذلك ، فقد تم سجوده ، وذلك أدناه » قال محمد بن الحسين رحمه الله : ومما يحتج به الحلولية مما يلبسون به على من لا علم معه ، يقول الله عز وجل : هو الأول والآخر والظاهر والباطن (1) وقد فسر أهل العلم هذه الآية : هو الأول : قبل كل شيء من حياة وموت ، والآخر : بعد كل شيء ، بعد الخلق ، وهو الظاهر : فوق كل شيء يعني ما في السماوات ، وهو الباطن : دون كل شيء يعلم ما تحت الأرضين ، ودل على هذا آخر الآية وهو بكل شيء عليم كذا فسره مقاتل بن حيان ومقاتل بن سليمان ويثبت ذلك السنة

__________

(1) سورة : الحديد آية رقم : 3

675 - حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن شاهين قال : نا يوسف بن موسى القطان قال : نا جرير ، عن مطرف ، عن الشعبي ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء » قال محمد بن الحسين رحمه الله : ومما يلبسون به على من لا علم معه احتجوا بقوله عز وجل : وهو الله في السموات وفي الأرض (1) وبقوله عز وجل : وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله (2) وهذا كله إنما يطلبون به الفتنة كما قال الله تعالى : فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله (3) وعند أهل العلم من أهل الحق وهو الله في السموات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون فهو كما قال أهل العلم : مما جاءت به السنن : إن الله عز وجل على عرشه ، وعلمه محيط بجميع خلقه ، يعلم ما يسرون وما يعلنون (4) ، يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون (5) وقوله عز وجل : وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله فمعناه : أنه جل ذكره إله من في السماوات ، وإله من في الأرض ، إله يعبد في السماوات ، وإله يعبد في الأرض ، هكذا فسره العلماء

__________

(1) سورة : الأنعام آية رقم : 3

(2) سورة : الزخرف آية رقم : 84

(3) سورة : آل عمران آية رقم : 7

(4) سورة : البقرة آية رقم : 77

(5) سورة : الأنبياء آية رقم : 110

676 - حدثنا عمر بن أيوب السقطي قال : نا الحسن بن الصباح البزار قال : نا علي بن الحسن بن شقيق ، عن خارجة بن مصعب ، عن سعيد ، عن قتادة في قول الله عز وجل : وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله (1) قال : هو إله يعبد في السماء ، وإله يعبد في الأرض قال محمد بن الحسين رحمه الله : فيما ذكرته وبينته مقنع لأهل الحق إشفاقا عليهم ، لئلا يداخل قلوبهم من تلبيس أهل الباطل ممن يميل بقبيح مذهبه السوء إلى استماع الغناء من الغلمان المرد يتلذذ بالنظر إليهم ، ولا يحب الاستماع من الرجل الكبير ، ويرقص ويزفن ، قد ظفر به الشيطان فهو يلعب به مخالفا للحق ، لا يرجع في فعله إلى كتاب ولا إلى سنة ، ولا إلى قول الصحابة ، ولا من تبعهم بإحسان ، ولا قول إمام من أئمة المسلمين ، وما يخفون من البلاء مما لا يحسن ذكره أقبح ، ويدعون أن هذا دين يدينون به ، نعوذ بالله من قبيح ما هم عليه ، ونسأله التوفيق إلى سبيل الرشاد ، إنه سميع قريب

__________

(1) سورة : الزخرف آية رقم : 84

677 - حدثنا عمر بن أيوب السقطي قال : حدثنا الحسن بن الصباح البزار قال : قال يزيد بن هارون : وذكر الجهمية فقال : هم والله الذي لا إله إلا هو زنادقة عليهم لعنة الله ، وبالله التوفيق

كتاب الإيمان والتصديق بأن الله عز وجل كلم موسى عليه السلام

الحمد لله المحمود على كل حال ، وصلى الله على محمد النبي وعلى آله وسلم أما بعد فإنه من ادعى أنه مسلم ثم زعم أن الله عز وجل لم يكلم موسى فقد كفر ، يستتاب فإن تاب وإلا قتل فإن قال قائل : لم ؟ قيل : لأنه رد القرآن وجحده ، ورد السنة ، وخالف جميع علماء المسلمين ، وزاغ عن الحق ، وكان ممن قال الله عز وجل : ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا (1) وأما الحجة عليهم من القرآن : فإن الله جل وعز قال في سورة النساء : وكلم الله موسى تكليما (2) وقال عز وجل في سورة الأعراف : ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك (3) وقال عز وجل : إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي (4) وقال عز وجل في سورة طه : فلما أتاها نودي يا موسى إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى ، وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري (5) إلى آخر الآيات وقال عز وجل في سورة النمل : فلما جاءها نودي أن بورك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم (6) وقال عز وجل في سورة القصص : فلما أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين (7) وقال عز وجل في سورة والنازعات : هل أتاك حديث موسى إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى (8) قال محمد بن الحسين رحمه الله : فمن زعم أن الله عز وجل لم يكلم موسى فقد رد نص القرآن وكفر بالله العظيم فإن قال منهم قائل : إن الله تعالى خلق كلاما في الشجرة ، فكلم به موسى قيل له : هذا هو الكفر ، لأنه يزعم أن الكلام مخلوق ، تعالى الله عز وجل عن ذلك ويزعم أن مخلوقا يدعي الربوبية ، وهذا من أقبح القول وأسمجه وقيل له : يا ملحد ، هل يجوز لغير الله أن يقول : إنني أنا الله ؟ نعوذ بالله أن يكون قائل هذا مسلما ، هكذا كافر يستتاب ، فإن تاب ورجع عن مذهبه السوء وإلا قتله الإمام ، فإن لم يقتله الإمام ولم يستتبه وعلم منه أن هذا مذهبه هجر ولم يكلم ، ولم يسلم عليه ولم يصل خلفه ، ولم تقبل شهادته ، ولم يزوجه المسلم كريمته

__________

(1) سورة : النساء آية رقم : 115

(2) سورة : النساء آية رقم : 164

(3) سورة : الأعراف آية رقم : 143

(4) سورة : الأعراف آية رقم : 144

(5) سورة : طه آية رقم : 11

(6) سورة : النمل آية رقم : 8

(7) سورة : القصص آية رقم : 30

(8) سورة : النازعات آية رقم : 15

678 - وحدثنا أبو الفضل جعفر بن محمد الصندلي قال : نا الفضل بن زياد قال : نا أبو طالب قال : سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل ع

من قال : إن الله عز وجل لم يكلم موسى

؟ فقال : « يستتاب ، فإن تاب وإلا ضربت عنقه » ، وقال أبو عبد الله : سمعت عبد الرحمن بن مهدي في هذه المسألة بعينها يقول : من قال : « إن الله عز وجل لم يكلم موسى ، فهو كافر يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه »

679 - حدثنا أبو محمد عبد الله بن العباس الطيالسي قال : حدثنا إسحاق بن منصور الكوسج قال : قال أحمد : قال عبد الرحمن بن مهدي : «

من قال : إن الله عز وجل لم يكلم موسى

» فيستتاب فإن تاب وإلا قتل « قال محمد بن الحسين رحمه الله : وأما السنن التي جاءت ببيان ما نزل به القرآن أن الله عز وجل كلم موسى عليه السلام ليس بينهما رسول من خلقه ، تعالى الله عما يقول الملحد الذي قد لعبت به الشياطين

680 - حدثنا أبو العباس عبد الله بن صقر السكري قال : حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ، : حدثنا عبد الله بن وهب ح وحدثنا أبو بكر بن أبي داود : حدثنا أحمد بن صالح المصري ، وأبو الطاهر أحمد بن عمرو المصري قالا : حدثنا ابن وهب ، : أخبرني هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

إن موسى عليه السلام قال : يا رب أرنا آدم

الذي أخرجنا من الجنة ، فأراه الله عز وجل آدم عليه السلام ، فقال : أنت أبونا آدم ؟ فقال له آدم : نعم ، قال : أنت الذي نفخ الله عز وجل فيك من روحه ، وعلمك الأسماء كلها ، وأمر ملائكته فسجدوا لك ؟ قال : نعم ، قال : فما حملك على أن أخرجتنا ونفسك من الجنة ؟ قال له آدم : ومن أنت ؟ قال : أنا موسى قال : أنت نبي بني إسرائيل ؟ أنت الذي كلمك الله جل ذكره من وراء حجاب ، ولم يجعل بينك وبينه رسولا من خلقه ؟ قال : نعم ، قال : فما وجدت في كتاب الله عز وجل أن ذلك كان في كتاب الله قبل أن أخلق ؟ قال : نعم قال : فلم تلومني في شيء قد سبق من الله تعالى فيه القضاء قبلي ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك : فحج آدم موسى ، فحج آدم موسى

681 - وأخبرنا الفريابي ، حدثني أبو مسعود أحمد بن الفرات قال : أنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن حميد ، عن الحسن ، عن جندب قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : «

احتج آدم وموسى عليهما السلام فقال موسى : يا آدم

أنت الذي خلقك الله عز وجل بيده ، ونفخ فيك من روحه وأسجد لك ملائكته ، وأسكنك جنته ، وفعلت ما فعلت ، فأخرجت ولدك من الجنة ؟ فقال آدم : أنت موسى الذي بعثك الله برسالته وكلمك ، وآتاك التوراة ، وقربك نجيا ؟ أنا أقدم أم الذكر ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : » فحج آدم موسى ، فحج آدم موسى «

682 - وحدثنا أبو بكر بن أبي داود ، حدثنا أحمد بن صالح ، حدثنا سفيان ، عن عمرو ، عن طاوس ، سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

احتج آدم وموسى فقال موسى أنت آدم أبونا أخرجتنا من

الجنة وأشقيتنا قال له آدم : أنت موسى اصطفاك الله بكلامه ، وخط لك يعني التوراة بيده ، أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة ؟ قال : فحج آدم موسى ، فحج آدم موسى

683 - أخبرنا الفريابي ، حدثنا وهب بن بقية الواسطي ، أخبرنا خالد يعني ابن عبد الله الواسطي عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «

احتج آدم وموسى ، فقال موسى : أنت الذي خلقك

الله بيده ونفخ فيك من روحه ، وأسكنك الجنة ، وأمر الملائكة فسجدوا لك ، ثم أخرجك منها ؟ قال آدم لموسى : أنت الذي اصطفاك الله برسالته وقربك نجيا وكلمك تكليما وأنزل عليك التوراة » وذكر الحديث

684 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي ، حدثنا عبد الوهاب الوراق ، حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم ، عن قيس بن الربيع ، عن عاصم الأحول ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : «

إن الله عز وجل اصطفى إبراهيم عليه السلام بالخلة ،

واصطفى موسى عليه السلام بالكلام ، واصطفى محمدا صلى الله عليه وسلم بالرؤية »

685 - وحدثنا أبو الفضل جعفر بن محمد الصندلي ، حدثنا زهير بن محمد المروزي ، حدثنا عاصم بن علي ، حدثنا قيس بن الربيع ، عن عاصم بن سليمان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال :

إن الله عز وجل اصطفى إبراهيم بالخلة ، واصطفى موسى

بالكلام ، واصطفى محمدا صلى الله عليه وسلم بالرؤية

686 - حدثنا أبو سعيد الحسن بن علي الجصاص ، وأبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قالا : نا الحسن بن عرفة ، ثنا خلف بن خليفة ، عن حميد الأعرج ، عن عبد الله بن الحارث ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «

يوم كلم الله عز وجل موسى عليه السلام كانت عليه

جبة (1) صوف وكمة صوف ، وكساء صوف ، وعصى راع ، ونعلاه من جلد حمار غير ذكي »

__________

(1) الجبة : ثوب سابغ واسع الكمين مشقوق المقدم يلبس فوق الثياب

687 - أخبرنا إبراهيم بن موسى الجوزي ، ثنا يوسف بن موسى القطان ، ثنا علي بن عاصم ، عن الفضل بن عيسى الرقاشي ، حدثني محمد بن المنكدر ، حدثني جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «

لما كلم الله عز وجل موسى عليه السلام من الطور

كلمه بغير الكلام الذي كلمه به يوم ناداه ؟ فقال له موسى يا رب هذا كلامك الذي كلمتني به قال يا موسى إنما كلمتك بقوة عشرة آلاف لسان ، ولي قوة الألسنة كلها ، وأنا أقوى من ذلك »

688 - حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني ، ثنا محمد بن بكار ، ثنا أبو معشر ، عن عبد الرحمن بن معاوية قال : «

إنما كلم الله عز وجل موسى عليه السلام بقدر ما

يطيق موسى من كلامه ، ولو تكلم بكلامه كله لم يطقه شيء »

689 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي قال : ثنا عبد الوهاب الوراق قال : ثنا أبو النضر ، عن معمر ، عن محمد بن كعب القرظي قال :

قالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلام : ما شبهت صوت ربك

تعالى حين كلمك قال : شبه صوت الرعد حين لا يترجع

690 - حدثنا أبو الطيب الحسين بن علي بن صالح الهروي قال : نا أبو بكر أحمد بن محمد بن الحجاج المروزي ، وإسحاق بن إبراهيم بن عبد الرحمن قالا : نا أحمد بن حنبل قال : نا إسماعيل بن عبد الكريم بن معقل بن منبه ، قال : حدثني عبد الصمد بن معقل قال : سمعت وهب بن منبه يقول :

لما اشتد على موسى عليه السلام كربه قال له ربه

عز وجل : ادن مني فلم يزل يدنيه حتى شد ظهره بجذع الشجرة فاستقر وذهبت عنه الرعدة ، وجمع يديه في العصي ، وخضع برأسه وعنقه ، فقال له ربه تبارك وتعالى : إني قد أقمتك اليوم مقاما لا ينبغي لبشر من بعدك أن يقوم مقامك ، أدنيتك مني حتى سمعت كلامي وكنت بأقرب الأمكنة مني قال : وذكر الحديث

691 - حدثنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال : نا الحسن بن حماد سجادة قال : حدثنا عمرو بن هاشم ، عن جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «

إن الله جل سبحانه ناجى موسى عليه السلام بمائة ألف

وأربعين ألف كلمة ، وصايا كلها ، فكان فيما ناجاه أن قال له : يا موسى إنه لم يتصنع المتصنعون إلي بمثل الزهد في الدنيا ، ولم يتقرب المتقربون إلي بمثل الورع (1) عما حرمت عليهم ، ولم يتعبد لي المتعبدون بمثل البكاء من خيفتي قال موسى : يا إله البرية كلها ، ويا مالك يوم الدين ، ويا ذا الجلال والإكرام : وما أعددت لهم وماذا جزيتهم ؟ قال : قال : أما الزاهدون في الدنيا فإني أبيحهم جنتي يتبوءون فيها حيث شاءوا ، وأما الورعون عما حرمت عليهم فإنه إذا كان يوم القيامة لم يبق عبد إلا ناقشته الحساب ، وفتشته عما في يديه إلا الورعين ، وإني أستحيهم وإني أجلهم وأكرمهم وأدخلهم الجنة بغير حساب ، وأما البكاءون من خيفتي فأولئك لهم الرفيق الرفيع الأعلى لا يشاركون فيه »

__________

(1) الورع : في الأصْل : الكَفُّ عن المَحارِم والتَّحَرُّج مِنْه، ثم اسْتُعِير للكفّ عن المُباح والحلال .

692 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : ثنا الحسن بن الصباح قال : حدثني قاسم العمري ، عن عبد الرحمن بن محمد بن حبيب بن أبي حبيب ، عن أبيه ، عن جده قال : شهدت خالد بن عبد الله القسري وهو يخطب فلما فرغ من خطبته وذلك يوم النحر قال :

ارجعوا فضحوا يقبل الله منكم ، فإني مضح بالجعد بن

درهم إنه زعم أن الله عز وجل لم يكلم موسى تكليما ، ولم يتخذ إبراهيم خليلا ، تعالى الله عما يقول الجعد بن درهم علوا كثيرا ثم نزل فذبحه قال محمد بن الحسين رحمه الله : فيما ذكرته من هذا الباب مقنع لمن عقل عن الله جل اسمه وعن رسوله صلى الله عليه وسلم والآثار المذكورة أن الله جل جلاله كلم موسى عليه السلام تكليما ، والكلام من الله جل وعز إلى موسى عليه السلام بلا رسول بينهما

باب الإيمان والتصديق بأن الله عز وجل ينزل إلى سماء الدنيا

كل ليلة قال محمد بن الحسين رحمه الله : الإيمان بهذا واجب ، ولا يسع المسلم العاقل أن يقول : كيف ينزل ؟ ولا يرد هذا إلا المعتزلة وأما أهل الحق فيقولون : الإيمان به واجب بلا كيف ، لأن الأخبار قد صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة » والذين نقلوا إلينا هذه الأخبار هم الذين نقلوا إلينا الأحكام من الحلال والحرام ، وعلم الصلاة ، والزكاة ، والصيام ، والحج ، والجهاد ، فكما قبل العلماء عنهم ذلك كذلك قبلوا منهم هذه السنن ، وقالوا : من ردها فهو ضال خبيث ، يحذرونه ويحذرون منه

693 - حدثنا أبو حفص عمر بن أيوب السقطي قال : نا أبو معمر القطيعي قال قال عباد يعني ابن العوام : قدم علينا شريك واسط فقلنا له : إن عندنا قوما ينكرون هذه الأحاديث : إن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا ، فقال شريك : إنما جاءنا بهذه الأحاديث من جاء بالسنن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة ، والصيام ، والزكاة ، والحج ، وإنما عرفنا الله عز وجل بهذه الأحاديث

694 - وحدثنا أبو سعيد الحسن بن علي الجصاص قال : نا الربيع بن سليمان قال : قال الشافعي رحمه الله : « وليس في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا اتباعها بفرض الله عز وجل ، والمسألة بكيف في شيء قد ثبتت فيه السنة ما لا يسع عالما ، والله أعلم »

695 - وحدثنا أبو محمد عبد الله بن العباس الطيالسي ، حدثنا إسحاق بن منصور الكوسج قال : قلت لأحمد يعني ابن حنبل : ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة ، حين يبقى ثلث الليل الأخير إلى سماء الدنيا ، أليس تقول بهذه الأحاديث ؟ ويراه أهل الجنة يعني ربهم عز وجل ؟ ولا تقبحوا الوجه فإن الله عز وجل خلق آدم على صورته واشتكت النار إلى ربها عز وجل حتى وضع فيها قدمه ، وإن موسى لطم ملك الموت قال أحمد : « كل هذا صحيح » ، قال إسحاق : « هذا صحيح ، ولا يدفعه إلا مبتدع أو ضعيف الرأي »

696 - حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي قال : نا الحسين بن علي الحلواني بطرسوس سنة ثلاث وثلاثين ومائتين قال : سمعت مطرف بن عبد الله يقول : سمعت مالك بن أنس يقول : إذا ذكر عنده الزائغون في الدين يقول : قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : « سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر بعده سننا الأخذ بها اتباع لكتاب الله عز وجل ، واستكمال لطاعة الله ، وقوة على دين الله تعالى ، ليس لأحد من الخلق تغييرها ولا تبديلها ، ولا النظر في شيء خالفها ، من اهتدى بها فهو مهتد ، ومن استنصر بها فهو منصور ، ومن تركها اتبع غير سبيل المؤمنين ، وولاه الله ما تولى ، وأصلاه جهنم وساءت مصيرا » قال محمد بن الحسين رحمه الله : قد روى هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم جماعة كثيرة بسنن ثابتة عند أهل العلم فإن قال قائل : من رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قيل : رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ورواه أبو سعيد الخدري كذلك ، ورواه عبد الله بن مسعود كذلك ورواه عثمان بن أبي العاص كذلك ، ورواه عبادة بن الصامت كذلك ، ورواه رفاعة الجهني كذلك ، ورواه جبير بن مطعم كذلك كل هؤلاء رووه عن النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم بمعنى واحد ، وسنذكر ذلك عنهم بالأسانيد الصحاح التي لا يدفعها العلماء

697 - أخبرنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا أبو الطاهر أحمد بن عمرو المصري قال : أنا عبد الله بن وهب قال : أخبرني مالك بن أنس ، عن ابن شهاب ، عن أبي عبد الله الأغر ، وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا ، حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول : من يدعوني فأستجيب له ؟ ومن يسألني فأعطيه ، ومن يستغفرني فأغفر له »

698 - وأخبرنا ابن أبي داود قال : حدثنا سلمة بن شبيب ، وخشيش بن أصرم ، قالا : حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري قال : أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن ، والأغر أبو عبد الله ، أن أبا هريرة أخبرهما : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « ينزل ربنا عز وجل كل ليلة ، حين يبقى ثلث الليل الآخر إلى سماء الدنيا فيقول : من يدعوني فأستجيب له ، ومن يستغفرني فأغفر له ومن يسألني فأعطيه »

699 - أخبرنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري قال : نا محمد بن سليمان لوين قال : نا إبراهيم بن سعد ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « ينزل الله عز وجل في كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر ، فيقول : من يدعوني فأستجيب له ، من يستغفرني فأغفر له ، حتى يطلع الفجر » فبذلك كانوا يستحبون آخر الليل

700 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : نا أبو الربيع الزهراني قال : حدثنا فليح بن سليمان ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، وأبي عبد الله الأغر صاحب أبي هريرة أنهما سمعا أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ينزل ربنا عز وجل ، حين يبقى ثلث الليل الآخر إلى سماء الدنيا كل ليلة ، فيقول : من يسألني أعطه ، ومن يدعني أستجب له ، ومن يستغفرني أغفر له » فلذلك يفضلون صلاة آخر الليل على أوله

701 - حدثنا أبو حفص عمر بن الحسن بن نصر قاضي حلب قال : حدثنا المؤمل بن إهاب قال : حدثنا مالك بن سعير قال : حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، وأبي سعيد ، عن أبي إسحاق ، عن أبي مسلم الأغر ، عن أبي هريرة ، وأبي سعيد ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي مسلم الأغر ، عن أبي هريرة ، وأبي سعيد قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الله عز وجل يمهل ، حتى إذا كان شطر (1) الليل نزل تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فقال : هل من مستغفر فيغفر له ؟ هل من داع فيستجاب له ؟ هل من تائب فأتوب عليه ؟ حتى ينفجر الفجر »

__________

(1) الشطر : النصف

أقسام الكتاب

1 2    3 4 5 6

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الاعجاز اللغوي بين الماضي والمضارع في حديث ابي ذر من قال لا اله الا الله دخل الجنة وان زنا وسرق وشرب الخمر رغم أنف ابي ذر

  الاعجاز اللغوي  بين الماضي والمضارع في  حديث ابي ذر من قال لا اله الا الله دخل الجنة وان زنا وسرق وشرب الخمر رغم أنف ابي ذر   حديث ابي ذر ...